أفريقيا... تاريخ حافل من محاولات الانقلابات العسكرية

أفريقيا... تاريخ حافل من محاولات الانقلابات العسكرية
TT

أفريقيا... تاريخ حافل من محاولات الانقلابات العسكرية

أفريقيا... تاريخ حافل من محاولات الانقلابات العسكرية

سجلت الغابون آخر محاولة انقلاب عسكري وقعت في «القارة السمراء» مطلع العام الحالي، ليرتفع عدد الفاشلة منها والناجحة خلال السنوات الـ60 الأخيرة، إلى 84 محاولة. ولم تكن المرة التي أُجهضت الأسبوع الماضي، في الغابون هي الأخيرة من نوعها، ففي عام 1964 نجا الرئيس ليون مبا من مصير مماثل بعد فشل الانقلاب الذي قاده معارضون عليه، بفض قوات فرنسية أعادته بعد يومين فقط إلى الحكم.
وفي 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 استولى الجيش في زيمبابوي على السلطة، ووضع الرئيس روبرت موغابي تحت الإقامة الجبرية، والسيطرة على محطة التلفزيون الحكومية، والانتشار العسكري في أرجاء العاصمة هراري. وقالت الدكتورة أميرة عبد الحليم، خبيرة الشؤون الأفريقية في البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في دراسة سابقة: إنه «رغم تأكيد قادة الجيش في زيمبابوي على أن تحركاتهم ليست انقلاباً عسكرياً. لكنها محاولة لحماية الرئيس موغابي من المجرمين المحيطين به إلا أن هذه التحركات اكتسبت تأييداً واسعاً من الشعب، وكذلك قادة الحزب الحاكم، باعتبارها الوسيلة الوحيدة لإنهاء حكم الرئيس موغابي الذي يعد واحداً من قادة التحرير الوطني، وتولى السلطة في البلاد منذ حصولها على الاستقلال في عام 1980».

- تراجع في العدد
ولفتت دراسة أجراها معهد الأبحاث الدولية التابع لجامعة هايدلبرغ الألمانية حول الانقلابات في «القارة السمراء» إلى تراجع معدلاتها، من متوسط 20 انقلاباً كل عام في حقبة ما بعد الاستقلال إلى أواسط الثمانينات (1960 - 1985) إلى أقل من خمسة انقلابات فقط في المتوسط.
وتناقلت تقارير بحثية، أن 20 دولة شهدت انقلابات كثيرة، بلغ متوسطها 6 انقلابات، مثلما حدث في نيجيريا، وأوغندا، وغانا، وبوركينا فاسو، وبنين، وموريتانيا، في حين شهدت نحو 13 دولة انقلاباً عسكرياً واحداً.
وعاشت موريتانيا، منذ استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1960، انقلابات عسكرية متعددة، وصلت إلى 6 مرات خلال 39 سنة، كان أولها في 1978، وأحدثها في 2008، عندما قاد الجنرال العسكري محمد ولد عبد العزيز، رئيس أركان الحرس الرئاسي، انقلاباً عسكرياً للإطاحة بحكم الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
وفي عام 2015، سيطر مسلحو ائتلاف سيليكا في أفريقيا الوسطى على العاصمة بانغي؛ ما أرغم الرئيس فرنسوا بوزيزي على الفرار إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة. وفي العام التالي، فرّ رئيس وزراء ليسوتو، توماس ثاباني، إلى جنوب أفريقيا قبل ساعات من محاصرة الجيش مقر إقامته في العاصمة.
وشهدت مالي انقلاباً في عام 2012، هو الأحدث عندما سيطرت مجموعة من المؤسسة العسكرية على القصر الرئاسي في العاصمة باماكو، بقيادة النقيب أمادو سانوغو الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توريه. كذلك، مرت البلاد بانقلابين آخرين، عندما انقلب الأخير على سلفه موسى تراوري عام 1991، الذي سبق وانقلب هو الآخر عام 1968 على الرئيس الاستقلالي موديبو كيتا.
وفي غينيا بيساو، عزل الجيش رئيس الوزراء كارلوس غوميس جونيور من منصبه، واستولى على السلطة في أبريل عام 2012، وكانت البلاد مرت بثلاثة انقلابات أولها عام 1980.
وفي مدغشقر، قاد أندريه راجولينا، رئيس بلدية العاصمة أنتاناناريفو، عام 2009 حركة معارضة واسعة. وفي مارس (آذار) من العام نفسه وفي يوم 17 مارس أعلن الرئيس مارك رافالومانانا نقل سلطة الحكم إلى مجلس عسكري وهربه من البلاد إلى جنوب أفريقيا. بعد أيام قليلة أعلن راجولينا نفسه رئيساً للسلطة الانتقالية في البلاد.
الأمر لم يختلف كثيراً بالنسبة لأفريقيا الوسطى؛ إذ قاد فرنسوا بوزيزي تمرداً ضد الرئيس آنج فيليكس باتاسيه عام 2003. أثناء وجود الأخير في النيجر، ولم تتمكن طائرته من الهبوط نتيجة لسيطرة قوات بوزيزي على المطار. وفي العام التالي نظم الاستفتاء على دستور جديد للبلاد وسط موافقة من الشعب جعلت بوزيزي يتراجع في وعده بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية. وفي 2005 فاز بوزيزي بالانتخابات الرئاسية ليصبح رئيسا للبلاد، حتى أطيح به في انقلاب عسكري بعدها بثماني سنوات.


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.