الجهاز المناعي في الجسم.. لمكافحة السرطان

تطوير عقاقير لتحفيزه على تدمير الخلايا الخبيثة

الجهاز المناعي في الجسم.. لمكافحة السرطان
TT

الجهاز المناعي في الجسم.. لمكافحة السرطان

الجهاز المناعي في الجسم.. لمكافحة السرطان

يمتلك الجسم البشري جهازا مناعيا يقاوم به كثيرا من الميكروبات التي تسبب الأمراض المعدية. ولكن لماذا لا يستطيع هذا الجهاز المناعي مقاومة الخلايا التي تتسرطن باعتبار أن الخلايا السرطانية ليست خلايا طبيعية؟ يجيب عن هذا التساؤل الدكتور عبد الرحيم قاري، استشاري ومدير مركز قاري الطبي لأمراض الدم وعلاج الأورام، مشيرا إلى أن الخلايا السرطانية هي من ذات الجسم، وأن الجهاز المناعي موجود بحيث إنه لا يهاجم ما يتبع ذات الجسم ولكنه يهاجم كل ما هو غريب. ولكن الخلايا السرطانية في معظم الأحوال تحمل جزيئات من المفترض أن يتمكن الجهاز المناعي من التعرف عليها كجزيئات شاذة فيقاومها ويقضي عليها، وهذه أحيانا تكون جزيئات تظهر على سطح الخلايا السرطانية فقط. والسبب في أن الورم السرطاني ينجح في مقاومة الجهاز المناعي هو أن الخلايا السرطانية حين تتسرطن تكتسب قدرة على تثبيط الجهاز المناعي وتجعله غير قادر على مقاومتها بشكل فعال. وقد استطاع الأطباء خلال العقود الماضية أن يبتكروا عدة وسائل تستخدم الجهاز المناعي والخصائص المناعية الموجودة في الجسم لمقاومة هذا السرطان.
يطرح هنا د. عبد الرحيم قاري بعض الأمثلة للجزيئات التي تظهر على سطح الخلايا السرطانية فقط، ومنها جزيء اسمه «GD2» الذي يظهر على سطح الخلايا السرطانية التي أصلها من النسيج العصبي البدائي ولا يظهر على الخلايا الطبيعية مما يجعله قابلا أن يكون هدفا للعلاج المناعي. وهناك بحوث طبية واسعة لاستخدام تقنيات مناعية مثل الأجسام المضادة وحيدة النسيلة أو باستخدام الخلايا اللمفاوية من نوع «T».
وجزيء «HER - 2» الذي نستخدم له أحد أنواع الأجسام المضادة وحيدة النسيلة الذي يسمى «Trastuzumab»، وهذا العقار يستخدم في سرطان الثدي وسرطان المبيض.
ويشير الدكتور قاري إلى أن الكثير منا يعرف الجهاز المناعي ونشاطه عن طريق التطعيمات التي نعطيها للأطفال الصغار لتكوين مقاومة للميكروب تظل في كثير من الأحوال طوال العمر. والسؤال الذي يدور في الذهن: هل يمكن استخدام هذه التقنية في مقاومة السرطان؟ الواقع أن الأورام السرطانية مليئة بالخلايا اللمفاوية (المناعية) التي من المفترض أنها تقاوم الورم والتي نسميها الخلايا الليمفاوية المتسللة داخل الورم، لكن الورم كما قلنا يفرز مواد تثبط هذا الخلايا وتجعلها غير فعالة.

* تقنيات حديثة

* يذكر د. قاري عددا من التقنيات التي يمكن استخدامها من الناحية النظرية على الأقل في هذا المجال مثل:
* أخذ خلايا لمفاوية من جسم المريض وتغييرها جينيا حتى تستطيع أن تقاوم الورم بفعالية أكثر، ثم يجري تكثير عدد الخلايا اللمفاوية خارج الجسم وبعد ذلك حقنها إلى داخل جسم نفس المريض.
* استخراج الخلايا اللمفاوية من قطعة الورم الذي جرى استئصاله وتكثيرها وتنشيطها ثم إعادة حقنها إلى داخل جسم نفس المريض.
* أخذ خلايا شجيرية (Dendritic Cells) من دم المريض ثم تركها مدة في المختبر مع بروتينات الورم لكي تتعرف عليها ثم تحقن هذه الخلايا الشجيرية إلى الجسم وتقوم الخلايا الشجيرية بتقديم بروتينات الورم إلى الخلايا اللمفاوية لكي تتعرف عليها الخلايا اللمفاوية داخل الجسم وتنشط ضد الورم.

* تحفيز الجهاز المناعي

* إن البروتينات أو الجزيئات التي يمكن استخدامها في تحفيز الجهاز المناعي على أنواع كثيرة، منها:
* جزيئات نشطة أثناء تميز خلايا الجسم مثل جزيء «CarcinoEmbryonic Antigen CEA».
* بروتينات ناشئة عن طفرات جينية في خلية السرطان أثناء تسرطنها.
* بروتينات فيروسية ساهمت في التسبب في نشوء السرطان مثل فيروس «EBV» الذي يسبب بعض الأورام اللمفاوية وأورام البلعوم الأنفي وفيروس «HPV» الذي يسبب أورام عنق الرحم.
* جزيئات سرطان الخصية: وهذه الجزيئات لا تظهر إلا في الخلايا الجنسية داخل الخصية الطبيعية أو داخل المبيض، لكنها تظهر في سرطان الخصية وعدد من الأورام الأخرى مثل أورام الجلد، والمثانة، الرئة، والكبد. ويمكن استخدام هذه الجزيئات كهدف للعلاج المناعي.
* جزيئات الأوعية الدموية: وهي جزيئات خاصة بالأوعية الدموية، ومن المعروف أن السرطان يحتاج إلى أوعية دموية تغذيه فإذا قطعنا عنه الأوعية الدموية فإننا نعمل على تدميره.
* جزيئات الخلايا البيئية (Stromal Cells)، كما قلنا يحتاج السرطان إلى بيئة يتغذى منها ويتفاعل كيميائيا مع الخلايا الأخرى سواء الخلايا السرطانية أو الطبيعية، فإذا مكنا الجسم من مهاجمة الخلايا التي يعتمد عليها سواء في غذائه أو في التفاعلات الكيميائية الضرورية فإن الخلايا السرطانية لن تتمكن من البقاء.
وحتى تقوم الخلايا الشجيرية بوظيفتها في تقديم الجزيئات الخاصة بالسرطان إلى الخلايا اللمفاوية تحتاج في بعض الأحيان إلى جزيئات مساعدة وهذه الجزيئات المساعدة تكون مثل عامل النمو الذي يسمى «GM - CSF»، وهناك عدد من الجزيئات المساعدة الأخرى التي تستخدم في إعداد وسائل علاج مناعية ضد السرطان.

* علاجات مناعية

* العلاج الوحيد الذي يعد أنه حقق نجاحا وقد صرحت بذلك الهيئات المسؤولة عن الدواء مثل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) هو عقار بروفينج (Provenge)، ويكون استخدام هذا العقار كالتالي:
- تستخلص الخلايا الشجيرية من الدم، وتترك مع بروتين مركب اسمه (PA2024) لكي تحمل الخلايا الشجيرية هذا البروتين المركب. ثم تحقن الخلايا الشجيرية إلى جسم المريض وبالتالي تقدم الخلايا المناعية (اللمفاوية من نوع T) وتحفز الخلايا المناعية هذه على رد فعل مثالي ضد سرطان البروستات لأن الجزيء (PAP) خاص بالبروستات.
* تقنية الأجسام المضادة وحيدة النسيلة. طورت في منتصف التسعينات في المختبرات وبدأ استخدامها فيها لأغراض تشخيصية. لكن الأطباء فكروا في استخدامها في علاج الأمراض، خاصة السرطانية. وكان أولها استخداما كأسلوب علاجي هو عقار ريتوكسيماب (Rituximab)، حيث جرى التصريح به للاستخدام في عام 1997.
وقد زادت عدد الأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي صرح باستخدامها عن العشرة حتى الآن. وهي على نوعين: إما أجسام مضادة وحدها، وإما أجسام مضادة مربوطة بمادة فعالة قد تكون مشعة وقد تكون علاجا كيميائيا.
وتعمل هذه الأجسام المضادة وحيدة النسيلة بعدة طرق: هناك نوع من الخلايا المناعية التي تعمل فقط عندما تجد أجساما مضادة على سطح الخلايا فتهاجمها وهذه المكانيكية نسميها «قتل الخلايا بواسطة خلايا مناعية تعتمد على الأجسام المضادة». وبعد مهاجمة الخلايا المناعية للخلايا السرطانية تنشط داخل الخلايا السرطانية ميكانيكية «الموت المبرمج للخلايا» مما يؤدي إلى تفاعلات كيميائية داخل الخلية السرطانية تؤدي إلى موتها.
ومثلا عقار ريتوكسيماب (Rituximab) موجه ضد جزيء (CD20) الموجود على سطح بعض الخلايا السرطانية اللمفاوية، ولذلك عندما نستخدمه علاجيا يؤدي إلى قتل الخلايا السرطانية اللمفاوية عن طريق ميكانيكية قتل الخلايا بواسطة خلايا مناعية تعتمد على الأجسام المضادة وميكانيكية «الموت المبرمج للخلايا».
والأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي تستخدم هذه الميكانيكيات التي يجرى استخدامها علاجيا الآن هي: ريتوكسيماب، أوفاتوموماب، أليمتوزوماب، وهذه الثلاثة تعمل ضد الأورام اللمفاوية. وسيتوكسيماب ضد أورام القولون وتراستوزوماب ضد سرطان الثدي.

* تنشيط نظام كومبليمنت

نظام كومبليمنت هو نظام في الجسم يرتبط بالجهاز المناعي، حيث تتفاعل فيه عدد من العوامل التي تسمى «عوامل كومبليمنت» وتؤدي في النهاية إلى قتل الخلايا التي جرى تنشيط هذا النظام على سطحها. ولذلك عندما نستخدم بعض الأجسام المضادة وحيدة النسيلة ضد جزيئات معينة على سطح بعض الخلايا السرطانية فإن هذا النظام يؤدي إلى قتل هذه الخلايا. والأجسام المضادة التي تستخدم هذه الميكانيكية هي: عقار أليمتوزوماب وعقار ريتوكسيماب. ويعمل من خلال:
- التدخل في نقل الإشارات داخل الخلية لتعطيل نمو الخلايا أو تحفيز موتها المبرمج مثلا. وتعمل بعض الأجسام المضادة وحيدة النسيلة بهذه الطريقة مثل: سيتوكسيماب ضد أورام القولون، تراستوزوماب ضد أورام الثدي، وبيفاسيزوماب ضد الأوعية الدموية للورم.
- تحميل الجسم المضاد وحيد النسيلة مادة سمية مثل مادة مشعة أو مادة كيميائية قاتلة، مثل العقارات التالية: توزيتوماب وإبريتوموماب ضد الأورام اللمفاوية وهذان العقاران يحملان مادة مشعة مثل الأيودين المشع في حالة الأول ومادة الإتريوم المشع في حالة الثاني.
- عقار جيمتوزوماب وبرنيتوكسيماب اللذان يحملان مادة كيميائية قاتلة للسرطان (سرطان الدم النخاعي الحاد في حالة الأول والسرطان اللمفاوي في حالة الثاني).

آخر المستجدات

- هناك مادة اسمها كالريتوكولين تشجع الخلايا البالعة أن تبلع الخلايا سواء العادية أو السرطانية وهناك مادة اسمها (CD47) تمنع هذا البلع بإرسال إشارات «لا تأكلني» إلى الخلايا البالعة. والخلايا السرطانية تثبط الخلايا البالعة أن تبتلعها لأنها وإن كانت تحمل عددا أكبر من جزيئات كالريتوكولين إلا أنها تحمل أيضا عددا أكبر من جزيئات (CD47) ولذلك ترسل إشارات «لا تأكلني» بقوة فتمنع الخلايا البالعة من بلعها. ولذلك إذا استخدمنا أجسام مضادة ضد جزيء (CD47) نستطيع منع إشارة «لا تأكلني» فتقوم الخلايا البالعة ببلع الخلايا السرطانية.
- وهناك تقنيات تسمى «نقل الخلايا اللمفاوية المتبناة من نوع T». وتتلخص هذه التقنية في أن تمكن الخلايا اللمفاوية من نوع «T» المستخلصة من جسم المريض في أن تكون لديها القدرة على استهداف جزيئات محددة مثل جزيئات على سطح الخلايا السرطانية. وهذه التقنية لا تزال في مرحلة أولية.
- هناك أيضا في الأنظمة التي تتفاعل مع نظام المناعة جزيء اسمه (PD - L1) وهذا الجزيء يتفاعل مع جزيء مقابل اسمه (PD - 1) وعند تفاعل هذين الجزيئين يحدث نوع من التثبيط (للخلايا اللمفاوية من نوع T القاتلة للخلايا) Cytotoxic T – cells، ولذلك يحدث نوع من الإضعاف للجهاز المناعي. وهذه الميكانيكية لها أهمية في الحمل وتقبل الأعضاء المزروعة والأمراض المناعية وأمراض أخرى مثل التهاب الكبد. وقد استطاع العلماء تطوير عقاقير تقوم بتعطيل جزيء PD - L1 أو ما يشبهه وسميت هذه العقاقير PD - L1 Blocker، وأحد هذه العقاقير هو جسم مضاد وحيد النسيلة يسمى نيفولوماب. وفي إحدى الدراسات إضمحل نصف الأورام التي لدى المرضى الذين يعانون من أورام الكلى أو الجلد من نوع (Melanoma) المنتشرة في الجسم.
- هناك على الأقل سبع شركات تعمل على تطوير مثل هذه العقاقير ضد أنواع من السرطان مثل الجلد والرئة والكلية والدم والقولون والمعدة والثدي والمثانة والكبد وأورام العنق والدماغ.
- أحد العقاقير الأخرى التي تستخدم نفس الميكانيكية أي ميكانيكية إزالة تثبيط الجهاز المناعي هو عقار إبيلوماب الذي يعد العقار الأول من هذا النوع الذي صرحت به إدارة الغذاء والدواء الأميركية. ويعمل هذا العقار عن طريق منع جزيء اسمه (CTLA - 1)، وهذا الجزيء بدوره مسؤول عن تثبيط الجهاز المناعي. العقاقير الجديدة تعمل بمكانيكية تختلف عن الطريقة التقليدية للعلاج الدوائي للسرطان، إذ إنها بدلا من أن تعمل على قتل خلايا السرطان، تعمل على وقف تثبيط الجهاز المناعي من مهاجمة الخلايا السرطانية، وهذا يختلف أيضا عن الميكانيكية التي استخدمت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي والتي كانت تعمل على تحفيز الجهاز المناعي على مهاجمة خلايا السرطان.



10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل
TT

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب. ولم أحصل على نتائج مُرضية في غالب الأحيان. ما تنصح؟»

وللإجابة فإني أفترض بداية أن تناوله فياغرا كان بعد استشارة الطبيب وإجرائه الفحص الإكلينيكي والفحوصات اللازمة لهذه الحالة، وأنه تناول الحبة حسب توجيهات الطبيب.

مفعول فياغرا

ولكن سواء كان الأمر كذلك أو لم يكن، فإن الأمر يتطلب متابعة عرض النقاط التالية بشكل سردي متسلسل لفهم أسباب فشل أو توقف مفعول فياغرا، أو غيره من أدوية تنشيط الانتصاب، عن العمل:

1. فياغرا دواء مصمم لمساعدة الشخص للحصول على الانتصاب والحفاظ عليه، إذا كان يعاني من ضعف الانتصاب. والدواء النشط هو «سيلدينافيل»، والذي يصنف على أنه من فئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5». وهناك أدوية أخرى من نفس الفئة، ولديها مميزات قد لا تتوفر في فياغرا، مثل سيالس (تادالافيل)، وليفيترا (فاردينافيل)، وستيندرا (أفانافيل).

وهذه الفئة من الأدوية هي خط العلاج الأول لضعف الانتصاب. ومع ذلك، قد تجد أن أياً منها لا يعمل أبداً أو يتوقف تدريجياً عن العمل، بعد استخدامه بنجاح لفترة.

وإذا حدث هذا، فأنت لست وحدك، حيث تشير المصادر الطبية إلى أن ما يصل إلى 40 في المائة من المرضى قد لا يستجيبون بشكل مرضٍ لهذه الأدوية ولا يجدون الرضا بتناولها. كما أنه، ووفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل 56 في المائة إلى 81 في المائة من حالات فشل العلاج.

2. يحدث الانتصاب عندما تكون هناك زيادة في تدفق الدم إلى القضيب. وإذا كان تدفق الدم هذا محدوداً، يعاني الشخص من ضعف الانتصاب. وأثناء الإثارة الجنسية، يتم إطلاق بروتين يسمى «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري». وهذا يزيد من تدفق الدم إلى القضيب للحصول على الانتصاب أو الحفاظ عليه. ولكن بمجرد إطلاقه، يقوم بروتين آخر يسمى «فوسفوديستيراز - 5» بتكسير بروتين «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري»، مما يحد من تدفق الدم إلى القضيب، وبالتالي يتلاشى الانتصاب (أي نتيجة تفاعل بين نوعين من البروتينات).

ويعمل دواء فياغرا وغيره من مجموعة أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز - 5. عن طريق تثبيط وإعاقة عملية التكسير هذه مؤقتاً، بغية الحفاظ على زيادة تدفق الدم إلى القضيب واستمرار انتصابه بهيئة أقوى أثناء الجماع. وبهذا يستفيد منْ لديه ضعف في الانتصاب بشكل مُرضٍ، وكذلك يستفيد بشكل أقوى منْ ليس لديه ضعف في الانتصاب بالأصل، ولكن لديه عوامل نفسية وذهنية تشتت رغبته الجنسية في أن تترجم بطريقة طبيعية عبر تكوين انتصاب العضو الذكري.

حالات ضعف الانتصاب

3. عملية الانتصاب هي عملية معقدة تتطلب نجاح أجزاء مختلفة من الجهاز العصبي والأوعية الدموية والغدد الصماء والجهاز التناسلي والصحة النفسية، في تكوين الانتصاب. وتُعرّف الأوساط الطبية ضعف الانتصاب بأنه: عدم القدرة على تكوين الانتصاب والحفاظ عليه لإتمام ممارسة العملية الجنسية لفترة معتادة. ويحدد الإصدار الخامس للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطراب العقلي DSM – 5 أن تستمر المشكلة لمدة لا تقل عن 6 أشهر كأحد عناصر تشخيص الإصابة به.

وتؤكد المصادر الطبية على أنه من الضروري إتمام عملية تشخيص الإصابة بضعف الانتصاب بطريقة طبية صحيحة، وليس الاعتماد فقط على ملاحظة الرجل أن لديه «عدم رضا واكتفاء» بدرجة الانتصاب للعضو الذكري. والطريقة الطبية الأكثر استخداماً هي «الفهرس الدولي لوظيفة الانتصاب» International Index of Erectile Function، وهو استبيان مكون من 15 عنصراً، ويعتبر المعيار الذهبي لتقييم المرضى بالنسبة لمشكلة ضعف الانتصاب.

4. تجدر ملاحظة أن هناك حالتين من ضعف الانتصاب، الحالة الأولى ضعف الانتصاب الذي قد يُعاني منه الرجل من آن لآخر أو أن الانتصاب الذي تكوّن لديه لا يستمر حتى إتمام العملية الجنسية. والحالة الثانية هي الضعف التام عن الانتصاب بشكل دائم. ولذا يقول أطباء كليفليلاند كلينك: «ثمة العديد من الدراسات التي حاولت معرفة مدى انتشار هذه المشكلة. وأفادت دراسة شيخوخة الذكور في ولاية ماساتشوستس أن المعاناة منها في أوقات دون أخرى ترتفع بشكل متزايد مع تقدم العمر، ونحو 40 في المائة من الرجال يتأثرون به بعد بلوغ سن 40 سنة، ونحو 70 في المائة من الرجال يتأثرون به في سن 70 سنة. أما حالة الضعف التام في الانتصاب فتصيب نحو 5 في المائة من الرجال في عمر 40 سنة، و15 في المائة منهم في عمر 70 سنة».

رصد عوامل الخطر والأسباب

5. قبل بدء تجربة العلاج الطبي لضعف الانتصاب، من الضروري معالجة عوامل الخطر القابلة للتعديل والتي تتسبب بضعف الانتصاب. ومعلوم أن عوامل الخطر لضعف الانتصاب تشمل التدخين، والسمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، واضطرابات الكولسترول، وعدم انضباط مرض السكري، والاكتئاب، وجراحة البروستاتا، واضطرابات النوم، والتوتر النفسي، ومرض انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، واضطرابات الغدة الدرقية، ونقص هرمون التستوستيرون.

وكل هذه حالات تتسبب بضعف الانتصاب، والتغلب على هذه المشكلة لديهم، يكون بضبط هذه العوامل ومعالجتها أولاً للتغلب على ضعف الانتصاب. كما يجب أن يستكشف التاريخ الدقيق للعوامل النفسية والاجتماعية والعلاقاتية مع شريكة الحياة والممارسات الجنسية، التي قد تؤثر على الأداء الجنسي. وقد يجدر النظر في الإحالة إلى معالج جنسي.

6. أولى خطوات معالجة ضعف الانتصاب، هي تحديد السبب أو الأسباب وراء نشوء حالة ضعف الانتصاب. وتوضح إرشادات علاج ضعف الانتصاب الصادرة عن الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، أن تعديل نمط عيش الحياة اليومية بطريقة صحية يحسن وظيفة الانتصاب ويقلل من معدل انخفاضه الوظيفي مع تقدم العمر.

وهذه نقطة مهمة يغفل عنها كثير من الرجال الذين يواجهون مشكلة ضعف الانتصاب ويتجهون تلقائياً نحو طلب تلقي أحد فئة أدوية مثبطات الفوسفوديستيراز من النوع 5 بأنواعها المختلفة في الصيدليات. ولا يلتفتون بشكل كامل نحو نصح الطبيب للمرضى بشأن تعديلات سلوكيات نمط الحياة اليومية.

وعلى سبيل المثال، تذكر الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية أن بعد سنة واحدة من التوقف عن التدخين، وُجد أن المرضى لديهم تحسن بنسبة 25 في المائة في جودة الانتصاب. وكذلك الحال مع حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية والحفاظ على ممارسة الرياضة البدنية ومعالجة انقطاع التنفس أثناء النوم وغيرها من الأسباب.

7. ضعف الانتصاب قد يظهر نتيجة الآثار الجانبية للأدوية التي يتناولها الشخص، وقد يُساهم في نشوء هذه المشكلة. وهنا قد يكون من الصعب على أدوية ضعف الانتصاب التغلب على تلك الآثار الجانبية. وعندما يشتبه الطبيب في أن «بعض» أدوية علاج الاكتئاب، أو ارتفاع ضغط الدم، أو الحساسية، أو إدرار البول، أو الأدوية الهرمونية، أو غيرها من أنواع الأدوية المستخدمة بشكل شائع في أوساط المرضى، قد تكون هناك ضرورية للبحث عن أدوية بديلة ذات آثار جانبية أفضل.

وللتوضيح على سبيل المثال، يرتبط تناول أدوية «حاصرات بيتا» بضعف الانتصاب، رغم عدم تحديد السبب بشكل جيد. وقد تساهم معرفة المريض بأن ضعف الانتصاب أحد الآثار الجانبية المحتملة لحاصرات بيتا، في عدم رضاه عن الوظيفة الانتصابية لديه بعد بدء تناوله حاصرات بيتا. ويمكن للطبيب النظر في تجربة دواء بديل للمرضى الذين يتناولون حاصرات بيتا من الجيل الأول (مثل بروبرانولول، أتينولول) إلى أدوية الجيل الثاني (ميتوبرولول، نيبيفولول) من حاصرات بيتا الأقل تسبباً بضعف الانتصاب. كما أن وصف أدوية أخرى لعلاج ارتفاع ضغط الدم، قد يكون أقل تسبباً في ضعف الانتصاب. ومع ذلك، يجب أن يظل علاج ارتفاع ضغط الدم هو الأولوية، لأن مرض ارتفاع ضغط الدم وعدم انضباط الارتفاعات فيه، سبب قوي في ضعف الانتصاب بحد ذاته. وكثيراً ما تتحسن قدرات الانتصاب بضبط ارتفاع ضغط الدم إلى المستويات المُستهدفة علاجياً.

أسباب عدم عمل «فياغرا»

8. السبب الأول لعدم عمل فياغرا أو غيره من أدوية فئة مثبط للفوسفوديستيراز - 5 هو أن مشكلة ضعف الانتصاب ليست ناجمة عن مشكلة في الأوعية الدموية التي تعمل على احتباس الدم في العضو الذكري. وهذا يعني أن عمل هذه الأدوية على زيادة تدفق الدم لا يُساعد في تنشيط الانتصاب. ويمكن أن يحدث هذا بسبب اعتلال الأعصاب أو مشاكل أخرى. وقد تشمل بعض الحالات العصبية التي قد تؤثر على فعالية الفياغرا ما يلي:

- اعتلال الأعصاب بسبب عدم انضباط نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري.

- مرض التصلب المتعدد.

- مرض باركنسون.

- جراحة سابقة في البروستاتا.

- السكتة الدماغية السابقة.

- إصابة مباشرة في أعصاب الحبل الشوكي.

9. الارتباط بين أمراض شرايين القلب وضعف الانتصاب قوي. ووجود مرض تضيق شرايين القلب قد يعني عدم عمل فياغرا نتيجة وجود عائق كبير أمام تدفق الدم في الشريان القضيبي. أي قد يكون هذا أحد أعراض تضيقات الشرايين المغذية للقضيب، وهو عامل خطر للإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية. وفي هذه الحالة، لن تستجيب الشرايين للفياغرا لأنه مجرد موسع للأوعية الدموية. كما أن وجود تسريب وريدي، أي وجود صمامات لا تعمل بكفاءة في الأوردة التي تُصرّف تجمع الدم في القضيب، يعيق تماسك الانتصاب.

وبعد تناول فياغرا، قد يتدفق الدم بمعدل متزايد إلى القضيب، لكنه سيتسرب بالكامل ولن يبقى طويلاً بما يكفي للتسبب في الانتصاب. ووجود المشاكل النفسية بدرجة إكلينيكية مُؤثرة، قد يعيق عمل الفياغرا لدى البعض ممنْ لديهم القلق والاكتئاب والإجهاد المزمن، أو ضغوط في العلاقة مع شريكة الحياة أو لديهم قلق من كفاءة الأداء الجنسي.

الاستخدام غير الصحيح يمثل 56 - 81 % من حالات فشل العلاج

الجرعة ووقت تناول الدواء

10. وفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية AUA، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل نسبة عالية من حالات فشل العلاج. وعدم تناول فياغرا، أو غيرها من أدوية تنشيط الانتصاب، بطريقة صحيحة، قد يُؤدي إلى عدم الاستفادة. وللتوضيح، هذه الأدوية تتشابه في طريقة عملها رغم أن ثمة اختلافات ثانوية فيما بينها نتيجة لأن لكل واحد منها تركيبة كيميائية مختلفة. الأمر الذي يُؤثر على طريقة عمل كل دواء منها، مثل مدى سرعة ظهور مفعول الدواء وسرعة اختفاء مفعوله والآثار الجانبية المحتملة. ويعمل عقار سيلدينافيل (فياغرا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله على معدة فارغة قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، ويدوم مفعوله لما يُقارب 6 ساعات. ولذا تجنب تناول الفياغرا مع وجبة كبيرة أو وجبة عالية الدهون، كما لا تتوقع أن تعمل الفياغرا قبل دقائق فقط من ممارسة الجنس. بينما يعمل عقار فاردينافيل (لفيترا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، على معدة خالية أو ممتلئة. ويدوم مفعوله قرابة 7 ساعات. وبالمقابل، عقار تادالافيل (سيياليس) يُمكن تناوله مع الأكل أو من دونه قبل الممارسة الجنسية بمدة ساعة واحدة إلى اثنتين، ويدوم مفعوله لمدة 36 ساعة. وقد تكون الجرعة غير مناسبة.

ولذا فإن أول شيء يجب التحقق منه إذا لم يكن الفياغرا يعمل هو الجرعة المناسبة. والجرعة الأكثر شيوعاً من الفياغرا لعلاج ضعف الانتصاب هي 50 ملليغراما، والتي يتم تناولها قبل ساعة واحدة من النشاط الجنسي. ومع ذلك، قد لا يكون هذا كافياً لبعض الأشخاص. ويمكن للطبيب مساعدتك في تحديد ما إذا كانت الجرعة الأعلى من 100 ملليغرام تناسبك.

والمهم في كل ما تقدم ملاحظة أن فياغرا هو نوع من الأدوية المثبطة للفوسفوديستيراز 5. وتُستخدم أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5 كعلاج أولي لضعف الانتصاب. ورغم أن مثبطات الفوسفوديستيراز 5 تميل إلى العمل بشكل جيد، فإنها قد لا تكون فعالة للجميع. وقد يكون هذا بسبب الظروف الصحية الأساسية وعوامل نمط الحياة، من بين أمور أخرى. وإذا لم يعمل أحد أنواع أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5، قد يعمل نوع آخر من أدوية هذه الفئة. ولذا يجب التفكير في التحدث مع الطبيب إذا لم يساعد الفياغرا في علاج أعراض ضعف الانتصاب لديك. وقد يوصى بعلاج بديل بما سيكون هو الأفضل لك.