مصر تدشن «النهر الأخضر» في العاصمة الجديدة

يضم حدائق ومتنزهات ويربط بين أحياء المدينة

المياه اللازمة لتشجير النهر الجديد ستكون من ناتج محطات المعالجة الثلاثية
المياه اللازمة لتشجير النهر الجديد ستكون من ناتج محطات المعالجة الثلاثية
TT

مصر تدشن «النهر الأخضر» في العاصمة الجديدة

المياه اللازمة لتشجير النهر الجديد ستكون من ناتج محطات المعالجة الثلاثية
المياه اللازمة لتشجير النهر الجديد ستكون من ناتج محطات المعالجة الثلاثية

بدأت مصر أمس العمل في مشروع «النهر الأخضر» بالعاصمة الإدارية الجديدة، (شرق القاهرة) ليكون حلقة وصل بين سلسلة من الأحياء العمرانية الحديثة والمتنوعة. وتسعى الحكومة المصرية لأن تكون العاصمة الجديدة أكبر مدينة مركزية حديثة على مستوى العالم.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، خلال تدشينه العمل في «النهر الأخضر»: «يعمل بالمشروع 7 شركات مقاولات، بإجمالي 500 معدة، بالإضافة إلى مئات من العمال». وأضاف أن «الحكومة المصرية تلتزم بهذا المشروع، وتستهدف تنفيذه في 18 شهرا، وستشترك مع القطاع الخاص في جميع مراحل التطوير والتنفيذ، مما سيوفر الكثير من فرص الاستثمار الداخلي والخارجي، وذلك إيماناً من الحكومة المصرية بأن التعمير هو امتداد لتراث الأجداد، ورسالة من الحاضر إلى المستقبل المشرق».
وأوضح مدبولي أن طول الحديقة يصل إلى أكثر من 10 كم، وتزيد مساحتها عن ألف فدان، ما يجعلها من أكبر الحدائق حول العالم، وهي حديقة تحترم الطبيعة الطبوغرافية للمكان، وتتناغم مع النظام البيئي العام، وستوفر مناطق ترفيهية بمعايير عالمية، ويسهل الوصول إليها عن طريق شبكة متكاملة من ممرات المشاة والدراجات، كما تشتمل الحديقة على مجموعة من المشروعات ذات الطبيعة المتميزة.
وعن مصادر المياه اللازمة لتشجير النهر الجديد قال: «ستكون من ناتج مياه محطات المعالجة الثلاثية، للاستفادة منها في زراعة كل الحدائق الموجودة بما فيها الحدائق الخاصة الموجودة في المنازل، فأساسنا في ري كل المناطق الخضراء هي المياه المعالجة».
ووفق بيان مجلس الوزراء فإن طول النهر الأخضر يبلغ نحو 35 كيلومتراً، والمرحلة الأولى منه 10 كيلومترات، باستثمارات تقدر بنحو 9 مليارات جنيه، ويبدأ من الطريق الدائري الأوسطي حتى الدائري الإقليمي، (شرق القاهرة) وتتولى وزارة الإسكان تنفيذ المشروع، بالتعاون مع مكتب دار الهندسة استشاري المشروع.
من جهته، قال المهندس يحيى زكى، مدير مكتب دار الهندسة للاستشارات، المشرف على المشروع إن «الحديقة تتميز بالتنوع الكبير في الغطاء النباتي، والذي يعكس ثراء البيئة النباتية المصرية الطبيعية، كما أن الحديقة تمثل العنصر الرئيسي في التكوين العمراني للمنطقة المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، بما تمثله من توسط مكاني، ومساحة متفردة لاستيعاب الأنشطة والاستعمالات الترفيهية إلى جانب المناطق المفتوحة، بالإضافة إلى أن الحديقة ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأحياء السكنية المحيطة بقلب العاصمة الإدارية الجديدة، عن طريق شبكة من المحاور الخضراء».
وأضاف أن الحديقة المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ستتيح فرصة أكبر للتفاعل المجتمعي بين سكان العاصمة ونطاقها الأوسع، حيث من المقدر أن تستقبل الحديقة أكثر من مليوني زائر سنوياً، وستحتوي الحديقة على أحدث نظم التواصل والتنقل الذكية.
في السياق ذاته، تفقد مدبولي، أعمال تنفيذ الأبراج بمشروع حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتي تنفذها شركة CSCEC الصينية، بالتعاون مع عدد من شركات المقاولات المصرية. وبدأ العمل في تنفيذ 20 برجاً باستخدامات متنوعة، تتضمن البرج الأيقوني، وهو أعلى برج في أفريقيا، بارتفاع نحو 385 متراً، وسيبدأ صب القواعد الخرسانية له خلال أيام لمدة 80 ساعة متواصلة، وهذا رقم قياسي عالمي وفق مدبولي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».