زيادة موجات الحر في أكثر من 50 % من بحار العالم

أصبحت تمثل خطراً على كثير من المناطق التي تتميز بالتنوع البيئي

زيادة موجات الحر في أكثر من 50 % من بحار العالم
TT

زيادة موجات الحر في أكثر من 50 % من بحار العالم

زيادة موجات الحر في أكثر من 50 % من بحار العالم

قال فريق دولي من الباحثين إن بحار العالم أصبحت تتصبب عرقاً أكثر فأكثر، حيث ارتفعت نسبة الأيام التي شهدت موجات حر خلال العقود الثلاثة الماضية بأكثر من 50 في المائة، مقارنة بمنتصف القرن العشرين.
وحذر الباحثون من العواقب الوخيمة لهذه الموجات على الأنظمة البيئية للأرض، حسبما جاء في دراسة شاملة نشرت في العدد الأخير من مجلة «نيتشر كلايمت تشينج» المعنية بأبحاث التغير المناخي.
وأكد الباحثون أن هذه الموجات الحارة تمثل خطراً على كثير من المناطق التي تتميز بالتنوع البيئي في المحيطات الهادي والأطلنطي والهندي.
وقال الباحثون إن كثيراً من الأنواع الحية في هذه المناطق تعيش بالفعل في ظل أقصى ما تستطيع تحمله من درجات الحرارة المرتفعة، وإنها لا تحتمل أي ارتفاع آخر في درجة الحرارة.
كما حذر الباحثون في دراستهم من أن الأنظمة الطبيعية في هذه المناطق تعاني أيضاً من تأثيرات بشرية أخرى، مثل الصيد الجائر أو التلوث.
ومن المعروف للعلماء منذ فترة طويلة أن هناك موجات حر، ليس على اليابسة فحسب، بل في البحار أيضاً، حيث ذكر باحثون تحت إشراف إريك أوليفر من جامعة دالهوسي بمدينة هاليفاكس في كندا، في دراستهم التي نشروها العام الماضي، أن وتيرة وقوع موجات الحر ازدادت منذ عام 1925 بنسبة 34 في المائة، وأكد معدو الدراسة أن عدد الأيام التي تحسب ضمن أيام الموجات الحارة ارتفع بنسبة 54 في المائة.
ويعرف الباحثون موجة الحر بأنها الفترة الزمنية التي تتجاوز فيها درجة حرارة السطح القيمة المعروفة لهذه المنطقة بقدر معين، وذلك على مدى 5 أيام متتالية على الأقل.
وأشارت وكالة الأنباء الألمانية إلى أن هذه البيانات تأكدت من خلال الدراسة الحالية التي أعدها الفريق الدولي للباحثين تحت إشراف دان سمول، من جمعية مارينا بايولوجيكال أسوسيشن البريطانية.
وحسب الدراسة الحالية، فإن نسبة الأيام التي شهدت موجات حر في الفترة بين عامي 1987 و2016 ارتفعت بنسبة 54 في المائة تقريباً، مقارنة بأيام موجات الحر في الفترة بين عامي 1925 و1954.
وحاول الباحثون في تحليلات أخرى معرفة تداعيات ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل دقيق، حيث عرفوا على سبيل المثال المناطق التي ترتفع فيها نسبة أيام موجات الحر، خصوصاً في المناطق ذات التنوع الغني، وتبين لهم أن ذلك يحدث بشكل خاص في جنوب أستراليا وفي الكاريبي وفي النطاق الساحلي لمنطقة وسط المحيط الهادي وشرقه.
ففي مناطق جنوب غربي المحيط الهادي، طالت موجات الحر مناطق توجد فيها أنواع كثيرة تعيش بالفعل عند أقصى درجة حرارة محتملة بالنسبة لها.
وفي مناطق شمال شرقي المحيط الهادي ووسطه وغربه، وكذلك شمال غربي المحيط الهادي، طالت الموجات مناطق تعاني بالفعل من الصيد الجائر والتلوث، ما يهدد الأنظمة البيئية هناك بشكل شديد.
وأوضحت دراسات أخرى عن موجات الحر التي وقعت في السنوات الماضية مدى العواقب البيئية بعيدة المدى لهذه الموجات، حيث تبين للباحثين من خلال هذه الدراسات مدى الخطر الذي تتعرض له الطيور جراء هذه الموجات، وذلك بسبب عدم توفر الصيد الذي تعيش عليه بالشكل الأمثل الذي كان متوفراً في الماضي.
كما تبين للباحثين أن الشعاب المرجانية تتأثر هي الأخرى جراء هذه الموجات، وذلك لأن الحرارة المرتفعة تزيد من احتمال اصفرار هذه الشعاب.
كما أكدت بيانات بعيدة المدى إضافة لذلك أن تزايد الأيام التي تشهد موجات حر يخفف من كثافة أعشاب البحر والكتل البيولوجية.
وقال معدو الدراسة الحالية إن الباحثين الذين درسوا في السابق آثار ارتفاع درجة حرارة الأرض على النظام البيئي لها كانوا يركزون على التوجهات السائدة، خصوصاً فيما يتعلق بالمعدلات السائدة لهذه الموجات.
غير أن الباحثين أكدوا ضرورة أخذ النتائج المؤقتة للأحداث القارية أيضاً في عين الاعتبار، لأنها يمكن أن تغير بنية الأنظمة الحيوية ووظيفتها بشكل مفاجئ ومأساوي.


مقالات ذات صلة

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

شمال افريقيا متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

أغرقت مياه الأمطار شوارع عديدة في غرب ليبيا، كما طوقت محيط مستشفى ترهونة التعليمي، وعزلت عديد المنازل، وسط جريان أودية وتحذير من «فيضانات محدودة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تكنولوجيا أعلنت «غوغل» الأميركية ابتكار أداة ذكاء اصطناعي «جين كاست» قادرة على توفير توقعات متعلقة بالطقس على مدى 15 يوماً بدقة غير مسبوقة (متداولة)

«غوغل» تبتكر وسيلة ذكاء اصطناعي توفر توقعات جوية بدقة غير مسبوقة

أعلنت شركة غوغل الأميركية، اليوم الأربعاء، ابتكار أداة ذكاء اصطناعي قادرة على توفير توقعات متعلقة بالطقس على مدى 15 يوماً بدقة غير مسبوقة.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
بيئة رجل يركب دراجة هوائية في شارع غمرته المياه جنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تقرّ «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» في الظروف السيئة

أقرت الحكومة الإسبانية اليوم (الخميس) «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» لأربعة أيام لتجنب تنقل الموظفين في حال وجود تحذير بسبب سوء الأحوال الجوية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)

موجة باردة مفاجئة تعيد حياة سكان الرياض إلى الأجواء الشتوية

شهدت العاصمة السعودية الرياض، ومعظم المناطق الوسطى من البلاد، تغييراً مفاجئاً في طقسها.

بدر الخريف (الرياض)
الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».