بوتين: تركيا لم تحقق نجاحاً في إدلب حتى الآن

أنقرة تريد قمة جديدة لبحث المنطقة العازلة

TT

بوتين: تركيا لم تحقق نجاحاً في إدلب حتى الآن

أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أمس (السبت)، بضرورة عقد قمة أخرى لبحث الوضع في محافظة إدلب السورية، حيث يريد البلدان إنشاء منطقة منزوعة السلاح يمكن الالتزام بها.
وذكرت وكالة «رويترز» أن إردوغان قدم الاقتراح في أثناء اجتماعه مع بوتين في قمة العشرين.
أما الرئيس الروسي فقال: «إننا قلقون تجاه الوضع في إدلب بسوريا والشركاء الأتراك لم يحققوا نجاحاً هناك حتى الآن».
وكان الرئيس الروسي دعا أول من أمس قادة مجموعة «بريكس»، إلى لعب دور أنشط في العمليات الجارية في سوريا، وقال إنه من المهم الانخراط في عملية التسوية في سوريا، خصوصاً على صعيد دعم خطط إعادة الإعمار في هذا البلد.
وعقد قادة البلدان المنضوية في مجموعة «بريكس» (روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا)، اجتماعاً على هامش قمة العشرين في الأرجنتين، ركز على تنشيط دور المجموعة في «إنشاء منظومة دولية عادلة، ومواجهة سياسات العقوبات الأحادية ومحاولات الهيمنة في العالم»، في إشارة مباشرة إلى واشنطن. وحض بوتين، المجتمعين، خلال كلمته، على توسيع مشاركتهم في التسوية السورية، وقال إن الجهود الكبيرة التي بذلتها روسيا وإيران وتركيا في «مسار آستانة» هيأت الظروف لدفع العملية السياسية، مشدداً على الأهمية الخاصة للمساهمة في عمليات إعادة الإعمار ما يوفر ظروفاً «على الأرض» لعودة اللاجئين السوريين، ومشيراً إلى تمسك بلاده بإنجاز تشكيل اللجنة الدستورية وإطلاق أعمالها في أقرب وقت ممكن.
وتطرق الرئيس الروسي إلى الوضع حول إدلب، مشيراً إلى أن الانتهاكات المتواصلة من جانب الإرهابيين لا يمكن أن تبقى من دون عقاب، ولفت إلى «الهجوم الذي تعرضت له مدينة حلب أخيراً باستخدام أسلحة كيماوية من جانب متشددين في إدلب»، مشدداً على «ضرورة معاقبة الإرهابيين الذين استخدموا السلاح الكيماوي في غرب مدينة حلب». وزاد الرئيس الروسي: «لا يجوز أن تبقى جرائم الإرهابيين من هذا النوع من دون عقاب، وإلا ستتكرر هجماتهم».
في غضون ذلك، أكد نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين، ارتياح موسكو لتطورات الوضع الميداني في سوريا، وقال خلال اجتماع عسكري إن «الوضع في سوريا ما زال متوتراً، لكنه يميل لصالح دمشق بشكل عام»، وزاد أن «الأهم هو عدم وضع عراقيل أمام الجهود المبذولة لإعادة تطبيع الوضع وإطلاق التسوية السياسية».
وأشار فومين إلى أن روسيا والولايات المتحدة تواصلان التعاون في عدد من المجالات، بما في ذلك التعاون المستمر في مجال الأمن في سماء سوريا وعدد آخر من المناطق.
في الأثناء، أعلن قائد أسطول البحر الأسود الروسي الفريق البحري ألكسندر مويسييف، أن تحديث قاعدة الأسطول العسكري الروسي في ميناء طرطوس السوري «لا يزال مستمراً».
ونقلت صحيفة «كراسنايا زفيزدا» التابعة لوزارة الدفاع الروسية عن الجنرال الروسي أن «العمليات التي بدأتها موسكو لتوسيع وإعادة تأهيل القاعدة العسكرية على أسس حديثة دخلت مراحلها الأخيرة، ونواصل العمل لإنجازها، ووضع نظام حديث لعمل القاعدة»، مذكراً بأن الاتفاق الروسي - السوري حول «مركز التزويد التقني في طرطوس» الذي منح موسكو صلاحيات واسعة لاستخدام المركز وتحويله إلى قاعدة عسكرية بحرية نص على توفير مجالات لمرابطة 11 سفينة في هذا الميناء، بما في ذلك السفن المزودة بمفاعلات تعمل بالطاقة النووية، فضلاً عن توسيع قدرات القاعدة في مجالات تقديم المساعدات العاجلة لإصلاح السفن عند الضرورة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.