شهدت مصر علاقة وثيقة بين الطب والثقافة والفنون خلال العقود الماضية، إذ أثبت أطباؤها أنه ليس للإبداع شهادة تخصص، حيث اتجه الكثير منهم إلى الكتابة الأدبية، وأنواع أخرى من الفنون، بعد اكتشاف موهبتهم وقدرتهم على الإبداع فيها. وأخيراً برز في مصر، اسم الطبيبة إنجي جمال الدين الشناوي، مدرس الأمراض الباطنة بكلية طب قصر العيني، التي استهواها لون آخر من ألوان الإبداع، ربما لم يسبقها إليه طبيب آخر لما يتطلبه من بذل الكثير من الوقت والجهد، وهو يهتم بالفنون اليدوية التراثية التي تعمل على إحيائها، وتقديمها في صورة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، بجانب افتتاح مركز ثقافي، تحت اسم «جينا»، تقوم فيه بتعليم هذه الفنون اليدوية لتحول دون اندثارها.
تقدم إنجي أعمالاً من الديكوباج والخزف و«أركيت» النحاس والخشب، كما تعمل على تزيين، وإعادة تدوير الأثاث القديم، وتحويله إلى قطع جديدة مبهرة، باستخدام الديكوباج والموزاييك، بالإضافة إلى الاحتفاء الخاص من جانبها بفن كراكلي craquele وهو فن التعتيق أو التشقق على الخشب أو الفخار أو الزجاج، كطريقة من طرق التعتيق المستخدمة في الدهانات، كي تبدو القطعة المرسومة قديمة، وهي تستهوي الكثيرين من محبي متلازمة الفن والنوستالجيا.
وتمزج إنجي بين التراث المصري والعربي من جهة، والطرز الأوروبية المعاصرة من جهة أخرى، وتتمنى تعريف العالم بالفنون الأصيلة التي تتميز بالجمع بين الشكل الجمالي والوظيفية.
وعلاقة الدكتورة إنجي بالفن ليست حديثة، حيث تقول الطبيبة الفنانة لـ«الشرق الأوسط»: «اكتشفت موهبتي منذ الطفولة، كنت أحب الرسم والحرف اليدوية، وساعدتني أمي على ذلك عن طريق شراء الخامات لي، كانت تحرص على أن أتلقى دروساً في الرسم على الزجاج والقماش والحرق على الخشب، وغيرها من الفنون».
لكن على الرغم من هذه الموهبة الفنية، لم تلتحق بكلية متخصصة في الفنون، وانصاعت إنجي إلى رغبة والدها، والتحقت بكلية طب القصر العيني، لكن لم تقدر على الابتعاد عن حبها للفن وممارستها له: «كنت أمارس هوايتي التي كانت تزودني بالطاقة والتركيز اللازمين لدراسة الطب، كما كانت تمنحني المتعة وإرضاء النفس».
ومثلما تمسكت بهوايتها أثناء دراستها، فإنها بعد تخرجها وعملها طبيبة وأكاديمية تقوم بتدريس الطب، حرصت أيضا الدكتورة إنجي على اتباع المزيد من سبل صقل هذه الموهبة بالاطلاع على أحدث التقنيات العالمية، كما التحقت كذلك بدورات وورشات متخصصة، وتعلمت علي أيدي مصريين وعرب وأجانب، لا سيما في مجال الديكوباج والرسم على الأثاث، إضافة إلى تعلم الرسم بتقنية «ألون ستروك» التي استخدمتها في الرسم على قطع الأثاث.
وبعد هذه الدراسة المتخصصة تحولت براعتها في تقديم أعمال فنية إلى مهنة أخرى تمارسها بجانب الطب: «لم يكن يخطر ببالي في البداية أن أتخذها مهنة، لكن بعد فترة من تعمقي في تعلمها بدأت في عمل الهدايا البسيطة لصديقاتي من صنع يدي، وفوجئت بسعادتهن البالغة بها، والإشادة ببساطتها وأناقتها، لا سيما حين نجحت في إعادة تقديم قطع الأثاث والإكسسوارات المنزلية الخاصة ببيوت الأمهات والجدات».
كانت كلمات التشجيع من جانب صديقاتها حافزاً قوياً على استمرارها في العمل بشكل «احترافي» فقامت بالمشاركة في الكثير من المعارض والفعاليات التي حققت فيها نجاحاً مبهراً، لتقوم بافتتاح بازار ومركز فني متخصص في تعليم الفنون اليدوية المختلفة، وسط ترحيب أسرتها من جهة، ودهشة بعض أقاربها وأصدقائها من جهة أخرى.
لا تتوقف أحلام إنجي الفنية حيث تتمنى افتتاح مركز لتعليم الفنون اليدوية: «أتمنى أن أقوم في المستقبل بالعلاج بالفن، بشكل علمي وفني رفيع، وهو تخصص نادر في مصر والمنطقة العربية، كما أتمنى إدماج ألوان جديدة من الفنون اليدوية في المشهد الفني المصري»، وتؤكد: «لا أستطيع يوماً الاستغناء عن الطب، كما لا أستطيع التوقف عن تنفس الفن».
7:57 دقيقة
طبيبة مصرية تنتصر لموهبتها وتحترف الفنون اليدوية التراثية
https://aawsat.com/home/article/1548921/%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D9%85%D9%88%D9%87%D8%A8%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%AF%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9
طبيبة مصرية تنتصر لموهبتها وتحترف الفنون اليدوية التراثية
افتتحت مركزاً لتعليم أصولها
- القاهرة: نادية عبد الحليم
- القاهرة: نادية عبد الحليم
طبيبة مصرية تنتصر لموهبتها وتحترف الفنون اليدوية التراثية
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة