الروبل يتراجع على وقع أنباء عن عقوبات أميركية جديدة ضد روسيا

وصفها الكرملين بأنها «ابتزاز» وحذر من عواقبها «الكارثية للغاية»

روسية أمام لوحة إلكترونية لأسعار العملات العالمية مقابل الروبل الروسي (رويترز)
روسية أمام لوحة إلكترونية لأسعار العملات العالمية مقابل الروبل الروسي (رويترز)
TT

الروبل يتراجع على وقع أنباء عن عقوبات أميركية جديدة ضد روسيا

روسية أمام لوحة إلكترونية لأسعار العملات العالمية مقابل الروبل الروسي (رويترز)
روسية أمام لوحة إلكترونية لأسعار العملات العالمية مقابل الروبل الروسي (رويترز)

خلفت الأنباء حول حزمة عقوبات جديدة على روسيا تم طرحها على الكونغرس الأميركي، ردود فعل غاضبة ومنددة في موسكو، ترافقت مع التأكيد على تدابير جاهزة تسمح للاقتصاد الروسي بمواجهة تداعياتها. ورأى الكرملين في الحزمة الجديدة «ابتزازا» بهدف تقويض نشاط الشركات الروسية في أكثر من مجال، بينما قالت وزارة المالية الروسية إن تلك العقوبات «مثل شخص يطلق النار بنفسه على قدمه» في إشارة إلى أنها ستلحق الضرر بالمستثمرين الأميركيين.
وفي السوق، ورغم دعم وفره له ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية أمس، تراجع الروبل الروسي أمام العملات الرئيسية، على وقع الأنباء عن تلك العقوبات، كما هبطت أسهم عدد من أضخم البنوك الروسية، وشركات نفطية كبرى.
وكشفت «رويترز» عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا، أعدها أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، وطرحوها على الكونغرس أول من أمس الأربعاء. وقالت وسائل إعلام روسية إن اثنين من المدافعين الرئيسيين عن العقوبات ضد روسيا في مجلس الشيوخ الأميركي، الجمهوري ليندسي غراهام والديمقراطي روبرت مينينديز، أعدا مشروع قانون جديد بتشديد القيود على روسيا، وعرضاه على الكونغرس.
وتنص الحزمة الجديدة على منع المستثمرين الأميركيين من الاستثمار في الإصدارات الجديدة لسندات الديون الروسية، وفي مشروعات النفط في روسيا، وفرض عقوبات على البنوك الروسية التي «تسهم في التدخل في الانتخابات في الدول الأجنبية»، فضلا عن عقوبات على جميع مشروعات الطاقة الأجنبية بمشاركة الشركات الحكومية الروسية. وأُضيف للحزمة الجديدة فرض عقوبات على مشروعات الشركات الروسية خارج روسيا لإنتاج الغاز المسال، هذا فضلا عن فرض عقوبات ضد 24 «عميلاً لهيئة الأمن الفيدرالي الروسي».
وفي تعليقه على تلك الأبناء قال ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، إن العقوبات الجديدة المحتملة ضد روسيا من قبل الولايات المتحدة يمكن أن تؤدي إلى «عواقب كارثية للغاية». داعيا المواطنين الروس إلى «انتظار الأسوأ» لافتاً إلى أنه لا يمكن توقع «الأفضل» في ظل هيمنة مزاجية العداء لروسيا في الكونغرس، وعبر عن قناعته بأن العقوبات التي يبررها المشرعون الأميركيون بـ«التدخل في الانتخابات ودور روسيا في سوريا»، ترمي إلى تقويض الدور الروسي في سوريا، وفي القضاء على الإرهاب هناك.
اقتصاديا رأى بيسكوف أن النهج الذي تعتمده الولايات المتحدة الـ«قريب من الابتزاز» في التجارة، يقف وراء العقوبات، وقال إنها تهدف إلى تعطيل مشروعات الطاقة الروسية وتقويض عمل البنوك الروسية بمساهمة الدولة.
ووصف هذا الوضع بأنه محاولة للإطاحة بالشركات الروسية المنافسة من السوق، بغية «إفراغها لصالح الشركات الأميركية».
وحذر بيسكوف من أن هذه القيود يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة للغاية، وشدد في الوقت ذاته على أن «اقتصادنا تعلم أن يحافظ على استقرار الاقتصاد الكلي تحت العقوبات، وتعلمنا كيف نضمن النمو في عدد من المجالات»، وأكد على «مناعة معينة في الاقتصاد»، لافتاً إلى أن «الحكومة طورت تدابير فعالة لمواجهة مثل هذه الهجمات المدمرة».
من جانبه أكد وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف الأمر ذاته، بالنسبة لتدابير اتخذتها الحكومة بالتعاون مع المركزي الروسي، لضمان عمل القطاع المصرفي في حال تم فرض عقوبات جديدة. وقال إن القيود على الاستثمارات في سندات الدين العام ستلحق الضرر بالدرجة الأولى بالمستثمرين الأجانب، وشبه فرض الولايات المتحدة الحزمة الجديدة من العقوبات «كمن يطلق النار بنفسه على قدمه».
ولم يعكس رد فعل السوق تلك المناعة الاقتصادية التي تحدث عنها المسؤولون الروس. ومع الساعات الأولى لانتشار خبر العقوبات الجديدة، مساء أول من أمس الأربعاء تراجع سعر صرف الروبل الروسي حتى 66.54 للدولار الواحد، أي بخسارة 70 كوبيكا عن آخر إغلاق (الروبل 100 كوبيك).
وخسر 30 كوبيكا أمام اليورو، وتراجع حتى 74.95 روبل لليورو الواحد. وأمس طرأ ارتفاع طفيف على سعر صرف الروبل، تحت تأثير ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، إلا أن المراقبين يتوقعون عودة الروبل إلى التراجع خلال الأيام القريبة. كما أثر الحديث عن العقوبات الجديدة على أسعار أسهم شركات مالية ونفطية كبرى، وهبطت قيمة أسهم «سبيربنك» العادية في بورصة موسكو نحو 2.6 في المائة، وأسهم «في تي بنك» بنسبة 1.8 في المائة، بينما هبط سعر سهم «روسنفت» بنسبة 1.4 في المائة، وسهم مؤسسة «سيستيما» بنسبة 1.4 في المائة، كما تراجعت قيمة إيصالات إيداع مجموعة «ينين+» بنسبة 1.3 في المائة.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.