في لبنان عندما يريد شخص ما التودد إلى آخر كولده أو شريكه أو أحد المقرّبين منه يكفي أن يناديه بعبارة «يا روحي» كي نعرف أنه عزيز على قلبه.
وفي مسرحية «روح روحي» التي يشير عنوانها إلى أقصى درجات الحبّ الممكن أن يعيشه ثنائي إثر هيامهما ببعضهما إلى حدّ الذوبان، نتابع تكملة قصة انفصال اثنين بعد حبّ جارف عاشاه معا.
ومع بطلي العمل إيلي متري وباتريسيا نمور (كاتبة المسرحية) نكتشف، على هامش هذه القصة المقتبسة عن الفرنسية كارلوتا كليريتشي، أن الشيطان يكمن في التفاصيل، وأن الحب والغرام اللذين عاشاهما ذهبا مع الريح بين ليلة وضحاها. فيتساءلان مع الحضور عن مصير هذا الشعور، وماذا حلّ به؟ هل مات أو ذهب في إجازة؟ وأين اختفت كميات الشوق والشغف التي كانت تضخ في دمهما نبض حبّ لا يمكن أن ينتهي؟
«إنها مسرحية تحاكي الناس بلسان حالهم من خلال موضوعين أساسيين يواجههما غالبية المرتبطين معا، ألا وهما: الحب والانفصال». تقول نسرين خوري المنتج المنفّذ لهذه المسرحية، التي انطلقت عروضها مساء أمس على خشبة مسرح مونو في الأشرفية. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يدور النص الذي عرّبته باتريسيا نمور ليتوافق مع مجتمعنا، حول فكرة التقاء حبيبين بعد فراق. ويعزّز بمشهديته والموسيقى التي ترافقه مع أداء البطلين الوحيدين والملامة التي يرميها كل واحد منهما على الآخر بحيث نراهما يعترفان بخطوات ناقصة قاما بها في هذه العلاقة. فيما نتابع نقاشا مثيرا يدور بينهما عن الأسباب التي أدت إلى ذلك. ويطرح الحبيبان المشكلة بأعماقها فيستعيدان حياتهما اليومية في منزل واحد تقاسما كل أجزائه، ويتحدثان عن مشاركتهما استخدام غرف نومه والصالات والحمام والمطبخ والتلفزيون، وصولا إلى علاقتهما الحميمة التي تحولّت مع الوقت إلى باردة ساهمت في البعد بينهما».
تلعب الموسيقى دورا كبيرا في مسرحية «روح روحي» لكون بطليها يجسدان شخصيتي فنانين، أحدهما موسيقي والثانية ممثلة. فتخطف انتباه الحضور بإيقاعها الهادئ مرة والسريع مرة أخرى انسجاما مع مشاهد العمل وأداء بطليها. فللفنان عالم خاص تتحكم به الحساسية المفرطة والمشاعر الجيّاشة وهو ما يعنون هذه العلاقة.
وتتألف المسرحية من قسمين، حيث تتناول في الأول لقاء الثنائي بعد فراق ثم انفصالهما من جديد لفترة. أما في القسم الثاني فيعودان ويلتقيان مرة جديدة ليشرّحا علاقتهما بصورة أوضح بعد أن استطاعا من خلال لقائهما الأول أن يرسما حيثيّاته، فيتكلّمان عن حبّهما وفراقهما بصراحة.
وتركز المسرحية على نقل مشاعر أي ثنائي في حالات الانفصال بعد الحب. كما تسطّر بالقلم العريض ما يمكن أن يشوب علاقة اثنين في ظل حياة يومية روتينية تدور في منزل واحد. «صحيح أن النص فرنسي الأصل ولكننا حاولنا أن نزوّده بهويتنا اللبنانية بعد أن طرحنا فيه هواجسنا في هذا الإطار وتحت عنوان الحب والفراق». توضح خوري في سياق حديثها.
ويسدل ستار المسرحية على نهاية مفتوحة تتيح لمشاهدها أن يتفاعل معها كلّ على طريقته. «لقد أرادها المخرج بوب مكرزل بهذا الشكل كي يترك للناس حرية تكوين الحلّ الذي يرونه مناسبا لمشكلة من هذا النوع». تختم خوري حديثها.
وعلى هامش المسرحية يقام معرض بعنوان «ما تبقى من الحبّ» ليكون بمثابة شاهد حي على علاقات ثنائية شهدت الحب ومن ثم الفراق.
«هو معرض فيه أغراض وصور ورسائل مكتوبة وغيرها من الأشياء التي تركها عندنا أشخاص عاشوا هذه التجربة (حبا وفراقا). تقول نسرين خوري، وتتابع: «لقد جمعناها من لبنانيين تقدموا بها إلى هذا المعرض وهو كناية عن تركيبة فنية (إنستلايشن) وقّعها الفنان التشكيلي إبراهيم سماحة. وقد أرفقنا كل غرض موجود فيه بنص يحكي قصّته ومرجعيته. فمن يحضر المسرحية فلا بد أن يمر أولا بهذا المعرض فيكون بمثابة مساحة تحضيرية ومقدمة لموضوع المسرحية».
مسرحية «روح روحي»... ثرثرات فوق الحبّ والفراق
مسرحية «روح روحي»... ثرثرات فوق الحبّ والفراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة