التعبير بالرسم وسيلة تواصل في معرض فنانين يعانون إعاقات ذهنية

TT

التعبير بالرسم وسيلة تواصل في معرض فنانين يعانون إعاقات ذهنية

يُعدّ فن الرسم وسيلة تعبير مميزة، إلا أنها ليست الوحيدة المتاحة للإنسان السليم الذي يمتلك الكثير من وسائل التعبير الأخرى، منها على سبيل المثال، قدرته على صياغة مشاعره وعواطفه وأفكاره، إما على شكل كلام يكتبه أو ينطق به، عمل يمارسه، وما إلى ذلك. إلا أن الأمر يختلف عندما يصبح الرسم وسيلة تعبير شبه وحيدة تقريباً، يستخدمها «فنانون» يعانون إعاقات ذهنية ترافقهم منذ ولادتهم. الرسم بالنسبة لمن أتقنه من هذه الفئة، ليس مجرد وسيلة تعبير، بل الأهم أنه أداة تواصل مع «العالم المحيط»، عبر لوحات يبدعون في رسمها. هذا هو معنى وقيمة الرسم بالنسبة لمجموعة من الأشخاص من ذوي الاعاقات الذهنية والنفسية، الذين يقيمون في أكثر من مأوى خاص للرعاية بهم في روسيا، وقدموا مجموعة من الأعمال الفنية أكدوا من خلالها حقهم وقدرتهم على التعبير.
«غير قابل للمصادرة»، عنوان عريض لمعرض نظمته الإعلامية الروسية تتيانا فينوغرادوفا، عضو مجلس الأمناء للشؤون الاجتماعية لدى الحكومية الروسية، بالتعاون مع ستانيسلاف بيتروف، سكرتير مجلس الأمناء. وفي حديثها لـ«الشرق الأوسط» عن فكرة المعرض، قالت: «الحقيقة أن الكثير من الفنانين المشاركين هم في الواقع طلاب، إن جاز التعبير، يقيمون طيلة حياتهم في مدارس داخلية خاصة للأشخاص الذي يعانون إعاقات في النمو الذهني، بعضهم محروم من قدرة التحرك كما يجب، والنطق والتعبير بسبب المرض، والبعض الآخر من دون عائلة ولا أشياء شخصية. لا يمكنهم المشاركة في حياة المجتمع، منطوون على أنفسهم، ومحرومون من اهتمامنا الضروري لهم». وأضافت: «الشيء الوحيد الذي لا يمكن مصادرته من أي إنسان بغض النظر عن حالته الذهنية، هو الحق في التعبير، والمشاعر، والإلهام، والقدرات الإبداعية». ومن هنا جاءت فكرة تنظيم معرض يسلط الضوء على القدرات الإبداعية التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص، وجرى اختيار عنوانه «غير قابل للمصادرة».
وقد اختيرت اللوحات بالتعاون مع استوديو فنون في بطرسبورغ، يهتم بصورة رئيسية بالفنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويمارس فيه الرسم حالياً أكثر من 40 فناناً، شارك معظمهم في أكثر من معرض رغم إعاقاتهم. بينما جرى اختيار صالة رئيسية في منتدى اقتصادي في سوتشي للمعرض، الذي حظي باهتمام واسع من جانب الوفود المشاركة في المنتدى. ومن أشهر الأسماء المشاركة، فنان من أذربيجان (مقيم في روسيا) اسمه إلغار ناجييف، تميز بمهارة فريدة باستخدام النفط في رسم لوحاته عوضاً عن الألوان المتعارف عليها. ومعه كانت هناك لوحات الفنان رومان غورشينين، الشاب الذي يعاني خللاً في التطور الذهني، وقدم في المعرض بعض أعماله الشهيرة، مثل لوحة «صرخة» و«كاربات المحدبة» و«سوق الطيور».
أما الفنان فيتالي كولوزايف، فقد شارك بمجموعة لوحات مثل «الجزرة»، التي استغرق في رسمها أشهراً عدة، حالها حال معظم أعماله؛ إذ يتميز بأسلوبه الخاص في العمل، ويقوم بداية بترتيب أقلام الرسم بدقة، ومن ثم يضع الخطوط العريضة، إلا أنه يتوقف فجأة، ويترك اللوحة لفترات تصل أحياناً إلى أكثر من شهر، ومن ثم يواصل العمل، ويستخدم أقلام الرصاص الغرافيتي العادية لخلق «تأثير سطح المرآة» على لوحاته.
وإلى جانب الاهتمام الواسع من جانب المشاركين في منتدى سوتشي الاقتصادي، والزوار من مدن روسية ودول أخرى، كان لافتاً الاهتمام الرسمي بالمعرض، الذي برز من خلال حضور تتيانا غوليكوفا، نائب رئيس الحكومة الروسية لشؤون السياسيات الاجتماعية، وأولغا غولديتس، النائب أيضاً لرئيس الحكومة الروسية، فضلاً عن عدد آخر من الشخصيات الرسمية. ويأمل المنظمون أن يساهم المعرض في تسليط الضوء على حياة هؤلاء الفنانين، ومعاناتهم لتوفير المزيد من الدعم لهم، وأن يكون معرض «غير قابل للمصادرة» ساهم إلى حد ما في نقل الأفكار التي يريد الفنانون التعبير عنها من خلال لوحاتهم، وساعدهم في التواصل مع الوسط الاجتماعي المحيط.



تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

الغرابة (SWNS)
الغرابة (SWNS)
TT

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

الغرابة (SWNS)
الغرابة (SWNS)

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

وأوضح بيان نشرته جامعة وارسو، ونقلته «فوكس نيوز»، أنّ باحثين من البعثة الأثرية الكويتية - البولندية وجدوا ذلك الأثر في بحرة 1؛ وهو موقع أثري في منطقة الصبية بالكويت.

ووُصف الأثر بأنه «أحد أبرز الاكتشافات» في عملية التنقيب، مع الإشارة إلى أنه «رأس صغير مُتقن الصنع من الفخار، جمجمته طويلة وممدودة، مع عينين منحرفتين وأنف مسطَّح».

يعود تاريخ التمثال الصغير إلى فترة العبيد في بلاد الرافدين القديمة التي تسبق العصر البرونزي. وأُنجز خلال الفترة بين الألفية السادسة قبل الميلاد، وفق تقدير العلماء، ما يجعل عمره يتراوح بين 7 و8 آلاف عام.

وأشار البيان إلى العثور على تماثيل صغيرة مُشابهة تعود إلى فترة العبيد قبل ذلك، لكنَّ هذا الأثر يُعدُّ الأول من نوعه الذي يُعثر عليه في منطقة الخليج.

وذكر الأستاذ بيوتر بيلينسكي في البيان الصحافي: «يثير وجوده تساؤلات بشأن غرضه وقيمته الرمزية، أو ربما الطقسية بالنسبة إلى الناس في ذلك المجتمع القديم».

الفريق الأثري الكويتي - البولندي المشترك (SWNS)

كذلك أشار علماء الآثار إلى اكتشافهم نوعَيْن مميّزين من الآنية والأعمال الفخارية في الموقع عينه، واصفين الاكتشاف بأنه «محوري» لدراسة فترة العبيد: «أثمرت عمليات التنقيب في الموقع منذ بدايتها نوعَيْن من الآنية الفخارية، هما عبيد، المعروف أنه كان يُستردُّ من بلاد الرافدين، وآخر مختلف تماماً يُعرف باسم الآنية، وهي حمراء خشنة الملمس، جرت معرفتها من مواقع في شبه الجزيرة العربية»؛ علماً بأنّ النوع الثاني يوصف بأنه محلّي الصنع في الخليج، لكنْ لا تزال الأماكن الفعلية لصنعه مجهولة.

وظهر أخيراً دليلٌ قاطع من موقع بحرة 1، يشمل إناء من الفخار غير المحترق. وتؤكد النتائج أنّ بحرة 1، الذي يُعدُّ واحداً من أقدم المواقع السكنية وأكبرها في شبه الجزيرة العربية، هو أيضاً أقدم موقع معروف لتصنيع الآنية الفخارية ومنتجات الفخار في الخليج العربي.

كذلك عثر المنقّبون على بقايا أثرية من النباتات التي كانت تُضاف إلى طين الفخار خلال عملية التصنيع. وسيجري الباحثون بعد ذلك تحليلاً نباتياً أثرياً للمادة النباتية لمعرفة النباتات المحلّية التي وُجدت خلال تلك الحقبة الزمنية. علَّق الدكتور رومان هوفيسبيان في البيان: «كشفت التحليلات المبكرة عن آثار لنباتات برّية، خصوصاً القيصوب (الغاب) داخل الأعمال الفخارية محلّية الصنع، في حين عُثر على آثار وبقايا نباتات مزروعة من بينها الحبوب، مثل الشعير والقمح، في الآنية المستوردة خلال حقبة العبيد».

وتُخطّط البعثة الأثرية الكويتية - البولندية لمواصلة دراسة الموقع، وتأمل في العثور على «مزيد من الاكتشافات والتبصّرات في مواضع التقاطع بين ثقافة كلّ من العصر الحجري في الجزيرة العربية وعصر العبيد في بلاد الرافدين، إلى جانب تحقيق مزيد من التعاون بين متخصّصين بولنديين وكويتيين في التراث»، وفق البيان، الذي أوضح: «تكشف عمليات التنقيب المستمرّة أنّ موقع بحرة 1 مهمّ وحيوي لفَهْم التبادل الثقافي بين مجتمعات العصر الحجري الحديث في الجزيرة العربية وثقافة العبيد الممتدّة من بلاد الرافدين إلى منطقة شاسعة من الأناضول، فشبه الجزيرة العربية».