«الشرق الأوسط» في مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» (1): لقاء عربي ودولي حاشد في عاصمة المهرجانات العربية

اختار أفلامه من بين 2351 طلب مشاركة

من الفيلم السعودي «عمرة والزواج الثاني» لمحمود صباغ  -  من الفيلم المصري «ليل/ خارجي» لأحمد عبد الله السيد
من الفيلم السعودي «عمرة والزواج الثاني» لمحمود صباغ - من الفيلم المصري «ليل/ خارجي» لأحمد عبد الله السيد
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» (1): لقاء عربي ودولي حاشد في عاصمة المهرجانات العربية

من الفيلم السعودي «عمرة والزواج الثاني» لمحمود صباغ  -  من الفيلم المصري «ليل/ خارجي» لأحمد عبد الله السيد
من الفيلم السعودي «عمرة والزواج الثاني» لمحمود صباغ - من الفيلم المصري «ليل/ خارجي» لأحمد عبد الله السيد

تنطلق اليوم (الثلاثاء) الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ويستمر حتى الثلاثين من الشهر نفسه.
كل ما يمكن أن يُقال في سياق تقديمه للقارئ من قبل بما في ذلك كونه المهرجان السنوي العربي الأعرق (وإن لم يكن الأقدم). تلك العراقة لها صلة وثيقة بسنوات تواصله منذ أن تم إطلاقه سنة 1976، على يدي الرّاحل كمال الملاخ الذي كان رئيس ما عُرف حينها بـ«الجمعية المصرية للكتاب والنقاد».
أيامها كان المهرجان صغيراً من حيث حجم المشاركة، لكنّه عرف كيف يستقطب جمهوراً متعدداً من السينمائيين والنّقاد والجمهور عرباً وأجانب. لم يكن هناك كومبيوتر لحفظ المراجع والصور ما عنى أنّ النّاقد كما الصّحافي، عليه أن يحسب زيادة الوزن من كثرة ما قد يعود به من كتب وصور ومنشورات.
بما أنّه لم يكن هناك كومبيوتر فقد سمحت لنفسي باستخدام رقم غرفة الوفد السوفياتي (من دون علمه طبعاً)، في فندق شيراتون الزمالك، لكي أوقع على فاتورة غذائي في المطعم كون المهرجان خص الصحافة بفنادق لا مطاعم لها أو أنّها كانت بعيدة عن حيث تمركز المهرجان إدارة وضيوفاً.
لكنّ الأجمل هو الشّعور بأنّ هذه المنطقة العربية من العالم بات لها مهرجانها الدّولي الفعلي. تلك المحاولات السابقة لذلك التّاريخ (في دمشق وبيروت)، لم تستطع أن تصمد أمام المشكلات الفنية والإدارية والمالية التي عصفت بها باكراً. وهذا الشّعور لا يزال يتواصل كلما حطّ النّاقد في القاهرة ليؤم المهرجان في دورة جديدة.
- 2351 طلب اشتراك
في العام الماضي كانت الدورة هي آخر دورة ترأستها الناقدة ماجدة واصف. كانت تسلمت الإدارة سنة 2016، إثر انعكاف النّاقد الراحل سمير فريد عنها، إذ أدارها سنة لسنة واحدة (2015)، واستقالت في تلك الدورة الثانية لها مدركة أنّ ما هو مطلوب منها ليس في المقدور تحقيقه. آنذاك اقترحت على حسين فهمي، الذي كان يرأس لجنة التحكيم بأن يعود إلى إدارة المهرجان وهو الذي كان قام بإدارته فعلياً ما بين 1998 و2001. لمعت الفكرة في رأسه لبضع ثواني، لكنّه ابتسم وقال لي إنّه لن يفكر في هذا الأمر مطلقاً: «لقد كانت لي تجربتي التي اعتبرها ناجحة لكنّها أيضاً كافية». هذا العام لم يستمر البحث طويلاً. اجتماعات وزارة الثّقافة مع الفريق الاستشاري الدائم أثمرت عن انتخاب المنتج وكاتب السيناريو الملم محمد حفظي رئيساً. لكن هذا ليس من قبل أن يطرح البعض أسماء أخرى لم تستحوذ في التّصويت على العدد الكافي (وبعضها لم تستحوذ إلّا على صوت واحد). محمد حفظي لم يتبدّ كأفضل المرشحين فقط، بل هو أكثر الموجودين كفاءة وصاحب الاتصالات الأكثر شمولية بين الطواقم القليلة الممكنة. ومن يعرفه يعرف أنّه جاد في طلب النجاح. يكفي مراقبة منوال عمله بدءاً بدراسته السينمائية وعمله ككاتب سيناريو من ثمّ كمنتج. كذلك هو صاحب القدر الأوسع من الاتصالات مع الجهات العالمية والسينمائيين في الخارج.
لا عجب إذن أن ارتفع عدد الطّلبات المقدمة من قبل شركات الإنتاج العربية والعالمية إلى 2351 طلباً من أكثر من 100 دولة (121 تحديداً). وحسب مصادر المهرجان فإنّ لبنان حظي بالعدد الأعلى من الطلبات المقدمة عربياً (38 فيلماً مختلف الفورمات، روائي وتسجيلي وقصير) تبعه المغرب (33 فيلماً) وتونس (28) والعراق (20) وسوريا (17) والجزائر (14) والسعودية (12) والإمارات (9) ثم الأردن والبحرين (5 لكل منهما) وفلسطين وقطر (4 لكل منهما) والكويت (3) واليمن (2) وفيلم ليبي واحد وفيلم عُماني واحد.
- مجموعة أفلام عربية
إسبانيا احتلت الرقم الأول في عدد الأفلام التي قامت بترشيحها (202 فيلم) ثم فرنسا (172) وألمانيا (140) وروسيا (136) والصين (134) والولايات المتحدة (118) والهند (91).
ويقال حسب المصدر نفسه، إنّ عدد الأفلام المصرية التي أرادت الانضمام إلى عروض هذه الدورة ناهزت 140 فيلماً وهو رقم غريب إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ مستوى الإنتاج السنوي حالياً ما زال تحت سقف الستين فيلماً.
كثرة الطّلبات العربية لا يعني أن جميعها دخل الأقسام المختلفة للمهرجان طبعاً، لكن يعني أن البوصلة توجهت، بعد اختفاء مهرجانات عربية كبيرة، إلى العاصمة السينمائية الأم. ومعظم الأفلام العربية لها قسمها الخاص تحت عنوان «آفاق السينما العربية» الذي يضم هذا العام الفيلم السعودي «عمرة والزواج الثاني» لمحمود صباغ، و«ورود مسمومة» لأحمد فوزي صالح (مصر) و«غود مورنينغ» لبهيج حجيج (لبنان) و«العزيزة» لمحسن بصري (المغرب) و«جاهلية» لهشام العسري (المغرب) و«غداء عمل» للوسيان بورجيلي (لبنان) و«كيلو 64» لأمير الشناوي (مصر) و«فتوى» لمحمود بن محمود (تونس) وهذا الأخير نال ذهبية مهرجان قرطاج قبل عشرة أيام.
أمّا المسابقة الرسمية، وإلى جانب أفلام إسبانية وكولومبية وفرنسية وإيطالية وألمانية وأخرى من بريطانيا وتايلاند والفلبين والمجر وقبرص وكازخستان وفيتنام والنرويج، فتحتوي على فيلم عربي واحد هو الفيلم المصري «ليل/ خارجي» لأحمد عبد الله السيد.
وهناك فيلم مصري واحد يعرض خارج المسابقة هو «جريمة الإيموبوليا» لخالد الحجر. أمّا قسم «أسبوع النقاد» فيحتوي على فيلمين عربيين أحدهما هو الفيلم اللبناني «طرس.. رحلة الصعود إلى المرئي» (ولو أن العنوان الإنجليزي هو «إلى غير المرئي» -Invisible) ) والثاني هو «الأحد هناك» لأحمد مجدي (مصر) وثمة فيلم تكرر وجوده في أكثر من مهرجان مؤخراً هو «صوفيا» للمغربية مريام بنمبارك ويتم تقديمه هنا تحت رايتي فرنسا وقطر.
وهناك قسم مستحدث هذا العام بعنوان «عروض منتصف الليل» يحتوي على فيلم عربي واحد هو «دشرة» للتونسي عبد الحميد بوشناق. هذا الفيلم (أيضاً من عروض مهرجان قرطاج سابقاً) هو فيلم رعب يناسب وهذا القسم المستحدث. هو فيلم أول من نوعه بالنسبة للسينما التونسية، لكن ليس الأول من نوعه بالنسبة للسينما العربية مطلقاً، إذ سبقته أفلام مصرية وإماراتية وسعودية.
إلى كل ما سبق، تم تأسيس عدد من الورش والأقسام والندوات بحيث لا يمر يوم واحد من دون أن يجد الحاضرون ما يؤمونه إذا ما كانوا جادّين في طلب الفائدة والتنوّع.
هناك الندوة المخصصة لرئيس لجنة التحكيم في هذه الدورة وهو المخرج الدنماركي بيلي أوغوست التي سيديرها كاتب هذه الكلمات، وإلى جانبها «ورشة تطوير السيناريو» وإلى يسارها تكمن تظاهرة خاصة بـ«سينما المرأة» وأخرى بعنوان «صانعو الميديا العالمية» التي يقول التّعريف عنها إنّها تقصد المساعدة على تطوير «السّرد البصري» لصانعي الأفلام في المنطقة العربية.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».