بري يتجه إلى استجواب الحكومة حول آلاف التوظيفات العشوائية

بري خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة
بري خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة
TT

بري يتجه إلى استجواب الحكومة حول آلاف التوظيفات العشوائية

بري خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة
بري خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة

بدأت قضية التوظيفات العشوائية التي سجّلت في العام 2018 تأخذ طريقها إلى المحاسبة في موازاة وعود المسؤولين المؤكدة على مكافحة الفساد. إذ وبعدما أعلن رئيس البرلمان نبيه بري أن هذه القضية لن تمر مرور الكرام ونقل عنه نيته عقد جلسات مساءلة برلمانية واستجواب للحكومة، تسلّم أمس من رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان تقرير التفتيش المركزي حول هذه الوظائف.
وأتى ذلك بعدما كان بري أكد أمام مجلس نقابة الصحافة يوم أول من أمس، معلومات أشارت إلى توظيف خمسة آلاف موظف، قائلاً: «هذا الكلام أكثر من صحيح. لأن هذا العدد هو في الوظائف المدنية فقط من دون القوى الأمنية في وقت ينص قانون الموازنة على وقف كل شيء يتعلق بتعاقد أو بتعيين أو بتوظيف قبل أن نقوم بكشف على الوظائف».
وأكد كنعان بعد لقائه بري أمس أنّ «الاجتماع كان له علاقة بالموضوع المالي وتحديداً مسألة التوظيف»، وقال: «حملت معي التقرير النهائي الصادر عن التفتيش المركزي وبات في عهدة الرئيس بري بالإضافة إلى تقرير مجلس الخدمة المدنية. وذاهبون إلى النهاية في مسألة المساءلة والمحاسبة ولا سقف لدينا إلا سقف القانون»، معتبرا أن «البعض يركّز على الأرقام فيما المشكلة في مخالفة القانون وتحديدا للمادة 21 من سلسلة الرتب والرواتب التي تمنع التوظيف والتعاقد».
وفي هذا الإطار، أوضح النائب في «التيار الوطني الحر» وعضو لجنة المال والموازنة سليم عون أن المعطيات تشير إلى توظيف 5 آلاف شخص، ألف منهم بقرار من الحكومة التي تجمع مختلف الأفرقاء السياسيين، فيما تم التعاقد مع أربعة آلاف آخرين بشكل سري في وزارات عدّة. ومع إقراره بأن الحالتين تندرجان تحت خانة مخالفة القانون، فإنه ميّز بين الأولى والثانية، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «في الحالة الأولى يفترض أن يحاسب مجلس الوزراء وليس المتعاقد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحاجة لهم أحيانا تبرّر توظيفهم، بينما في الحالة الثانية لا بد من إجراء دراسة تفصيلية للحالات واتخاذ القرار المناسب بشأنها».
ولفت إلى أن الخطوة التالية بعد انتهاء تقرير التفتيش المركزي هي في دراسة لجنة المال والموازنة له بشكل تفصيلي الأسبوع المقبل، على أن ترفع توصياتها إلى الحكومة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.
ورداً على سؤال حول كيفية التعامل مه هؤلاء الموظفين كان كنعان قد أكد أنهم متعاقدون وليسوا موظفين، مضيفاً: «ستكون هناك معالجة عادلة تأخذ في الاعتبار القوانين من جهة والأوضاع من جهة أخرى، فإذا كان هناك حاجة في الملاك في مكان ما سنرى، وإذا لم يكن فسيوقف هذا التعاقد».
وشدد على أن «القانون هو ليلتزم به الجميع من رأس الهرم إلى المواطنين وقرارات مجلس الوزراء لا يمكن أن تتخطى القانون»، وأعلن أن «لجنة المال ستبدأ من الاثنين بدعوة التفتيش المركزي ومجلس الخدمة، وستكون لدينا جلسات متلاحقة مع المعنيين لإنجاز هذا الملف». وأكد كنعان أنه «وجد كل الدعم من رئيس المجلس النيابي وستكون بيننا متابعة لناحية أن الإصلاح أولوية المجلس النيابي وطالما أنا رئيس لجنة المال لا تصفير للحسابات المالية».
ومنذ نهاية العام الماضي بدأ الكشف عن التوظيفات العشوائية التي تقدر بخمسة آلاف، خلافا لقانون سلسلة الرتب والرواتب الذي منع التوظيف والتعاقد خلال هذا العام. وتبادل الأفرقاء السياسيون المسؤولية عن هذا الموضوع وكان أعلن أخيرا نائب رئيس «حزب القوات» النائب جورج عدوان أن عددا كبيرا من الموظفين الذين دخلوا إلى الإدارات العامة في العام الماضي ينتمون إلى «تيّار المستقبل»، فيما أكد وزير المال علي حسن خليل أن توظيف أكثر من 5000 موظف جديد سنة 2018، أوجد أعباء إضافية على الخزينة.
وفي إطار تأكيده على مكافحة الفساد، نقل النائب علي بزي عن بري قوله خلال لقاء الأربعاء إنه ينوي الطلب لفتح فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي من أجل عقد جلسات رقابية وتشريعية في إطار ورشة المجلس الذي أكد عليها سابقاً.
وجدد التأكيد على أن المعيار الأساسي لمحاربة الفساد هو تطبيق القانون، مشيرا إلى أن جلسة مناقشة البيان الوزاري فرضت أمراً واقعاً على مجلسي النواب والوزراء لا يمكن تجاهله وقد بدأت نتائجه تظهر.
وشدد على أهمية التوقف عن «الترف الرسمي للبعض في التعاطي مع موضوع القرارات الصعبة التي ستأخذها الحكومة»، مؤكداً أن هذه القرارات يجب ألا تطاول الفقراء ومحدودي الدخل بأي شكل من الأشكال، وأنه يجب التركيز على هذا الأمر على صعيد مجالات وبنود كثيرة منها الأسفار والإيجارات والنفقات غير المجدية ووقف الهدر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».