بيانات مخيبة للوظائف الأميركية ترجح «هدنة» بوتيرة رفع الفائدة

بيانات مخيبة للوظائف الأميركية ترجح «هدنة» بوتيرة رفع الفائدة
TT

بيانات مخيبة للوظائف الأميركية ترجح «هدنة» بوتيرة رفع الفائدة

بيانات مخيبة للوظائف الأميركية ترجح «هدنة» بوتيرة رفع الفائدة

رغم الأرقام المخيبة التي ظهرت لاحقا على كلمته، قال جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إن سوق العمل في الولايات المتحدة «قوية للغاية» وفقا لمقاييس كثيرة، وذلك قبيل صدور بيانات سوق الوظائف خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقال باول في كلمة له أمام مؤتمر بالعاصمة الأميركية واشنطن مساء الخميس: «اقتصادنا حاليا يؤدي بصورة جيدة للغاية ككل، مع توفير للوظائف بقوة وارتفاع الأجور تدريجيا... في الواقع، بكثير من المقاييس على المستوى القومي، سوق العمل لدينا قوية للغاية».
وبعد ساعات من كلمته، أظهرت البيانات تباطؤ نمو الوظائف الأميركية في نوفمبر، مما ينبئ ببعض الانحسار في وتيرة النشاط الاقتصادي قد تدعم التوقعات بعدد زيادات أقل لأسعار الفائدة في 2019.
وجاء تقرير وزارة العمل الشهري عن الوظائف المُتابَعة من كثب وسط تراجعات حادة للأسهم الأميركية وانقلاب جزئي لمنحنى العائد الأميركي مما يؤجج المخاوف من ركود اقتصادي.
وزادت الوظائف غير الزراعية 155 ألف وظيفة الشهر الماضي مع تعيين شركات الإنشاءات لأقل عدد من العمال في ثمانية أشهر، وذلك على الأرجح بسبب درجات حرارة أقل من المعتاد لذلك الوقت من السنة.
وتقرر تعديل بيانات سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) لتظهر 12 ألف وظيفة أقل عن التقديرات السابقة. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا زيادة الوظائف 200 ألف وظيفة في نوفمبر.
واستقر معدل البطالة دون تغيير قرب أدنى مستوياته في 49 عاما عند 3.7 في المائة. بينما زاد متوسط أجر الساعة ستة سنتات بما يعادل 0.2 في المائة في نوفمبر، بعد ارتفاعه 0.1 في المائة في أكتوبر. وبهذا تصبح الزيادة السنوية في الأجور 3.1 في المائة، وهي القفزة ذاتها المسجلة في أكتوبر، وكانت الأكبر منذ أبريل (نيسان) 2009.
وقلصت الشركات ساعات العمل ليصبح متوسط أسبوع العمل 34.4 ساعة، من 34.5 ساعة في أكتوبر. ومن جهة أخرى، استقر الدولار أمس بعد انخفاض كبير يوم الخميس، في الوقت الذي ألقت فيه المخاوف من تباطؤ النمو العالمي بظلالها على تنامي التكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) ربما يشير قريبا إلى هدنة في دورة رفع الفائدة المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي جيروم باول الأسبوع الماضي إن أسعار الفائدة الأميركية تقترب من مستويات محايدة، وهو ما فسرته الأسواق كتلميح إلى إبطاء وتيرة الزيادات. وتلقت تلك الآمال دفعة جديدة مساء الخميس بعد أن قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن مسؤولي المركزي الأميركي يدرسون ما إذا كانوا سيلمحون إلى اتباع نهج الانتظار والترقب بعد زيادة مرجحة لأسعار الفائدة في اجتماعهم يومي 18 و19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات المنافسة، عند 96.83 لكن على أساس أسبوعي، يتجه الدولار لتسجيل أكبر انخفاض في أكثر من شهرين.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.