تزايد الوفيات لدى المراهقين نتيجة المخدرات

بعضها ينتج من تعامل خاطئ مع أدوية تحتوي مشتقات الأفيون

تزايد الوفيات لدى المراهقين نتيجة المخدرات
TT

تزايد الوفيات لدى المراهقين نتيجة المخدرات

تزايد الوفيات لدى المراهقين نتيجة المخدرات

لا تزال المخدرات والأدوية المشتقة منها واحدة من أكبر المشكلات الصحية التي تواجه معظم دول العالم. ويكفي أن نعرف أن هناك نحو 115 شخصا يلقون حتفهم يوميا بسبب الجرعات الزائدة من المخدرات في الولايات المتحدة فقط.
والمؤسف أن الوفيات لم تعد قاصرة على البالغين فقط، بل امتدت لتشمل المراهقين وحتى الأطفال الصغار بسبب الإهمال، وهو الأمر الذي كشفت عنه دراسة حديثة قام بها باحثون من كلية يال للطب Yale School of Medicine بالولايات المتحدة ونشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي في النسخة الإلكترونية من مجلة الرابطة الطبية الأميركية JAMA.
- أدوية أفيونية
وأوضحت الدراسة أن نسبة وفيات الأطفال والمراهقين من الأدوية الأفيونية opioid ومشتقاتها وتناول جرعات زائدة قد تضاعفت 3 مرات خلال العقدين المنصرمين.
وتأتي أهمية هذه الدراسة بشكل خاص في توقيت إجرائها ونشرها، حيث إن الكثير من دول العالم الآن بصدد إصدار القوانين التي تبيح استخدام المخدرات البسيطة مثل الأفيون وطرحها للبيع للجمهور، وهو الأمر الذي ربما يمثل خطورة على صغار السن من المراهقين وبعض الأطفال أيضا، خاصة أن التحكم الكامل في السيطرة على البيع لمن هم دون السن القانوني لتناولها ليس بالأمر اليسير.
وتكمن الخطورة الكبرى من زيادة الجرعة في أن الأفيون ومشتقاته يتفاعل ويؤثر على أجزاء معينة في المخ تتحكم في التنفس وتنظمه. وفي حالة أن تسبب الجرعة الزائدة تثبيط مراكز التنفس تحدث الوفاة. وقد كانت هذه المواد تستخدم سابقا في الكثير من مستحضرات السعال، ولكن تم حظر استخدام مشتقات الأفيون في أدوية السعال خاصة في الأطفال منذ نهايات القرن الماضي.
وعلى الرغم من أن الدراسة أوضحت أن وفيات المراهقين تحدث إما بسبب تناول المخدرات عن طريق الخطأ في حالة وجودها في محيط المنزل أو أماكن التجمعات الشبابية مثل النوادي، وإما بغرض الإقدام على الانتحار، إلا أنها لم تغفل حوادث الوفاة جراء تناول جرعة زائدة سواء بسبب تناول المسكنات القوية المشتقة من الأفيون التي توجد على شكل عقار أو من خلال تناول المخدرات بالفعل بغرض تعاطيها من دون النية للإقدام على الانتحار.
وذكرت أن هناك ما يقرب من 9000 مراهق توفوا جراء المخدرات لسبب أو لآخر في الفترة من عام 1999 وحتى وقت إجراء الدراسة في عام 2016. وهذا العدد لا يرقى بالطبع إلى عدد ضحايا المخدرات من البالغين ولكنه يتبع نفس نسبة معدل الزيادة.
- خطورة على المراهقين
قام الباحثون بتجميع بيانات من مركز منع الأمراض والوقاية منها CDC. وأوضحوا أن 40 في المائة من وفيات الأطفال والمراهقين حدثت بالمنزل وأن الوفيات قد تناقصت في عامي 2008 و2009 بسبب تغيير الأطباء لطريقة الوصفة الطبية الخاصة، ثم تزايدت بعد ذلك نتيجة لإقبال المراهقين على تعاطي المخدرات من خلال شرائها سواء من أماكن توزيعها أو على شبكة الإنترنت. وبلغت أكبر نسبة خطورة لحدوث الوفاة في المراهقين الأكبر عمرا من عمر 15 وحتى عمر 19 عاما. وكان مخدر الهيروين صاحب النصيب الأكبر في زيادة الاستخدام في هذه الفئة وكانت نسبته 405 في المائة وهي نسبة كبيرة جدا بالطبع وكانت نسبة الوفيات من هذه الفئة وحدها تصل إلى 88 في المائة من مجموع حالات الوفيات التي شملتها الدراسة منذ بدايتها.
وأظهرت الدراسة أنه لا توجد سن معينة لم تحدث فيها الوفاة حتى أنها شملت الأطفال تحت عمر الخامسة وبلغت نسبتهم 7 في المائة وأن هناك نسبة بلغت 25 في المائة من هؤلاء الأطفال الصغار، وعددهم 148 تمت من خلال التعمد فيما يشبه القتل، وهو ما يلقي الضوء على خطورة وجود الأدوية المخدرة أو المخدرات بشكل عام في المنازل سواء كانت عن طريق وصفة طبية لعلاج بعض الأمراض النفسية أو إذا كان أحد الأبوين من المتعاطيين.
وكانت نسبة وفيات الأطفال من عمر 5 وحتى 9 سنوات هي 1 في المائة من مجموع الوفيات وبلغت نسبة الوفيات بالمنازل 38 في المائة بينما بلغت نسبة الوفيات التي حدثت في المستشفيات أو أماكن الرعاية الصحية 10 في المائة فقط. والجزء الأكبر من الوفيات حدث بعيدا عن الرعاية الصحية تماما وبلغت نسبته 60 في المائة.
وحذرت الدراسة أنه على الرغم من أن معظم الوفيات كانت من الذكور من أصول بيضاء إلا أن كل الفئات معرضة للخطورة ونسبتهم تتزايد مثل الفتيات والأميركيين من أصول أفريقية أو لاتينية، وأنه على الرغم من الجهود المبذولة في مكافحة الإدمان فإن معدلات تعاطي الأفيون في المراهقين ما زالت مرتفعة. كما أن هناك بعض الأدوية التي يمكن بتقنين عدم وصولها إلى المراهقين والأطفال أن تنقذ الكثير من حالات الوفاة مثل عقار الميثادون methadone الذي يستخدم في علاج الإدمان.
وأشار الباحثون إلى أن هناك بعض الإجراءات البسيطة التي يمكن أن يقوم بها الآباء لحماية أبنائهم من خطورة وصول هذه الأدوية إليهم مثل حفظ الأدوية المخدرة في مكان عال لا يمكن للأطفال الوصول إليه عن طريق الخطأ والتخلص من الحبوب التي لم يتم استخدامها، كما يجب أن تراعي شركات الأدوية المصنعة لهذه العقاقير أن تكون العبوات الخاصة بها غير قابلة للفتح بواسطة الأطفال.
ونصحت الدراسة بضرورة توعية المراهقين بخطورة تناول المخدرات على سبيل الترويح عن النفس أو التجربة وإمكانية أن تحدث الوفاة بشكل عفوي تماما، وضرورة توعية الآباء أيضا بخطورة الإهمال في ترك العلاج في متناول يد الأطفال حتى المسكنات القوية المشتقة من الأفيون.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي. ومع ذلك، فإن محبي المشروبات قليلة الدسم هم أقل عرضة للقلق والاكتئاب.

تم جمع البيانات من أكثر من 350 ألف شخص مسجلين في دراسة «بيو بانك» في بريطانيا الذين تمت متابعتهم لأكثر من عقد من الزمان، وتقييمهم بحثاً عن علامات مشاكل الصحة العقلية.

وجدت الدراسة أنه عند أخذ العمر والصحة والدخل في الاعتبار، فإن أولئك الذين يشربون الحليب قليل الدسم هم أقل عرضة للاكتئاب بنسبة 12 في المائة، وأقل عرضة للقلق بنسبة 10 في المائة.

ومع ذلك، وُجد أن شرب الحليب منزوع الدسم ليس له أي فائدة، في حين أن شرب أنواع أخرى من الحليب، مثل حليب الصويا واللوز، كان مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 14 في المائة، حسبما أوردت صحيفة «تلغراف» البريطانية. وفي هذا الصدد، كتب العلماء من جامعة «ساوثرن ميديكال» في دراستهم: «الحليب مصدر غني بالعناصر الغذائية، مثل اللاكتوز والدهون والبروتين والمعادن، وهي ضرورية للحفاظ على صحة الإنسان».

يقولون إن الحليب مصدر غني بمعدن الكالسيوم الذي ثبت سابقاً أنه ينشط مسارات في الجسم يمكنها زيادة إنتاج السيروتونين. والسيروتونين مادة كيميائية تلعب دوراً في الدماغ، فيما يتعلق بالمزاج والصحة العقلية. وتعمل المجموعة الأكثر شيوعاً من أدوية مضادات الاكتئاب على تعزيز امتصاص السيروتونين.

والحليب غني بالدهون المشبعة، ويحتوي الحليب منزوع الدسم على نسبة أقل من هذه الجزيئات مقارنة بالحليب كامل الدسم.

وارتبط تناول كثير من الدهون المشبعة في النظام الغذائي بكثير من الحالات الصحية، مثل ارتفاع نسبة الكولسترول والسكتة الدماغية وأمراض القلب، ولكن ثبت أيضاً أنه يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.

ويقول العلماء إن هذا قد يفسر سبب كون الحليب منزوع الدسم -ولكن ليس كامل الدسم- مفيداً للصحة العقلية؛ لأن المحتوى العالي من الدهون المشبعة في حليب البقر غير منزوع الدسم، يمكن أن يضعف إشارات الدوبامين في الدماغ ويسبب الالتهاب. لكن الحليب منزوع الدسم يحتوي أيضاً على «كمية كبيرة» من الدهون غير المشبعة، والتي غالباً ما يطلق عليها «الدهون الجيدة» وقد ثبت في الماضي أنها مفيدة لنظام الدوبامين في الدماغ.

ويقول العلماء إن الحليب منزوع الدسم يحتوي على دهون جيدة أكثر من الحليب كامل الدسم، ودهون سيئة أقل من الحليب كامل الدسم، وهذا قد يعني أنه يقع في مكان جيد؛ حيث يحسن الصحة العقلية.

وكتب العلماء في الدراسة التي نشرت في مجلة «Frontiers in Nutrition»: «قد يوفر ملف الأحماض الدهنية في الحليب منزوع الدسم حماية دماغية أكبر، مقارنة بالحليب كامل الدسم، وبالتالي يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق». ويضيفون: «يشير التحليل إلى إمكانية وجود ارتباط عكسي بين استهلاك الحليب منزوع الدسم ومخاطر الاكتئاب والقلق». وأضافوا: «تشير هذه النتائج إلى أن الحليب منزوع الدسم قد يكون له تأثير وقائي ضد هذه الحالات الصحية العقلية، مما يقدم آفاقاً جديدة للتدخلات الغذائية».