قضية الصدر: 4 عقود من التعثّر القضائي والاتهامات السياسية

توتر في العلاقات اللبنانية ـ الليبية إنعكس خلافات في بيروت

قضية الصدر: 4 عقود من التعثّر القضائي والاتهامات السياسية
TT

قضية الصدر: 4 عقود من التعثّر القضائي والاتهامات السياسية

قضية الصدر: 4 عقود من التعثّر القضائي والاتهامات السياسية

صحيح أن العلاقات اللبنانية ـ الليبية مرّت بمراحل صعبة جداً في عهد الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، نتيجة اختفاء المرجع الديني الشيعي الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عبّاس بدر الدين خلال زيارة رسمية للعاصمة الليبية طرابلس أواخر شهر أغسطس (آب) من عام 1978، واتهام نظام القذافي بخطفهم وحجز حريتهم، لكنّها لم تبلغ هذا الدرك الذي بلغته الآن؛ إذ إنه يلامس قطع العلاقات نهائياً بين البلدين وفق ما لوّحت به السلطات الليبية، رداً على إنزال علم الثورة في بيروت وإحراقه، ورفع علم حركة «أمل» مكانه، وتحميل المكوّنات الليبية المتناحرة أصلاً وزر ما ارتكبه النظام البائد.
اندفاعة مناصري «أمل» إلى الشارع وتلويحهم بالتصعيد الشعبي فور وصول الوفد الليبي إلى بيروت للمشاركة في القمة العربية الاقتصادية، قد تكون بالنسبة للبعض أمراً مفهوماً أو مبرّراً، ويمكن ضبطه أو الحدّ من فاعلية تحرّكه من قبل الأجهزة الأمنية المولجة حماية أمن القمّة وسلامة الوفود المشاركة. غير أن ما أثار القلق والريبة، المواقف التصعيدية التي صدرت عن رئيس السلطة التشريعية نبيه برّي (رئيس حركة أمل)، والرسائل التي وجهها ليس ضدّ ليبيا ووفدها فحسب، بل وصلت إلى التهديد بـ«6 شباط (فبراير) سياسية»، شبيهة بانتفاضة «6 شباط» العسكرية، التي قادها في عام 1984 لإسقاط اتفاق «17 أيار (مايو)» الذي أبرم مع الجانب الإسرائيلي غداة اجتياح لبنان في عام 1982.

رغم تحوّل جريمة اختفاء رجل الدين الشيعي السيد موسى الصدر إلى قضية وطنية، تعني جميع اللبنانيين وليس الطائفة الشيعية وحدها، فإنه ربما يتفهّم اللبنانيون مغالاة حركة «أمل» في حمل قضية الصدر، لكونه مؤسسها. إلا إنّ الاستعراضات في الشارع وإطلاق شعارات لطالما استخدمت في زمن الحرب، أيقظت في عقول الناس مشاهد استفزازية توحي برغبة البعض في هزّ الاستقرار الأمني، بتغطية دينية وسياسية، عبر البيان الصادر عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الذي لوّح بالنزول إلى الشارع وقطع الطرق، في حال أصرت الدولة على حضور ليبيا القمّة.
بالنسبة لأصحاب هذه الطروحات توجد مبررات كافية لمنع تمثيل ليبيا في القمّة، في مقدمها «إمعان سلطتها الحالية في طمس معالم هذه القضية»، وفق ما أوضح القاضي حسن الشامي مقرر لجنة المتابعة اللبنانية لقضية الإمام الصدر ورفيقيه. ويشير الشامي إلى أنه «بدل أن تتعاون الأجهزة الليبية مع اللجنة اللبنانية، فإنها وجّهت أخيراً رسائل تهديد للسفارة اللبنانية في طرابلس، رداً على استفسارات لبنان عن مآل التحقيق المفترض إجراؤه مع قيادات أمنية تابعة للقذافي وموقوفين لديها، وهم على دراية كاملة بوقائع إخفاء الإمام الصدر».

- وقائع التواصل مع ليبيا
في حديث لـ«الشرق الأوسط»، قدّم القاضي الشامي ما وصفها بالرواية الكاملة عن مراحل التفاوض مع الجانب الليبي. وقال إنه «بعد أسبوع من مقتل معمّر القذافي وسقوط نظامه، وتحديداً في مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2011، توجّهت إلى العاصمة الليبية عن طريق القاهرة، وكانت قيادة السلطة انتقلت إلى مصطفى عبد الجليل الذي تولى رئاسة المجلس الوطني الليبي». وأردف أن عبد الجليل أبلغه بأن «قضية الإمام الصدر ستكون أولوية وطنية ليبية، وهذه مسؤوليتنا، ونحن شركاء في الظلم معكم». ثم أوضح أن عبد الجليل «شكّل لجنة ليبية لمتابعة القضية معنا، مؤلفة من وزير العدل والمدعي العام وممثل عن مكتب الرئيس (المجلس الوطني)، وقدّموا لنا وعوداً باستجواب موقوفين أساسيين، أبرزهم: عبد الله السنوسي، وعبد الله حجازي، وفرج أبو غالية، وعبد الله منصور، وهؤلاء هم رؤساء الأجهزة الأمنية وقادة عسكريون من الصف الأول وضمن الحلقة اللصيقة بمعمر القذافي، وكان بعضهم في سدّة المسؤولية عند خطف وإخفاء الإمام الصدر». ورغم إعلان السلطات الليبية عن تعاونها الكامل في هذه القضية، فإن الوقائع على الأرض كانت مختلفة، وفيها كثير من اللامبالاة؛ إذ لم تفِ بوعدها باستجواب القادة الأمنيين الموقوفين لديها، ولم تسلّم اللجنة اللبنانية نتائج تحقيقاتها الموعودة. ولفت الشامي إلى أن «وفداً قضائياً ليبياً حضر إلى بيروت مطلع عام 2012، مؤلفاً من ثلاثة قضاة من مكتب المدعي العام، وقابل وزير العدل اللبناني (يومذاك) شكيب قرطباوي، الذي حثهم على تسريع خطوات التحقيق. ثم اجتمعوا بعائلات المخطوفين وتعهدوا بالتعاون المطلق، وطلبوا موعداً لمقابلة النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا. إلا إن الأخير رفض استقبالهم لأنه يعتبر أن الأزمة موجودة في ليبيا وليست في لبنان، وبالتالي، يجب أن يكون دورهم وعملهم في طرابلس».
اللجنة اللبنانية اليوم تتهم نظيرتها الليبية بـ«المراوغة ومحاولة تضييع القضية، ونقلها إلى مسار الصفقات والتسويات المالية». ويشرح القاضي الشامي، مقرّر اللجنة اللبنانية، أنه «في 16 تموز (يوليو) 2012، أبلغتنا اللجنة الليبية بأنها عثرت على جثّة الإمام موسى الصدر، فانتقلنا مع عائلته إلى ليبيا، وكان معنا الدكتور فؤاد أيوب (رئيس الجامعة اللبنانية حالياً) لإجراء فحوص الحمض النووي (DNA) وجرى إخراج الجثة ووضعها في البراد. وبعد أخذ وردّ لأيام طويلة، قرّروا إجراء هذا الفحص في جمهورية البوسنة والهرسك فوافقنا، وأتت النتيجة غير مطابقة». واستطرد قائلاً إن «هذه المماطلة والاعتراض الذي بدأ من قبلهم، أوصلانا إلى توقيع مذكرة تفاهم في 1 آذار (مارس) 2014». ولفت الشامي إلى أن الجانب الليبي «أقرّ بموجب هذا الاتفاق بأن عملية الخطف حصلت في ليبيا من قبل معمّر القذافي وأركان نظامه، وأن الإمام الصدر لم يغادر طرابلس إلى روما، كما جاء في مزاعم نظام القذافي. ونصّت المذكرة على ثلاثة بنود أساسية، الأول: إجراء تحقيق مشترك والسماح لنا بطرح الأسئلة على الموقوفين الأمنيين. الثاني: البحث في كلّ السجون الليبية. والثالث: التواصل الدائم معنا وتبادل المعلومات».

- مسار التهديدات
القاضي الشامي يشدد على أن الليبيين «لم ينفّذوا واحداً في المائة من هذه المذكرة، وبسبب هذا التلكؤ، ذهبت في شهر آذار 2016 إلى ليبيا، وقابلت بعض الموقوفين من المقرّبين من القذافي، وطرحت بعض الأسئلة، لكني لم أتلق أجوبة كافية. ومنذ ذلك الوقت وفور عودتي من طرابلس قطعوا كلّ الاتصالات بنا»، متابعاً أنه «عندما أتى فايز السراج (رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية) إلى السلطة لم يقم بأي خطوة إيجابية تجاهنا». قبل أن يكشف عن أن وزير الخارجية الليبي محمد الطاهر سيّالا «أرسل كتاباً إلى السفارة اللبنانية في طرابلس، يتضمّن ما يكفي من التهديد رداً على مراجعاتنا المتكررة، وهذا الموقف يمكن ربطه بموقع سيّالا السابق، حيث كان يشغل موقع وكيل وزارة الخارجية الليبية وهو مقرّب من عائلة القذافي... وانطلاقاً من كلّ هذه الوقائع، تتحمل السلطات الليبية مسؤولية تمييع قضية الإمام الصدر، وعدم التزامهم، وأخلّوا بوعودهم».

- أزمة سياسية داخلية
على صعيد آخر، المفارقة أن الخلاف بشأن قضية الصدر لم يقتصر على الجانب الليبي؛ إذ إنها فجرت أزمة سياسية داخل لبنان، بدأت بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي... ومن ثم، انسحبت على علاقة الأخير برئيس الحكومة سعد الحريري، الذي انتقد بشدّة تصرفات مناصري حركة «أمل»، وبالذات، تمزيق العلم الليبي وإحراقه والتهديد باحتلال مطار بيروت الدولي ومرافق عامة، في حال سمح للوفد الليبي بدخول لبنان للمشاركة في القمة العربية الاقتصادية. وهو ما أدى إلى اعتذار ليبيا عن عدم الحضور والتلويح بقطع العلاقات مع لبنان... وبالتالي، تخفيض مستوى حضور القيادات العربية في القمّة. وقد أعاد الحريري التذكير بأنّ «العلاقة بين الأشقاء يجب أن تعلو فوق الإساءات».
ردّ برّي على الحريري لم يتأخّر، بيد أنه تعدّى التخاطب السياسي، إلى حدّ التلويح بخيار الشارع مجدداً؛ إذ قال رئيس مجلس النواب: «الأسف كل الأسف ليس لغياب الوفد الليبي، بل لغياب الوفد اللبناني عن الإساءة الأم منذ أكثر من 4 عقود»، في إشارة إلى ما عدّه «إهمال» لبنان لقضية الإمام الصدر. وأضاف برّي: «في السياسة نحن نقوم بواجبنا حيال هذه القضية، وإذا كان هناك إصرار على تخطي رأينا، فإن شبابنا يقومون بالواجب»؛ في إشارة إلى نزول مناصري «أمل» إلى الشارع لمنع دخول الوفد الليبي.

- توضيح القضاء اللبناني
ولكن اتهام برّي بغياب دور الدولة عن قضية الصدر أو الإساءة إليها لم يمرّ من دون تعليق معاكس؛ إذ شدّد وزير العدل السابق شكيب قرطباوي، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن الدولة اللبنانية «أنجزت كلّ ما يمكن القيام به، وعيّنت لجنة قضائية وأمنية لمتابعة الملف، وانتقلت إلى ليبيا مرات عدة وقابلت مسؤولين ليبيين، لكن النتيجة لم تكن كما توخيناها جميعاً». وأضاف: «مَن أخفى الإمام الصدر ورفيقيه هو نظام معمّر القذافي، فلماذا نحوّل القضية إلى صراع لبناني داخلي؟ ولماذا نحمّل السلطات الليبية الحالية مسؤولية المأساة وهي غارقة في فوضى داخلية لا تستطيع الخروج منها؟ وهل يعقل الإساءة إلى الدول العربية الشقيقة بهذه الطريقة؟»، مؤكداً أن «وزارة العدل لم تقصّر بدورها، في أي مرحلة من المراحل، حتى قبل رحيل القذافي».
وفي غمرة الصراع على هذا الملفّ، جاء توقيف هنيبعل القذافي، نجل معمّر القذافي، لدى القضاء اللبناني، ليستخدم ورقة ضغط قويّة لإرغام الجانب الليبي على التعاون. وكان القضاء الليبي قد بعث بأكثر من مراسلة يطلب فيها تسليمه هنيبعل لمحاكمته، إلا إن القاضي زاهر حمادة، المحقق العدلي في قضية اختفاء الصدر، الذي أصدر مذكرة توقيف وجاهية بحقه بجرم «إخفاء معلومات تتعلّق بمصير الصدر»، رفض إطلاق سراحه، مستنداً إلى أسباب قانونية تبرّر استمرار توقيفه.

- هنيبعل القذافي أداة ضغط
هنيبعل القذافي، الذي كان يقيم في سوريا لاجئا سياسيا وبحماية نظام بشّار الأسد، كان جرى استدراجه من مدينة اللاذقية إلى العاصمة السورية دمشق، بواسطة سيدة تدعى فاطمة، بالاتفاق مع النائب اللبناني الأسبق حسن يعقوب (نجل الشيخ محمد يعقوب المخطوف مع الصدر). ولدى وصول هنيبعل إلى دمشق، جرى تخديره من قبل مجموعة مسلحة، عملت على نقله إلى داخل لبنان بواسطة معبر غير شرعي، وسلّمته إلى يعقوب حيث جرى احتجازه وضربة وتعذيبه داخل شقة سكنية في منطقة البقاع اللبناني، ما تسبب بكسر في أنفه، وذلك في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) 2015. بعدها اكتشف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبنانية أمر خطفه واحتجازه، وهو يعمل على تحريره، وتسليمه إلى القضاء، بينما جرى توقيف النائب السابق يعقوب و4 آخرين بجرم خطف القذافي الابن وحجز حريته وتعذيبه جسدياً ومعنوياً.
المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة ما زال يرفض الإفراج عن هنيبعل، رغم المطالبات المتكرّرة من النظام السوري، بتسلّمه كونه يتمتع بحق اللجوء السياسي في سوريا. ولقد دخلت موسكو في الأسابيع الأخيرة على خطّ الضغط على لبنان للإفراج عنه، في حين رفض القضاء اللبناني طلبات متكرّرة من القضاء الليبي لاستعادة القذافي بصفته مواطنا ليبيا مطلوبا لبلاده.
كذلك، يوجّه رجال قانون وسياسيون انتقادات للقضاء بسبب استمرار توقيف القذافي الابن، ويسخرون من اتهام هذا الموقوف بالتدخل في جريمة خطف الصدر ورفيقيه، علما بأن هنيبعل «لم يكن يتجاوز السنوات الثلاث من عمره يوم اختفاء الصدر»، لكنّ مصدراً قضائياً مطلعاً على تفاصيل الملف القضائي، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار استمرار التوقيف مبرر قانوناً، بسبب تعمّد القذافي الابن كتم معلومات تتعلّق بالجريمة المتمادية منذ أكثر من 40 سنة». وكشف أن «هنيبعل تدخّل لاحقاً بالجريمة، وهو اعترف صراحة أمام المحقق العدلي بأنه أصبح عضواً باللجنة الأمنية، وأعلن أنه لم تتم تصفية الإمام الصدر، بل جرى نقله إلى سجون عدّة وذكر أسماء هذه السجون».
ويرى مصدر سياسي في قوى «14 آذار» أن مقاربة الثنائي الشيعي «أمل» و«حزب الله» لقضية الإمام الصدر، تندرج في نطاق الاستثمار السياسي، الذي يتعدّى البحث الحقيقي عن مصير الإمام المغيّب. وطرح المصدر عبر «الشرق الأوسط» التساؤل: «كيف نفسّر ليونة هذا الفريق مع حضور ليبيا في القمّة العربية في بيروت عام 2002، عبر علي عبد السلام التريكي رئيس حكومة القذافي، في حين نجد اليوم هذه الانفعالات والتصرفات الميليشياوية ضدّ الذين أطاحوا بالقذافي؟».
ورأى أن هذا الفريق «يتعامل مع القضية بازدواجية تامّة؛ إذ إنه يقاتل من أجل دعوة النظام السوري للقمة، وهو يعلم يقيناً أن نظام الأسد شريك فعلي في مؤامرة خطف الصدر وإخفائه»، مذكراً بأن حافظ الأسد «استقبل القذافي بحفاوة بالغة، بعد أشهر قليلة من اختطاف الإمام الصدر، وعلاقات النظامين ظلّت وثيقة إلى حين سقوط نظام القذافي».


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.