خطبة موحدة في مساجد مصر لتعزيز الانتماء ودحض افتراءات جماعات الإرهاب

«الأوقاف» تُطلق مُبادرة دعوية وتتحاور مع الشباب لتحصينه من «الأفكار المنحرفة»

الجامع الكبير في ضاحية «مدينتي» شرق القاهرة الذي افتتحه وزير الأوقاف أبريل الماضي (الشرق الأوسط)
الجامع الكبير في ضاحية «مدينتي» شرق القاهرة الذي افتتحه وزير الأوقاف أبريل الماضي (الشرق الأوسط)
TT

خطبة موحدة في مساجد مصر لتعزيز الانتماء ودحض افتراءات جماعات الإرهاب

الجامع الكبير في ضاحية «مدينتي» شرق القاهرة الذي افتتحه وزير الأوقاف أبريل الماضي (الشرق الأوسط)
الجامع الكبير في ضاحية «مدينتي» شرق القاهرة الذي افتتحه وزير الأوقاف أبريل الماضي (الشرق الأوسط)

أطلقت وزارة الأوقاف المصرية أمس مبادرة «تعالوا نجرب» للتركيز على قضية سلوكية أو أخلاقية أو مجتمعية أسبوعياً وتسليط الضوء عليها بقوة وتكثيف الحديث عنها دعوياً وثقافياً وإعلامياً، والانتقال بها من حيز الكلام إلى حيز العمل والتطبيق. وأكدت الأوقاف أنها «ستدير حواراً مجتمعياً مع الشباب والمفكرين والإعلاميين حول أهم القضايا التي تشكل أولوية مجتمعية لتناولها وتسليط الضوء عليها دعوياً».
في حين قالت الوزارة إنها «خصصت خطبة الجمعة الموحدة في مساجد مصر اليوم (الجمعة) للحديث عن الانتماء للوطن وسمات الشخصية الوطنية». وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف (وهي المسؤولة عن المساجد في البلاد)، إن «الخطبة نخصصها للحديث عن بناء الوعي الوطني وأثره في مواجهة التحديات، وللحديث عن بناء الشخصية الوطنية وأثرها في استقرار الدول والحفاظ على هويتها، وتعزيز الانتماء، ودحض افتراءات جماعات الإرهاب».
وسبق أن طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة بتجديد الخطاب الديني، للتصدي لفكر الجماعات المتشددة ومواجهة دعوات التكفير؛ آخرها دعوة الرئيس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بضرورة بدء تنفيذ «إجراءات ملموسة» في إطار المساعي لـ«إصلاح الخطاب الديني»، وذلك في مواجهة ما وصفه بـ«الآراء الجامحة والرؤى المتطرفة».
وخاضت السلطات المصرية معارك سابقة لإحكام سيطرتها على منابر المساجد، ووضعت قانوناً للخطابة الذي قصر الخطب والدروس في المساجد على الأزهريين فقط، فضلاً عن وضع عقوبات بالحبس والغرامة لكل من يخالف ذلك... كما تم توحيد خطبة الجمعة في جميع المساجد لضبط المنابر، وتفعيل قرار منع أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات، أو وضع صناديق لهذا الغرض داخل المساجد أو في محيطها.
وأكد جمعة أمس، أن «الجماعات المتطرفة حاولت أن تهون من شأن الوطن، وأن تضع الناس في تقابلية خاطئة بين الدين والوطن، مع أن الدين لا بد له من وطن يحمله ويحميه... وقد قرر الفقهاء أن العدو إذا دخل بلداً من بلاد المسلمين كان الدفاع عنه فرض عين على أهله جميعاً، ولو فنوا عن آخرهم في سبيل الدفاع عنه». مضيفاً: «لو لم يكن الدفاع عن الأوطان من صميم مقاصد الأديان لكان لهم أن ينجوا بأنفسهم ودينهم، وهو ما لم يقل به أحد من أهل العلم، فحماية الأوطان والحفاظ عليها والبر بها والعمل على رقيها وتقدمها من صميم مقاصد الأديان».
وأكد وزير الأوقاف أنه لا شك أن توافق هذه الرؤى وتكامل هذه الجهود والأفكار والأعمال العلمية والدعوية، أمر يعزز من جوانب الولاء والانتماء للوطن، ويدحض افتراءات الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تحاول النيل منه ومن مقدراته، ويحصن النشء والشباب والمجتمع كله من أفكارها «الضالة المنحرفة».
وقالت الأوقاف في بيان لها أمس، إنه اتساقاً مع تكريم الرئيس السيسي لأسر شهداء الشرطة وبمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة، وعرفاناً بتضحيات الأبطال من أبناء ورجال القوات المسلحة والشرطة الوطنية، فسوف يتم الحديث في جميع المساجد من اليوم (الجمعة) حتى الخميس 31 يناير (كانون الثاني) عن قضية الوفاء للشهداء، بحيث يتم تكثيف الفعاليات الدعوية والثقافية حول هذا الموضوع ليكون قضية الأسبوع الدعوية والفكرية.
وأطلقت الأوقاف قبل أيام، أكاديمية عالمية لإعداد الإمام المستنير الواعي. وقال مصدر بالأوقاف لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطاب الديني بعد الدراسة في الأكاديمية سيكون مختلفاً، وهو ترجمة عملية لما طلبه الرئيس السيسي من ضرورة تكوين رجل الدين المثقف المستنير، لمواجهة أفكار الجماعات المتطرفة، والتصدي لخطاب العنف والكراهية الذي تطلقه».
في غضون ذلك، قررت الأوقاف المصرية أن تكون خطبة الجمعة 1 فبراير (شباط) المقبل عن احترام النظام العام في البلاد، واحترام قواعد المرور، وعدم التهرب من مستحقات المال العام والحق العام، وعدم اعتداء الإنسان على حقوق الآخرين المادية أو المعنوية ولو بتجاوز دوره في الانتظار أو الصف، والالتزام بكل ما تقرره قوانين الدولة، وكل ما من شأنه أن يرسخ أسس النظام العام.


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».