تراجع غير متوقع لمستوى التفاؤل الاستهلاكي في ألمانيا

نظرة إيجابية للاقتصاد وانخفاض مهم في الدين العام

تراجع غير متوقع لمستوى التفاؤل الاستهلاكي في ألمانيا
TT

تراجع غير متوقع لمستوى التفاؤل الاستهلاكي في ألمانيا

تراجع غير متوقع لمستوى التفاؤل الاستهلاكي في ألمانيا

على غير المتوقع، أظهر استطلاع للرأي الثلاثاء أن المستهلكين الألمان يبدون أقل تفاؤلا مع اقتراب شهر أبريل (نيسان)، مما يشي بأن إنفاق الأسر قد يضعف في النصف الثاني هذا العام، وذلك رغم التوقعات بعودة النمو والنشاط في سوق العمل.
ومن المتوقع أن يكون الطلب المحلي هو الدافع الوحيد للنمو هذا العام في أكبر اقتصاد بأوروبا، إذ يعاني المصدرون في ظل تباطؤ عالمي ونزاعات تجارية وضبابية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وساعد ارتفاع قياسي في التوظيف وزيادات كبيرة في الأجور ومعدلات تضخم معتدلة وتكاليف اقتراض ضئيلة على أن يحل إنفاق الأسر محل الصادرات كأهم دعائم النمو الاقتصادي.
وبلغ مقياس شركة «جي إف كيه» الشهري الاستشرافي لأبحاث السوق 10.4 نقطة لشهر أبريل، مقارنة بمعدل بلغ 10.7 نقطة لشهر مارس (آذار) الجاري، وجاء ذلك دون توقعات تبلغ 10.8 نقطة. وأظهر استطلاع للرأي شمل نحو ألفي شخص أن تفاؤل المستهلكين الألمان يتراجع قليلا بعد انطلاقة عام متفائلة. وأظهر المسح تراجعا طفيفا في توقعات الدخل، وهوى الاستعداد للشراء إلى أدنى مستوى له في أكثر من عامين.
وأشارت «جي إف كيه» إلى أن الفجوة «تقلصت مجددا» بين تنامي توقعات المستهلكين للظروف الاقتصادية المتغيرة وتراجع الظروف المرتبطة بالإيرادات، على وقع أداء قوي لسوق العمالة.
وعلى الجانب الإيجابي، بلغ مؤشر آفاق الاقتصاد 11.2 نقطة، مرتفعا سبع نقاط عن مستواه في مارس، ما ينهي خمسة شهور متتالية من التراجع، بحسب معهد الأبحاث البارز الذي يتخذ من مدينة نورنبيرغ مقرا. وارتفعت معنويات قادة عالم المال والأعمال الألمان في مارس بعدما تراجعت على مدى ستة أشهر متتالية، بحسب ما أفاد معهد «ايفو» في ميونيخ الاثنين.
وأوضح بيان «جي إف كيه» أن «الشهور المقبلة ستظهر إن كانت هذه بداية تحول». وأفاد المستطلعون أن المستهلكين «لا يتوقعون أن تدخل ألمانيا في فترة ركود هذا العام».
لكنهم يتوقعون تباطؤا ملحوظا في الاقتصاد، على غرار لجنة «الحكماء» التي تقدم النصح للحكومة، والتي خفضت توقعاتها لنمو إجمالي الناتج الداخلي لهذا العام إلى 0.8 في المائة فقط.
ولا تزال معدلات البطالة في ألمانيا متدنية بمستويات تاريخية، فبلغت نسبة العاطلين عن العمل في فبراير (شباط) الماضي 5 في المائة فقط.
وسيواصل الاستهلاك الخاص دعم النمو في ألمانيا، لكن ذلك يعتمد على عدم تزايد قلق المستهلكين في ظل مفاوضات بريكست والتوترات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بحسب «جي إف كيه».
من جهة أخرى، كشف المكتب الاتحادي للإحصاء بألمانيا عن تراجع ديون الحكومة الاتحادية والولايات الألمانية والمحليات، وكذلك التأمينات الاجتماعية لدى البنوك أو الشركات الخاصة في نهاية العام الماضي بنسبة 2.7 في المائة، على نحو يقل عما تم رصده في عام 2017.
وبحسب بيانات أولية للمكتب تم نشرها الثلاثاء، بلغت الديون في نهاية العام الماضي 1914.3 مليار يورو. وقال متحدث إن تراجع الديون شمل جميع قطاعات الميزانيات العامة، موضحا أن ديون الحكومة الاتحادية تراجعت بقيمة 29.1 مليار يورو، أي ما يعادل نسبة 2.3 في المائة، وانخفضت إلى 1213.4 مليار يورو. وبذلك استطاعت الحكومة خفض سندات الدين الخاصة بها بقيمة 19.3 مليار، يورو أي ما يعادل نسبة 28.7 في المائة، واستطاعت خفض قروضها بقيمة 1.4 مليار يورو، أي ما يعادل 3.1 في المائة.
وأشار المكتب إلى أن ديون الولايات الألمانية بلغت 570.7 مليار يورو في نهاية عام 2018. لافتا إلى أن جميع الولايات الألمانية استطاعت خفض ديونها ما عدا هامبورغ وشليزفيغ - هولشتاين وبريمن. وتم إرجاع سبب زيادة الدين بنسبة 5.2 في المائة في ولاية شليزفيغ - هولشتاين وبنسبة 5 في المائة في هامبورغ بصفة خاصة إلى بيع بنك هامبورغ التجاري الشمالي (إتش إس إتش).
وفي المقابل شهدت ولاية بافاريا جنوبي البلاد أعلى نسب تراجع في الديون بين الولايات الألمانية بنسبة 13.9 في المائة، وتلتها ولاية سكسونيا بنسبة تراجع تبلغ 9.4 في المائة، ثم تورينغن التي تراجعت بها الديون بنسبة 7.4 في المائة.
وأضاف المكتب أن ديون البلديات انخفضت بنسبة 5.6 في المائة في نهاية العام الماضي، مقارنة بالربع الأخير من العام الذي يسبقه وبلغت 129.7 مليار يورو. وأشار المكتب إلى أن ولايات هيسن وسكسونيا وتورينغن شهدت تراجعا قويا للغاية في الديون، فيما شهدت ولايتا سكسونيا السفلى وبادن - فورتمبرغ زيادة في ديون البلديات بهما.


مقالات ذات صلة

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

آسيا شيغمي فوكاهوري أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945 (أ.ب)

كرّس حياته للسلام... رحيل ناجٍ من قنبلة ناغازاكي النووية عن 93 عاماً

توفي شيغمي فوكاهوري، أحد الناجين من القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة ناغازاكي عام 1945، والذي كرَّس حياته للدفاع عن السلام، عن عمر يناهز 93 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم جنود يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى السبعين لهدنة الحرب الكورية في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 27 يوليو 2023 (رويترز)

قوات كورية شمالية قد تشارك باحتفالات روسيا في الانتصار بالحرب العالمية الثانية

قال مسؤول روسي كبير إنه يعتقد بإمكانية مشاركة جنود كوريين شماليين في العرض العسكري في الساحة الحمراء العام المقبل، في ذكرى الانتصار بالحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».