قبائل حجور تحرّر مواقع استراتيجية في حجة

القوات الحكومية تستعيد مناطق في صعدة وتدمر تعزيزات للانقلابيين قرب صنعاء

قوات الجيش الوطني تتقدم في جبهة باقم بصعدة (موقع سبتمبر.نت)
قوات الجيش الوطني تتقدم في جبهة باقم بصعدة (موقع سبتمبر.نت)
TT

قبائل حجور تحرّر مواقع استراتيجية في حجة

قوات الجيش الوطني تتقدم في جبهة باقم بصعدة (موقع سبتمبر.نت)
قوات الجيش الوطني تتقدم في جبهة باقم بصعدة (موقع سبتمبر.نت)

بعد أكثر من أسبوعين من المواجهات بين قبائل حجور في مديرية كشر التابعة لمحافظة حجة والميليشيات الحوثية التي تحاول غزو المديرية أعلن رجال القبائل أمس طرد الميليشيات من منطقة العبيسة واستعادة مواقع استراتيجية كان يتحصن فيها عناصر الميليشيات. وذكرت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» أن مقاتلات تحالف دعم الشرعية تدخلت صباح أمس ودمرت دبابتين للميليشيات كانت تقوم بقصف القرى ومنزل السكان المدنيين في منطقة العبيسة. وقالت المصادر إن 10 حوثيين على الأقل قتلوا خلال المعارك أمس إضافة إلى أسر رجال قبائل حجور ستة آخرين والاستيلاء على كميات من الذخيرة والأسلحة التي تركها عناصر الجماعة بعد فرارهم. ونجح رجال القبائل، بحسب المصادر، في قطع خط إمداد الميليشيات في منطقة الحوج والحديتين المؤدي إلى مواقع الحوثيين في جبل القيم ومناطق بني الدريني.
ووصف الزعيم القبلي في محافظة حجة وعضو مجلس الشورى اليمني الشيخ فهد دهشوش ما حدث من تقدم لرجال القبائل بأنه حدث تاريخي، وقال في تصريح على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تابعته «الشرق الأوسط» إن رجال قبائل حجور هاجموا في عملية خاطفة فجرا مواقع الميليشيات الحوثية واقتحموا متاريسهم، واستولوا على جبل القيم الاستراتيجي وهو أول مكان تحصن فيه الحوثيون من بداية غزوهم للمنطقة. وامتدح دهشوش مقاتلي قبيلة حجور من آل النمشة وآل الدريني، وبقية القبائل وقال مخاطبا إياهم: «لقد سطرتم بشجاعتكم سفرا من البطولة والفداء سيقف أمامه التاريخ اليمني طويلا».
من جهته وجه قائد جبهة مقاومة قبائل حجور الشيخ أبو مسلم الزعكري دعوته إلى كافة أبناء قبائل حجور للانضمام إلى المعارك الدائرة شرق مديرية كشر، مشيرا إلى الانتصارات التي تحققت بتحرير كثير من المواقع والجبال في المنطقة.
وكانت الميليشيات الحوثية حشدت المئات من عناصرها لإرغام قبائل حجور على تسليم مديرية كشر لعناصر الجماعة والتمركز في جبالها المطلة على مناطق الساحل الغربي في محافظة حجة، وللاستفادة من الطريق الرئيسية المارة من المنطقة لإمداد عناصرها في جبهات حرض وحيران شمال غربي حجة الحدودية.
وأوضحت مصادر قبلية أن ثلاثة من رجال القبائل قتلوا إلى جانب ستة جرحى سقطوا في ظل حصار حوثي على المنطقة ونقص في الإمدادات الطبية. وقال الناشط اليمني حمود الزليل وهو من أبناء مديرية كشر، إن رجال القبائل بأسلحتهم الشخصية سيطروا أمس على جميع المواقع في جبل القيم ومناطق الحديتين والنصب وكل الأماكن المتمركزين فيها في منطقة العبيسة. وبحسب المصادر ذاتها استولى رجال القبائل على إذاعة متنقلة للجماعة الحوثية كانت تستخدم لبث الأهازيج الحربية لرفع معنويات مقاتلي الجماعة في منطقة القيم إلى جانب الاستيلاء على مخزن صغير يضم كميات من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر، وهو ما يعني إعلان منطقة العبيسة منطقة محررة.
في السياق نفسه، أفادت مصادر قبلية في صنعاء بأن أجهزة أمن الجماعة الحوثية بدأت شن حملات لاعتقال أبناء مديرية كشر وقبائل حجور الموجودين في صنعاء، على خلفية الهزيمة التي تكبدتها الجماعة في حجة. وطالت الاعتقالات عددا من وجهاء القبائل القاطنين في صنعاء، بينهم الشيخ قاسم عمير، إذ اقتادتهم الميليشيات إلى وجهة غير معلومة إضافة إلى استمرار فرض الإقامة الإجبارية على عدد من زعماء قبائل حجور منذ أشهر، بعد رفضهم تسهيل مهمة الجماعة الموالية لإيران في احتلال مديرية كشر.
وتقع مديرية كشر شمال شرقي محافظة حجة، ويربو عدد سكانها الـ 100 ألف نسمة، ويعتمد أبناؤها على الزراعة والرعي وتعد عمق قبائل حجور المنتشرة في أكثر من مديرية. وأفشلت قبائل حجور منذ 2011 محاولات مستمرة للجماعة الحوثية للسيطرة على مديرية كشر، من جهة الغرب حيث منطقة عاهم، وهو ما جعل الجماعة تكتفي بفرض الحصار على المديرية وملاحقة زعمائها القبليين، قبل أن تعود أخيرا إلى محاولاتها السابقة قبل أسبوعين ولكن من شرق المديرية أملا في تحقيق ما فشلت فيه سابقا.
في سياق متصل، حررت قوات الجيش الوطني أمس مواقع جديدة في جبهة باقم بشمال محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للميليشيات الحوثية، بعد معارك عنيفة سقط فيها قتلى وجرحى في صفوف الانقلابيين. وقال قائد محور علب العميد ياسر مجلي، إن «قوات من اللواء 63 واللواء التاسع مشاة جبلي، حررت جبل ردمان المطل على خط إمداد جبهة باقم وتحرير ما تبقى من قرى آل زماح»، طبقاً لما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية «سبأ». بدوره، أكد أركان حرب المحور العميد أديب الشهاب، أن «قوات الجيش الوطني أطلقت عملية عسكرية نوعية لدحر الميليشيات الحوثية في جبهة باقم»، وأن «العملية أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الميليشيات».
وتزامن ذلك مع تدمير مدفعية الجيش الوطني في جبهة نهم، البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء، تحركات وتعزيزات تابعة لميليشيات الانقلاب في منطقة حريب كانت متجهة إلى مواقع ميليشيات الانقلاب، ما أسفر عن تدمير عدد من الآليات العسكرية وسقوط قتلى وجرحى في صفوف الميليشيات ممن كانوا على متن الآليات العسكرية. كما قُتل 5 انقلابين وسقط آخرون جرحى من صفوف ميليشيات الانقلاب، أمس، في مديرية الحشاء، غرب محافظة الضالع الواقعة جنوب البلاد، خلال معاركهم مع الجيش الوطني. وقال الجيش الوطني على موقعه الإلكتروني «سبتمبر. نت»، إن «قوات الجيش مسنودة بالمقاومة الشعبية شنت هجوماً مباغتاً على تجمع للميليشيات في المديرية، تمكنت على أثره من السيطرة على عدد من المواقع»، وإن «المواجهات أسفرت عن مصرع خمسة من عناصر الميليشيات وأسر خمسة آخرين، فيما استعادت قوات الجيش عربة وكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة». وكانت عناصر المقاومة الشعبية في محافظة الضالع قد تمكنت أول من أمس، من السيطرة على عدة مواقع في مديرية الحشاء، عقب مواجهات تكبدت خلالها ميليشيات الحوثي الانقلابية 12 قتيلاً وجريحاً في صفوفها.
وفي الحديدة الساحلية، غرباً، شنت ميليشيات الانقلاب خلال الساعات الماضية قصفاً مكثفاً على مواقع القوات المشتركة من الجيش الوطني شمال مديرية التحيتا، الواقعة جنوب الحديدة. وتركز القصف الحوثي على مواقع قوات العمالقة من الجيش الوطني في منطقة الفازة. ووفقاً لما أكده مصدر عسكري تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، تواصل ميليشيات الحوثي الدفع بتعزيزات إلى ما تبقى من مواقع لها جنوب الحديدة وآخرها الدفع بتعزيزات إلى مواقع لها في أطراف التحيتا وتعزيزات أخرى شرق مدينة الدريهمي، جنوباً. وأشار المصدر إلى «مقتل الطفل معاذ محمد سعيد (8 أعوام)، وإصابة شقيقه خالد (14 عاماً) بإصابات وُصفت بالخطيرة، مساء الأحد، جراء انفجار لغم أرضي زرعته ميليشيات الحوثي الانقلابية بجوار مدرسة في إحدى الطرق النائية بأطراف مديرية التحيتا، في أثناء ما كان يستقلان دراجة نارية خلال عودتهما إلى منزلهما».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».