تقرير أمني يكشف تصاعد الهجمات الإرهابية في الساحل الأفريقي

الجماعات المتشددة تنتقل من {مرحلة الدفاع عن النفس} بعد التدخل الفرنسي إلى {مرحلة الهجوم}

آثار الخراب والدمار عقب هجوم إرهابي هزّ سوقا مكتظة الاثنين الماضي في العاصمة الصومالية التي غالباً ما تستهدفها هجمات لعناصر {حركة الشباب} (رويترز)
آثار الخراب والدمار عقب هجوم إرهابي هزّ سوقا مكتظة الاثنين الماضي في العاصمة الصومالية التي غالباً ما تستهدفها هجمات لعناصر {حركة الشباب} (رويترز)
TT

تقرير أمني يكشف تصاعد الهجمات الإرهابية في الساحل الأفريقي

آثار الخراب والدمار عقب هجوم إرهابي هزّ سوقا مكتظة الاثنين الماضي في العاصمة الصومالية التي غالباً ما تستهدفها هجمات لعناصر {حركة الشباب} (رويترز)
آثار الخراب والدمار عقب هجوم إرهابي هزّ سوقا مكتظة الاثنين الماضي في العاصمة الصومالية التي غالباً ما تستهدفها هجمات لعناصر {حركة الشباب} (رويترز)

قال تقرير من المنتظر أن ينشر غداً (الاثنين)، في مؤتمر أمني دولي ينعقد في مدينة ميونيخ الألمانية، إن عدد ضحايا الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي تضاعف العام المنصرم (2018)، بالمقارنة مع عام (2017)، كما سجل التقرير تصاعد الهجمات العنيفة المرتبطة بالجماعات المتشددة في منطقة الساحل.
وأوضح التقرير الذي أعده خبراء لعرضه على هامش «مؤتمر ميونيخ الأمني السنوي»، الذي ينعقد منتصف شهر فبراير (شباط) في ألمانيا، أن تصاعد هجمات الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي «يعكس القدرات المتزايدة لهذه الجماعات، ومقدرتها على التواصل عبر الشبكات».
وقال هذا التقرير الذي نشرت وكالة «رويترز» فقرات منه، إن «ثلاثة أرباع المعارك التي وقعت مع قوات الأمن الحكومية، خلال 2018، بادرت بها هذه الجماعات»، ما يعني أن هذه الجماعات انتقلت من مرحلة الدفاع عن النفس بعد التدخل الفرنسي في شمال مالي، إلى مرحلة الهجوم وشن الهجمات ضد القوات الحكومية.
التقرير الأمني الذي سينشر غداً (الاثنين)، نقل عن بيانات «المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية» أن عدد القتلى نتيجة النشاط المتشدد المسلح في منطقة الساحل الأفريقي «زاد عن المثلين إلى 1082. بالمقارنة مع 2017»، وأضاف أنه في المقابل تم تسجيل «كثافة في الحركة الأمنية» للقوات العسكرية في المنطقة، بما في ذلك بعثة للأمم المتحدة (مينوسما) التي يبلغ قوامها 15 ألف جندي، وعملية (بارخان) الفرنسية البالغ عدد جنودها 4 آلاف جندي، وأربع بعثات من الاتحاد الأوروبي لتدريب الجيش والشرطة في دولة مالي، والقوات العسكرية المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس الإقليمية التي أنشئت في 2015، ويبلغ عدد جنودها 5 آلاف جندي.
ويفسر التقرير الخطر الأمني الذي تواجهه منطقة الساحل الأفريقي، بالعديد من العوامل من أبرزها حجم المنطقة الواسع، وانتشار شبكات الاتجار بالبشر وتهريب السلاح والمخدرات، بالإضافة التغير المناخي والزيادة السكانية السريعة في بلدان تعد الأفقر في العالم، وسيعرض التقرير على المؤتمر الأمني الذي سيشارك فيه أكثر من 600 من زعماء الحكومات وصناع القرار الآخرين.
ومن المنتظر أن يغيب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مؤتمر ميونيخ بسبب ارتباطات متعلقة بالأوضاع داخل فرنسا، فيما تعد فرنسا الداعم الأول لمجموعة دول الساحل الخمس، وتخوض قواتها حرباً شرسة ضد الإرهاب في منطقة الساحل، بينما أدى الرئيس المالي إبراهيما ببكر كيتا، زيارة لألمانيا استمرت لثلاثة أيام وأدلى فيها بتصريحات صحافية، قال فيها إن سبب تدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل الأفريقي هو أن «الكثير من الإرهابيين الذين هاجمتهم القوات الدولية عبر العالم، يفرون نحو منطقة الساحل، بالإضافة إلى الوضع في ليبيا الذي تسوده الفوضى».
وأضاف كيتا: «إذا كانت المجموعة الدولية قد توصلت إلى اتفاق برصد مليارات الدولارات لصالح شرق أفريقيا التي دخلها تنظيم (داعش)، فإنه يتوجب عليهم أن يفكروا في منع وصول هذه الظاهرة إلى الطرف الآخر من القارة»، مشدداً على ضرورة تأمين التمويل للقوة العسكرية المشتركة لدول الساحل الخمس التي أعلن عنها في مؤتمر بروكسل مطلع العام الماضي. وتنتظر دول الساحل هذه المساعدة المالية لإطلاق قوة عسكرية تراهن عليها لمحاربة الإرهاب في المنطقة.
وقال كيتا في هذا السياق: «إذا تكسر هذا الحاجز الأمني في منطقة الساحل الأفريقي فإن الإرهاب سوف يصل إلى أوروبا».
وكانت دول الساحل الأفريقي قد عقدت الأسبوع الماضي قمة على مستوى الرؤساء في واغادوغو، عاصمة بوركينافاسو، وجهت فيها نداء إلى المجموعة الدولية من أجل الإسراع في رصد التمويلات لصالح القوة العسكرية المشتركة، كما دعت إلى وضع هذه القوة العسكرية تحت «البند السابع» من بنود الأمم المتحدة، وهو ما سبق أن رفضه مجلس الأمن الدولي.
وتنتشر في منطقة الساحل الأفريقي جماعات إرهابية عديدة، من ضمنها «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى» المرتبط بـ«داعش»، و«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، بالإضافة إلى جماعات مسلحة محلية ذات طابع عرقي وعشائري.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».