بشتني... مدينة سلوفاكية تفخر بأن من يدخلها واهناً يخرج متعافياً

تتقن تفصيل السياحة العلاجية حسب متطلبات زوارها وجنسياتهم

موقع الجزيرة ساعد على تجميل سُمعتها لأنه يكسبها خلفية ناصعة البياض شتاء ومتوهجة الألوان ربيعاً وصيفاً
موقع الجزيرة ساعد على تجميل سُمعتها لأنه يكسبها خلفية ناصعة البياض شتاء ومتوهجة الألوان ربيعاً وصيفاً
TT

بشتني... مدينة سلوفاكية تفخر بأن من يدخلها واهناً يخرج متعافياً

موقع الجزيرة ساعد على تجميل سُمعتها لأنه يكسبها خلفية ناصعة البياض شتاء ومتوهجة الألوان ربيعاً وصيفاً
موقع الجزيرة ساعد على تجميل سُمعتها لأنه يكسبها خلفية ناصعة البياض شتاء ومتوهجة الألوان ربيعاً وصيفاً

كما تتنوع أهداف السياحة تتنوع وجهاتها. فمنها ما هدفه الاستكشاف وزيارة المعالم التاريخية، ومنها ما هو للتسوق كما منها ما هو للعلاج والنقاهة والراحة والاستجمام، وهو ما يعرف بـ«السياحة العلاجية»، التي تشتهر بها مناطق أكثر من غيرها، نظرا لطبيعتها وتسهيلاتها وخدماتها.
واحدة من هذه المدن، بشتني Piestany السلوفاكية، التي اكتسبت سُمعتها ومكانتها بفضل «طينها» المعدني و«مائها» الكبريتي وينابيعها الدافئة وأملاحها الطبيعية. رغم صغر حجمها، أصبحت قبلة لمن يسعون إلى العلاج أو فقط الراحة لما تمتاز به من طبيعة خلابة وسكينة، رغم أن أبناءها يرددون أنها ليست جديدة في هذا المجال. يؤكدون أن منافعها الصحية اشتهرت منذ حقب قديمة، وبأن مدينتهم من الوجهات التي قصدها ملوك أوروبا وأمرائها ومهاراجات الهند؛ حيث إن تشييد إحدى مصحاتها، ويحمل اسم نابليون، لأن جنود الإمبراطور الفرنسي كانوا يقصدونها للنقاهة واستعادة قواهم، يعود للعام 1822، في التاريخ الحديث، أصبحت وجهة للأثرياء العرب، الذي يبحثون منذ سبعينات القرن الماضي على وجهات تقدم خدمات العلاج البديل. وبالفعل لا تبخل المنطقة عليهم بأي شيء، من العلاجات المتطورة إلى الطبيعة الخلابة.
مما يُحسب لهذه الجزيرة الصغيرة مساحة، أنها عرفت كيف تستغل قدراتها الطبيعية لتصبح وجهة سياحية وعلاجية مهمة؛ حيث شيدت فيها سلسلة من الفنادق الفخمة والمصحات العلاجية، التي تستغل طين ومياه ينابيعها لجذب الزوار وخدمتهم ليلا ونهارا. ولا يختلف اثنان أن أبناء المدينة توارثوا خبرة واسعة في استخدام الثروات الطبيعية عبر الأجيال وحسن الضيافة، إلى حد أن بشتني تُعرف حاليا باسم «الجزيرة العلاجية».
ولا شك أن موقعها على ضفتي نهر الفاخ، وأسفل جبل Povazie ساعد على تجميل سُمعتها، لأنه يكسبها خلفية ناصعة البياض شتاء، ومتوهجة الألوان ربيعا وصيفا، في تنوع ساحر ومثير. أما من حيث المساحة، فهي لا تنكر أنها صغيرة جدا، بحيث يفصلها عن وسط المدينة جسر قصير لا يتجاوز طوله مائة متر يقف على مدخله نصب ضخم على هيئة رجل يحطم عصاه، في رمزية أن من يدخل مصحاتها متوكئا على عصا لن يحتاجها عند مغادرته لها.
يوجد ببشتني سلسلة من الفنادق التي تتباين أسعارها حسب نجومها، وفيما لا تزال آثار المعمار الشيوعي (العمارة الستالينية) ومباني ما بعد الحرب الرمادية منتشرة في معظم أنحائها، فإن الحال جد مختلف في قصر «ثيرميا» الذي يعود تاريخه إلى عام 1912، فقد شُيد على نمط «الآرت نوفو» محاطا بطبيعة خلابة تحدها جبال وتعلوها أشجار الزيزفون بأزهارها العنقودية البيضاء ورائحتها العطرة. واللافت أنه شُيد فوق ينبوع طبيعي تم اكتشافه صدفة، حسب ما يرويه أبناء المدينة. يقولون إنه كان سبب شفاء طاووس عجوز كان المرض قد أقعده، لكنه ما إن تمرغ في طينه دون قصد حتى تعافى واستعاد شبابه. ولهذا تم اتخاذ الطاووس شعارا للقصر؛ حيث تنتشر صوره في كل جنباته. الآن تحول القصر إلى فندق علاجي من فئة الـ5 نجوم، يفتح أبوابه ويقدم خدماته للنخبة والطبقات الثرية.

- بين فيينا وبراتسلافا
مما يزيد من جاذبية بشتني قربها من العاصمة السلوفاكية براتسلافا التي لا تبعد عن العاصمة النمساوية فيينا.
فهما، أي فيينا وبراتسلافا، عاصمتان متجاورتان لا يفصلهما سوى 55 كيلومترا. أمر يعني سهولة التنقل من وإلى بشتني أثناء فترة العلاج بالجزيرة، لا سيما خلال العطلة الأسبوعية إذا كانت النية البحث عن التغيير والمزيد من الترفيه والثقافة وفرص التسوق. فالأسعار معقولة جدا بالمقارنة بسبب انخفاض قيمة العملة السلوفاكية.
- من فيينا إلى براتسلافا، التي تعتبر المطار الرئيسي للبلاد، تتوفر كل وسائل المواصلات من طائرات وقطارات وحافلات عمومية، علما بأن المسافة بالسيارة لا تستغرق أكثر من ساعة وبضع دقائق إلى بشتني.
- يستخدم المطبخ السلوفاكي الكثير من الخضراوات التي يتفنن أهلها في تحضيرها كالملفوف، الذي يعدون منه حساء شهيا ومخللات. وحتى الباستا عندهم يصنعونها من دقيق البطاطس.
كما تنتشر في المنطقة أكشاك صغيرة تُباع فيها أنواع شتى من المعجنات صغيرة الحجم تخبز في أفران «جوالة» لتباع طازجة ساخنة، فضلا عن أكشاك لبيع أنواع كثيرة من الأجبان بعضها مخلوط بـ«الشطة» والفلفل الحار وبعضها مدخن أو مقلي.
- دولة سلوفاكيا من الدول الموقعة على اتفاقية شينغن للحدود الأوروبية المفتوحة ما يسهل التنقل بين دولها بتأشيرة واحدة.
- تكثر صيفاً المهرجانات المفتوحة والحفلات الموسيقية وتنتشر موائد الأطعمة الشعبية في الطرقات.
- رغم أن للسلوفاك عملتهم فإن اليورو متداول.

- برامج وجداول ودقة ونشاط
> قبل السؤال عما تقدمه منتجعات المدينة من علاجات بادرت بالسؤال عن الجو العام، لا سيما أن الإقامة قد تطول وفقا للإمكانات، ووفقا لفاعلية العلاج ووفرة فرص للنزهة والتغيير.
بلغة عربية سليمة، أجابت موظفة تخرجت في معهد للغات وتمرنت على إجادة لغة الضاد بقاهرة المعز بأن الضيوف هنا يأتون لقضاء عطلة يبحثون فيها عن الاستجمام والراحة أو عن حلول لمشكلات صحية تتم في أجواء ممتعة من خلال برامج مكثفة. قد تشمل هذه البرامج تمارين رياضية يتم تفصيلها على مقاسهم، أو نزهات فردية يقومون بها بين أحضان الطبيعة، تتجدد في كل يوم طوال فترة الإقامة.
فلكل ضيف برنامج محدد قد لا تزيد فقراته على 4 في اليوم، حتى يبقى له متسع من الوقت للتجول بالمدينة أو فقط الخلود إلى النفس في حدائقها أو مقاهيها المترامية. وطبعا تُفسح لهم المجال أيضا للتسوق. فهي تتمتع بأسواق توفر بضائع محلية وتقليدية، كما تتوفر على فروع لمحلات عالمية. جولة بسيطة في المدينة تُشعرك بأنها هيأت نفسها لاستقبال مختلف الجنسيات والمذاقات. فهي، مثلا تتوفر على عدد لا يستهان به من المقاهي والمطاعم التي تقدم اللحم الحلال والقهوة العربية والشيشة والعصائر الطازجة. بل هناك «ديوانية» كويتية صيفية، جزء منها للنساء وجزء آخر للرجال. والمثير للنظر أنه رغم أن سلوفاكيا، مثل باقي الدول الأوروبية المجاورة، لم تسلم من موجات اليمين المتطرف والإسلاموفوبيا فإن بشتني بالذات تفخر بتسامحها واحتضانها للآخر، وهو ما تشهد عليه شجرة أطلقوا عليها اسم «شجرة التسامح» تم غرسها أمام متجر تركي سبق أن تعرض لهجوم يميني متطرف، في دلالة واضحة على رفض التطرف بكل أشكاله، وتقبل الآخر. في كل المنتجعات والمصحات تلمس هذا الاحتضان. فمثلا تحرص كلها على مراعاة طلبات روادها المسلمين، بدءا من توفير مسابح منفصلة إلى أغطية لستر الجسم حتى في مواقع العلاج الفردي.


مقالات ذات صلة

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
TT

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)

تعدّ الصحاري من أكثر المغامرات إثارةً في العالم، فبعيداً عن الاعتقاد بأنها مجرد مساحات من الفراغ الشاسع، تكشف هذه الوجهات عن سلاسل جبلية وحياة برية فريدة، وثقافات تقليدية، ومناظر طبيعية خلابة مطلية بألوان نقية متنوعة.

وترتبط مصر في الأذهان بمجموعة من الأماكن الأثرية المتفردة المختلفة، لكنها إلى جانب ذلك تحتضن أمكنة لا مثيل لها، فهي أيضاً موطن «الصحراء البيضاء»، التي تتميز بعجائب جيولوجية تقدم للزائر مغامرةً فريدةً، تشعرك عبر تفاصيلها وكأنك تطأ كوكباً آخر؛ لذلك فهي مثالية للذين يبحثون عن قضاء عطلة لا تسقط من الذاكرة.

اُختيرت «الصحراء البيضاء» من قبل موقع «Trip Advisor» المختص بشؤون «السياحة والسفر»، لتتصدر المركز الأول لأفضل وأغرب 20 موقعاً سياحياً فريداً على مستوى العالم؛ فتلك الصحراء الواقعة في «واحة الفرافرة» بمحافظة الوادي الجديد، على مسافة نحو 500 كيلومتر من القاهرة، من أفضل المقاصد السياحية في مصر.

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

وتُعدّ الصحراء البيضاء «محمية متنزه وطني» وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (LUCN)، وتتلخص خصائصها في أنها من المَعالم الطبيعية المهمة، كما تعدّ مصدر دخل مهماً لأهل الواحات، فضلاً عن كونها تمثل قيمةً تاريخيةً وأثريةً كبيرةً.

يُغيِّر لك هذا المكان، الذي يشغل مساحة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع، مفهومَك التقليدي للصحراء بوصفها «مجرد» مكان من الكثبان الرملية والحرارة المرتفعة؛ فحين تزورها تُفاجأ بأن اللون الأبيض يغطي معظم أرجائها؛ وهو سر تسميتها، تستقبلك تكويناتها الصخرية التي تتخذ شكلا ًسريالياً، بعضها على هيئة أشكال مألوفة مثل عيش الغراب، وبعضها يتمتع بأشكال غير معروفة؛ ما جعلها تشبه المناظر الطبيعية الثلجية.

سيأخذك المكان إلى عصور قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، وستتخيل تلك اللحظات التي هبَّت عليها الرياح القوية خلال هذه العصور، وأسهمت في إنشاء هذه التكوينات.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

وأنصحك بمشاهدة هذه التكوينات النحتية عند شروق الشمس أو غروبها خصوصاً، فعندما تضيئها الشمس بظلالٍ ورديةٍ برتقاليةٍ، أو عندما يكتمل القمر، يضفي ذلك على المناظر الطبيعية مظهراً قطبياً وكأنه شبح ضخم، فتشعر بمزيد من أجواء الإثارة والمغامرة.

ستستحوذ الرمال المحيطة بالنتوءات الصخرية على اهتمامك، إذ ستجدها مليئة بالكوارتز، وأنواع مختلفة من البيريت الحديدي الأسود العميق، بالإضافة إلى الحفريات الصغيرة.

على مقربة من هذه التكوينات يوجد جبلان مسطحان يطلق عليهما بعض المرشدين السياحيين اسم «القمتين التوأم»، وهما نقطة رئيسية للمسافرين، وتعدّ هذه المنطقة وجهةً مفضلةً لدى منظمي الرحلات السياحية المحليين، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الخلابة من أعلى التلال المتناظرة المحيطة، التي تتخذ جميعها شكل تلال النمل العملاقة.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

بعد ذلك مباشرة، ستجد طريقاً شديد الانحدار؛ وهو الممر الرئيسي الذي يؤدي إلى منخفض الفرافرة، ويمثل نهاية «الصحراء البيضاء»، لكن هذا لا يعني أن رحلتك انتهت؛ فثمة أماكن ونشاطات أخرى يمكن أن تمارسها.

يستطيع عشاق الحياة البرية، أو الاختصاصيون الاستمتاعَ بمشاهدة الحيوانات البرية النادرة المُهدَّدة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والكبش الأروي، كما تضم المحمية بعض الأشجار الصحراوية.

لا ينبغي أن تفوتك زيارة جبل الكريستال، وهو في الواقع صخرة كبيرة مكونة بالكامل من الكوارتز، ويقع الجبل بجوار الطريق الرئيسي، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال الفتحة الكبيرة في منتصفه.

الصحراء البيضاء (أدوب ستوك)

أيضاً لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمل السماء ومراقبة النجوم، انغمس في عجائب هذا المكان الرائع ليلاً، فعندما تتحول السماء إلى اللون الوردي ثم أعمق درجات اللون البرتقالي الناري، بعد الغروب، ستتلاشى الأشكال الصخرية، ويحل الصمت في كل مكان، في هذه اللحظة ستجد البدو يدعونك إلى الجلوس حول نار مشتعلة، والاستمتاع بالدجاج المدفون، وكوب الشاي الساخن، في أثناء التخييم بالمكان.