المستوطنون يطالبون ببناء معبد يهودي على باب الأقصى

الجيش يحذِّر الحكومة من قرارات مستفزة للفلسطينيين خوفاً من الانفجار

المستوطنون يطالبون ببناء معبد يهودي على باب الأقصى
TT

المستوطنون يطالبون ببناء معبد يهودي على باب الأقصى

المستوطنون يطالبون ببناء معبد يهودي على باب الأقصى

انتظم عدد من الحركات الاستيطانية والتهويدية الإسرائيلية في حملة لاستخدام المعركة الانتخابية من أجل بناء معبد يهودي قرب باب الرحمة، على أحد مداخل المسجد الأقصى المبارك. وطالبت هذه التنظيمات الحكومة بالسماح لها بإقامة مظاهرات جماهيرية لطرح هذا المطلب بشكل واسع وإعادة إغلاق باب الرحمة، الذي فتحه أهالي القدس.
وقد أعلن ناطق بلسان الحكومة تأييده قرار إعادة إغلاق باب الرحمة ولم يعترض على فكرة إقامة معبد، وكذلك لم يبدِ موافقة عليها. وفي الوقت نفسه، راح يتباهى بالنشاطات التي قامت بها الحكومة لتهويد القدس ولجم ما سماه الإرهاب الفلسطيني.
من جهة أخرى، ذكرت مصادر سياسية أن الجيش الإسرائيلي حذّر الحكومة من احتمال حدوث تصعيد أمني في الضفة الغربية، بسبب قرارات تتخذها الحكومة على خلفية الانتخابات العامة للكنيست، خصوصاً مع تفاقم الوضع الاقتصادي السيئ في الأراضي المحتلة. وأشار الجيش في سياق القرارات الإسرائيلية التي من شأنها أن تقود إلى تصعيد، إلى قرار خصم نصف مليار شيكل من عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية بزعم دفعها رواتب الأسرى وأسر الشهداء. وشدد على أن هذا القرار اتُّخذ بدوافع سياسية حزبية متعلقة بانتخابات الكنيست. ويسود اعتقاد في أجهزة الأمن الإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية لن تتوقف عن دفع رواتب الأسرى، وأن إيقاف هذه الرواتب من شأنه أن يثير نقمة بين الأسرى، ويمكنها أن تفجّر الأوضاع في السجون، وهذا بدوره يؤثر إلى إشعال الشارع الفلسطيني.
ونقل عن مصادر في أجهزة الأمن، قولها، إنه توجد أسباب أخرى قد تقود إلى تصعيد في الضفة، بينها تغيير القيادة الفلسطينية. وقال أحد هذه المصادر إن «القيادة الحالية ضعيفة وتمتنع عن القيام بخطوات ملموسة ضد إسرائيل»، وهذا الأمر أدى إلى «أزمة ثقة» مع سكان الضفة. وأضاف أن هذه الأزمة يمكن أن تؤدي إلى انقلاب في السلطة، وكذلك إلى اندلاع أعمال عنف بين الفلسطينيين في الضفة، وأن أجهزة الأمن الإسرائيلية استعرضت، مؤخراً، أمام المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، تقارير حول سيناريوهات يمكن أن تقود إلى اشتعال الوضع في الضفة. وقالت تقارير إن الوضع قد ينفجر في أعقاب حدث على خلفية قومية ويتحول إلى مواجهة على خلفية دينية، مثل إعادة نصب بوابات إلكترونية لاكتشاف المعادن عند مداخل الحرم القدسي، أو أحداث حول المسجد الأقصى يسقط فيها عدد كبير من الشهداء، أو حدوث استياء كبير بين الفلسطينيين إثر طرح الإدارة الأميركية خطة «صفقة القرن».
واعتبرت أجهزة الأمن أن اندلاع مواجهات في الضفة من شأنه أن يعزز مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وحسب المصادر الأمنية الإسرائيلية، فإن عباس يستخدم وضع السلطة الاقتصادي، بعد تقليص ميزانيتها بمليار دولار تشكل 20% من الميزانية، في العام الماضي، من أجل إثارة حالة غليان بين الجمهور الفلسطيني ضد إسرائيل وضد حركة «حماس» أيضاً. وقال مصدر أمني إسرائيلي رفيع إنه «فيما السلطة لا تنجح في دفع الجمهور إلى التظاهر من أجل موضوعات سياسية أو سياسية داخلية، يخرج الفلسطينيون إلى شوارع بحشود كبيرة عندما غيّر عباس قوانين التقاعد ومس بجيب الفلسطينيين».
وتشير تحليلات أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى أن الشعور بين الفلسطينيين، منذ إقامة جدار الفصل العنصري، هو فقدان الأمل، بسبب عدم وجود أفق سياسي بالإمكان التمسك به. وحسب هذه التحليلات، فإن عباس يواجه مصاعب في طرح معطيات اقتصادية مشجعة، كما أن الجمهور الفلسطيني ينظر إلى «صفقة القرن» على أنها مؤامرة إسرائيلية – أميركية. ولذلك فإن عباس عالق بين انعدام القدرة على العمل ضد إسرائيل، التي تدير ظهرها إليه، وبين الحاجة إلى إظهار إنجازات للجمهور الفلسطيني.
وإزاء الوضع الاقتصادي الصعب في الضفة، قالت الصحيفة إن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) والجيش الإسرائيلي يطلبان تخفيف شروط دخول نحو 100 ألف عامل فلسطيني يعملون داخل «الخط الأخضر» وفي المستوطنات. وفي موازاة الوضع في الضفة، فإن الوضع في قطاع غزة قابل للاشتعال بشكل كبير، وهناك احتمال كبير لتصعيد بين إسرائيل و«حماس». ونُقل على لسان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، قوله إنه ينبغي الاستعداد في الجبهة مع غزة في الأمد القريب، وأنه صادق على خطط عسكرية لشن عدوان على غزة.
وتتحسب دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من أن «حماس» تسعى إلى تصعيد من أجل طرح قضية الوضع الإنساني المتردي في القطاع على الأجندة الدولية، بعد أن وصلت المحادثات بهذا الخصوص إلى طريق مسدود. وتولي أجهزة الأمن الإسرائيلية أهمية كبرى لاحتمال تفجر الوضع في الضفة، حتى لو كان ذلك محدوداً، لأن الجيش سيضطر إلى نقل قوات كبيرة إلى الضفة، من أجل حماية المستوطنات ومنع دخول فلسطينيين إلى داخل «الخط الأخضر».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.