صاحب الحزام الناسف يروي خفايا معارك عرسال وخطف العسكريين

قاتل ضمن «كتيبة الفاروق» بسوريا والتحق بـ«النصرة» في لبنان

TT

صاحب الحزام الناسف يروي خفايا معارك عرسال وخطف العسكريين

أعاد السوري خضر جمعة الموقوف لدى القضاء العسكري، رسم صورة مؤلمة للمعارك التي اندلعت بين الجيش اللبناني والمجموعات المسلّحة، التي اجتاحت بلدة عرسال في البقاع اللبناني، مطلع شهر أغسطس (آب) 2014، وروايته لعملية خطف عشرات العسكريين على يدّ تنظيم «جبهة النصرة» من مخفر عرسال، واقتيادهم إلى الجرود، قبل تصفية البعض منهم، مفنّداً المهمات الأمنية التي كلّفه التنظيم بتنفيذها، بدءاً من مراقبة مواقع الجيش اللبناني المنتشر في المنطقة، وصولاً إلى استدراج مدنيين سوريين ولبنانيين وتسليمهم إلى التنظيم، وكيفية تصفية البعض منهم بعد إجراء محاكمات ميدانية لهم.
وخلال استجوابه أمام المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبد الله، بحضور وكيل الدفاع عنه، فنّد الموقوف جمعة الأدوار العسكرية التي اضطلع بها، بدءاً من معارك مدينة القصير السورية وصولاً إلى عرسال، حيث اعترف بانتمائه بداية إلى «كتيبة الفاروق» التابعة لـ«الجيش السوري الحرّ»، والقتال في صفوفها داخل مدينة القصير السورية ضدّ «حزب الله» وقوات النظام السوري. وأوضح أنه قبل سقوط القصير نقل عائلته إلى لبنان وتركها في مخيم اللاجئين في عرسال، وعاد إلى القتال في القصير، بعد شراء أسلحة رشاشة وذخائر من لبنان ونقلها إلى القصير لصالح «كتيبة الفاروق»، لكن بعد سقوط القصير انتقل إلى لبنان بشكل نهائي.
وبعد انتقاله لعرسال، أعلن الموقوف جمعة، أنه عمل تحت إمرة شقيقه عبد الرزاق جمعة المعروف باسم «أبو همّام»، وكان الأخير مسؤول العمليات الأمنية في «جبهة النصرة» ومقرّباً جداً من قائد التنظيم في منطقة القلمون «أبو مالك التلّة»، وقد سلّمه «أبو همام» حزاماً ناسفاً يزن كيلو غراماً واحداً ليضعه على خصره ويتجوّل به بشكل دائم. وطلب منه تفجير نفسه حال وقع بيد عناصر أمنية، وكلّفه مراقبة مراكز ودوريات الجيش اللبناني وإعلامه بتحركاته، مشيراً إلى أنه كان يرتدي الحزام أثناء تنقله ما بين عرسال والجرود التي يتحصّن فيها المسلّحون.
وفيما نفى جمعة أي دور له بمعارك عرسال بين الجيش والمسلّحين، روى وقائع حصولها وكيف جرى الهجوم على كلّ مراكز الجيش اللبناني دفعة واحدة، وأكد أنه عاين عملية خطف العسكريين، أثناء سيطرة «النصرة» على مخفر قوى الأمن داخل مدينة عرسال، وكيفية إخراج العناصر منه ووضعهم داخل شاحنة «بيك آب» ونقلهم إلى الجرود، مؤكداً أنه لم يشارك في المعارك ولا بعملية خطف العسكريين ولا باستهداف مراكز للجيش.
وقال: «قبيل انتهاء معارك عرسال كلّفني شقيقي (أبو همام) بمهمة استقبال وفد (هيئة العلماء المسلمين)، ونقلتهم بسيارتي الخاصة نوع (لاند كروزر) من مدخل عرسال، إلى مكان إقامة أبو مالك التلّة وبدأت عملية التفاوض على وقف القتال، وإطلاق سراح العسكريين المخطوفين، بعدها اضطررت للخروج مع عائلتي من عرسال إلى الجرود، لأن الوضع في البلدة لم يعد آمناً بسبب التصفيات التي تحصل يومياً».
ورغم إنكار توليه أي مهمّة أمنية، عاد الموقوف خضر جمعة ليعترف بأن شقيقه «أبو همّام» كلّفه باستدراج ثلاثة مدنيين سوريين إلى الجرود، حيث جرى التحقيق معهم وتركهم، معترفاً بأن بعض الذين استدرجهم تنظيم «جبهة النصرة» من مدنيين سوريين ولبنانيين أجريت محاكمات ميدانية لهم وتصفيتهم بعد إدانتهم بالتجسس لصالح الجيش اللبناني، كاشفاً عن خلاف وقع بينه وبين شقيقه «أبو همام» بعد انتقال الأخير مع «أبو مالك التلّة» إلى جرود عرسال، بسبب هجوم شنّته «النصرة» على «كتيبة الفاروق»، و«أبلغتهم أن معركتي ليست مع الجيش اللبناني بل مع قوات النظام السوري».
وكشف المتهم جمعة، أن شقيقه «أبو همام» انشق عن «النصرة» في وقت لاحق، والتحق بتنظيم داعش، وانتقل إلى مدينة الرقة، حيث خاض القتال إلى جانبه، وهو الآن معتقل لدى القوات الكردية، ومصيره مجهول، كما نفى أي دور له بخطف معاون من الجيش اللبناني إلى جرود عرسال وتصفيته هناك.


مقالات ذات صلة

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.