في أول أيام 2019... فيينا ترقص الفالس ولندن تقدم استعراضها الـ 33

التنين الصيني في استعراض بداية العام بلندن أمس (رويترز)
التنين الصيني في استعراض بداية العام بلندن أمس (رويترز)
TT

في أول أيام 2019... فيينا ترقص الفالس ولندن تقدم استعراضها الـ 33

التنين الصيني في استعراض بداية العام بلندن أمس (رويترز)
التنين الصيني في استعراض بداية العام بلندن أمس (رويترز)

مع أول أيام 2019، وحسب التقليد السنوي، قدمت فرقة فيينا السيمفونية حفل أول أيام العام في قاعة الميوزيك فراين، وقاد الأوركسترا الألماني كريستيان ثيلمان، وهو من أشهر قواد الأوركسترا في العالم، وهي المرة الأولى التي يتولى فيها إدارة أوركسترا فيينا في هذا الحفل الذي يشهد حضوراً رسمياً يتمثل برئيس البلاد وضيوفه وغيرهم من الشخصيات البارزة وعدد محدود ممن يمكن اعتبارهم محظوظين في الفوز بتذاكر للحفل؛ إذ إنها تطرح سنوياً في الفترة ما بين 2 إلى 23 يناير (كانون الثاني) عن طريق القرعة أو اليانصيب.
برنامج الحفل لا يحمل مفاجآت، لكنه يقدم باقة من أجمل المعزوفات العالمية، منها الفالس والأوبريت والبولكا والمازوركا والمارش، مجموعة مختارة يتم الإعلان عنها مبكراً ضمن مؤلفات موسيقية، أبدعتها أنامل عائلة واحدة، هي عائلة «شتراوس»، وقوامها المؤلف والملحن الموسيقي النمساوي يوهان شتراوس الأب، ويوهان شتراوس الابن، وشقيقاه إدوارد وجوزيف، وأحياناً فقط لمناسبات بعينها تتم إضافة معزوفات إلى كبار المؤلفين النمساويين الآخرين، ومنهم أعلام مثل موتزارت وهايدن.
وبصفته تقليداً ثابتاً، يستمر الحفل لمدة ساعتين ونصف الساعة، ويتضمن كل عام مقطوعات مختلفة من الإنتاج الغزير المتوافر لآل شتراوس، وإن أصبح تقليداً لا يحيدون عنه سنوياً أن تكون المقطوعة الثانية هي الدانوب الأزرق، التي ألفها عام 1866 يوهان شتراوس الابن ويختتم الحفل بمقطوعة راديزكي مارش، التي ألفها يوهان شتراوس الأب عام 1848 بمناسبة عودة الفيلد مارشال راديتزكي منتصراً في معركة حربية، فجاءت نغماته حماسية، وكان أن تفاعل معها الجنود يومها بالتصفيق والخبط بالأقدام، وهكذا سار الحال بين الحاضرين الذين يستمتعون بالمشاركة، مصفقين تصفيقاً موزوناً ومرحاً بحماس وفق تعليمات المايسترو الذي يتعين عليه لحظتها أن يقودهم تماماً كما يقود فرقته. ولزيادة البهجة في أول أيام العام، تتميز القاعة، وهي الجميلة بمعمارها المميز، بإضافة باقات من الزهور الرائعة شكلاً ورائحة تهديها سنوياً مدينة سانريمو ليغوريا الإيطالية، وفي الختام يتم إهداء تلك الأزهار للسيدات من الحضور للاحتفاظ بها تذكاراً عند مغادرتهن. وفي لندن، انطلق استعراض بداية العام في عامه الـ33 بمشاركة الآلاف الذين قصدوا شوارع وسط المدينة لإحياء تقليد الاستعراض السنوي. وشارك في الاستعراض أمس ثمانية آلاف مؤدٍ من جميع أنحاء العالم بدأوا مسيرتهم من شارع «بيكاديلي» عبر ريجنتس ستريت وساحة ترافالغر ليختتم الاستعراض في ساحة البرلمان في الساعة 3:30 أمس. وتعود إيرادات الاستعراض لصالح مؤسسات خيرية يرعاها عمدة لندن صادق خان، الذي كان حاضراً ليشيد بالعاصمة البريطانية قائلاً: «حقاً، لا يوجد مكان مثل لندن لاستقبال العام الجديد»، مشيراً إلى استعراض الألعاب النارية الذي أقيم الليلة السابقة، وأضاف: «من أعظم استعراض ألعاب نارية في العالم ليلة رأس السنة إلى استعراض بداية العام الحافل بالمرح تحتفل عاصمتنا بوحدتنا وتنوعنا ونحن نقول للعالم مرة أخرى إن لندن تفتح ذراعيها للعالم».
وبدأ استعراض بداية العام في لندن عام 1987 للمرة الألى وشارك فيه عندئذ 2000 مؤد.


مقالات ذات صلة

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق جوي تتسلّم جائزة «أفضل ممثلة» في مهرجان «بيروت للأفلام القصيرة» (جوي فرام)

جوي فرام لـ«الشرق الأوسط»: أتطلّع لمستقبل سينمائي يرضي طموحي

تؤكد جوي فرام أن مُشاهِد الفيلم القصير يخرج منه وقد حفظ أحداثه وفكرته، كما أنه يتعلّق بسرعة بأبطاله، فيشعر في هذا اللقاء القصير معهم بأنه يعرفهم من قبل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق «سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».