الحريري يميل للموافقة على عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال لإقرار الموازنة

جنبلاط يعتبر الموضوع «أكثر من ضروري» والعونيون غير متحمسين لاقتراح بري

الرئيس سعد الحريري مع الفريق اللبناني لكرة القدم أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري مع الفريق اللبناني لكرة القدم أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري يميل للموافقة على عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال لإقرار الموازنة

الرئيس سعد الحريري مع الفريق اللبناني لكرة القدم أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري مع الفريق اللبناني لكرة القدم أمس (دالاتي ونهرا)

لم يتخذ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري حتى الآن قرارا نهائيا بخصوص الدعوة التي وجهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لحكومة تصريف الأعمال، التي يرأسها الحريري أيضا، لدراسة موازنة عام 2019، وإحالتها إلى البرلمان لإقرارها، إلا أن القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش أشار إلى أن الحريري ليس بعيداً عن هذا التوجه، مرجحاً عقد جلسة قريبة للحكومة للبت في هذا الملف، خصوصاً أن هناك سابقة في هذا المجال وليست المرة الأولى التي تقضي فيها الضرورة بأن يتم إقرار الموازنة في ظل حكومة تصريف أعمال.
واعتبر علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن من يعرقل تشكيل الحكومة الجديدة لا يبحث عن مزيد من الحجج والمبررات للاستمرار في التعطيل، لافتاً إلى أن الرئيس الحريري لا يمكن أن يقف عقبة أمام إقرار الموازنة.
وعاد لبنان في عام 2017 إلى سكة الانتظام المالي حين أقر أول موازنة بعد 12 عاماً من الصرف وفق القاعدة «الاثني عشرية»، ويتخوف عدد من المسؤولين أن تطول عملية تشكيل الحكومة، وبالتالي العودة للصرف وفق هذه القاعدة، ما دفع الرئيس بري لمطالبة حكومة تصريف الأعمال بالاجتماع لدراسة الموازنة وإحالتها إلى المجلس النيابي، وهي المهمة التي كان يفترض أن تقوم بها الحكومة الجديدة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كما تنص المادة 83 من الدستور.
وفي حال وافق الحريري على دعوة الحكومة للانعقاد لبحث الموازنة، سيكون ثاني رئيس حكومة بعد الرئيس الراحل رشيد كرامي الذي كان على رأس حكومة تصريف الأعمال في عام 1969، يترأس جلسة لإقرار الموازنة العامة.
وفيما سارع عدد من الكتل النيابية للشد على يد الرئيس بري وأبرزها كتلة «القوات» التي كانت سباقة في الدعوة لعقد جلسات «ضرورة» لحكومة تصريف الأعمال، على غرار جلسات «تشريع الضرورة»، وكتلة «اللقاء الديمقراطي» بعيد اعتبار رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أن اقتراح بري بعقد جلسة استثنائية لإقرار الموازنة أكثر من ضروري لمحاولة ضبط الإنفاق، مستغربا تردّد البعض، بدت كتل أخرى، وأبرزها تكتل «لبنان القوي» المؤيدة لرئيس الجمهورية، مترددة، خوفاً من أن يعني سير كل القوى في هذا الاتجاه إقراراً بعدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة، وتحويل الاستثناء المتمثل باجتماع حكومة تصريف الأعمال إلى قاعدة. وهو ما عبرت عنه مصادر التكتل، مؤكدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس هناك موقف رسمي نهائي من قيادة «التيار الوطني الحر»، إلا أنها تعتبر أن السير في هذا الاتجاه سيشكل إشارة سلبية سواء للبنانيين أو للمجتمع الدولي حول مصير الحكومة الجديدة. وأضافت: «الغاية هنا لا تبرر الوسيلة، ونحن نستغرب أن يسير الرئيس الحريري الآن في هذا الاتجاه بعدما رفض السير به عندما نصحه حزب (القوات اللبنانية) به».
واللافت أن نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، وهو عضو في تكتل «لبنان القوي»، كان سارع إلى إعلان تأييد دعوة بري، مؤكداً بعد لقائه إياه يوم الأربعاء الماضي أن «وجهات النظر متفقة تماما على التوجيه الذي أعطاه فيما يتعلق بشؤون الموازنة والمالية العامة»، معتبرا أنه «أمر باستطاعة الحكومة أن تقدم عليه، وبخصوص الموازنة بشكل خاص وتحيله إلى المجلس النيابي حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال. وهذا أمر نحن بأعلى درجات القناعة به لأنه يتعلق بمصالح الدولة العليا وباستمرارية عملها». وأكد مصدر نيابي في «التيار الوطني الحر» أن الفرزلي عبّر عن رأيه الشخصي في هذا المجال وليس عن رأي التيار أو التكتل الذي لم يطرح عليه أي من المسؤولين الموضوع بعد ليبدي فيه موقفاً نهائياً.
وفي حال توفر الإجماع السياسي على عقد جلسة استثنائية لحكومة تصريف الأعمال لدراسة الموازنة، لا يبدو أنه ستكون هناك إشكالية دستورية تمنع الاجتماع. وهو ما أكد عليه الوزير السابق والخبير الدستوري إبراهيم نجار لافتا إلى أن انعقاد حكومة تصريف الأعمال يفترض توافر 3 شروط هي الضرورة والعجلة والمصلحة العامة، وهي شروط متوافرة في موضوع الموازنة العامة، خصوصاً أن الدستور اللبناني تحدث عن مهل معينة يتوجب مراعاتها.
واعتبر نجار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «قد يكون من الأفضل أن يتم حصر الملفات التي ستبحثها حكومة تصريف الأعمال بالموازنة، وإن كانت خطة الكهرباء التي طالبنا بها البنك الدولي ضرورية أيضا». وقال: «الأمر ليس مرتبطا فقط بالموازنة بل بتمكين الحكومة من صرف الأموال ودفع رواتب الموظفين». وكان وزير المال علي حسن خليل نبه إلى أنه «إذا تأخر تشكيل الحكومة شهرا زائدا فإن وزارات قد لا تتوفر لها الأموال وسنكون مضطرين لإيجاد سبل لتأمينها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.