إردوغان يلوّح بـ«تطهير» شرق الفرات ويتهم أميركا بـ«خداع» تركيا

TT

إردوغان يلوّح بـ«تطهير» شرق الفرات ويتهم أميركا بـ«خداع» تركيا

تعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مجدداً، بـ«تطهير» منطقة شرق الفرات إلى جانب شمال العراق من مسلحي حزب العمال الكردستاني وأذرعه، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة امتداداً للحزب في سوريا.
وقال إردوغان: «نرى كيف أن أشقاءنا السوريين يئنون تحت (ظلم الميليشيات الكردية في شرق الفرات)، وقريباً سنوفّر الأمن والطمأنينة للمظلومين في هذه المنطقة أيضاً».
ولفت إلى أن الذين يستخدمون تنظيم داعش الإرهابي، بغية إجهاض الخطوات التركية في المنطقة، بدأوا يدركون خطأهم. متهماً الولايات المتحدة بالنفاق في ما يخص مكافحة نشاط «العمال الكردستاني». وأضاف: «من يعلنون (العمال الكردستاني) ويخصصون المكافآت علناً للقبض على قياداته، يتعاملون مع (الإرهابيين) من خلف الستار، ونحن ندرك ذلك جيداً».
كانت واشنطن قد أعلنت، الثلاثاء الماضي، رصد مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن مكان وجود أيٍّ من القياديين: مراد كارايلان (5 ملايين دولار)، وجميل باييك (4 ملايين دولار)، ودوران كالكان (3 ملايين دولار).
وقال إردوغان إن واشنطن تتوهم خداع أنقرة، عبر الإعلان عن مكافآت للقبض على قيادات «العمال الكردستاني» المتمركزين في شمال العراق، بينما تتعاون القوات الأميركية مع عناصره في سوريا الذين يوجّهون أسلحتهم صوب تركيا، وتسيّر دوريات مشتركة معهم.
وواصلت القوات الأميركية للأسبوع الثاني على التوالي تسيير دورياتها في مناطق من شمال وشرق سوريا قرب الحدود مع تركيا.
وتزامن ذلك مع تحليق للطيران الحربي التابع للتحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادة أميركا في سماء المنطقة.
كان تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي تشكِّل وحدات الشعب الكردية عموده الفقري، قد أشار، في بيان، إلى أن التحالف الدولي ينظّم دوريات مراقبة على الحدود «لتخفيف التصعيد ووقف الاعتداءات التركية». وذلك بعد أن قصفت المدفعية التركية مناطق في شرق الفرات الأسبوع الماضي. وأسفر القصف عن مقتل 4 من عناصر «قسد» وإصابة 6 آخرين.
وقال إردوغان إن تركيا تدرك جيداً ما يجري على أرض الواقع. وتابع: «لطالما قلنا مراراً لهم إن هذه الألعوبة ستفشل، وإن الذين يسيرون مع الإرهابيين سيكونون هم الخاسرين في نهاية المطاف». وأضاف: «في الأثناء نحن بدورنا لا نقف مكتوفي الأيدي، لقد حيّدنا 15 إرهابياً في غضون أسبوع».
من جانبه، شدد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مجدداً، على أن بلاده لن تسمح بوجود ممر إرهابي على حدودها الجنوبية.
وأكد أكار في تصريحات، ليل الجمعة - السبت، أهمية تطهير المنطقة من الإرهاب، وأن تركيا تُجري مباحثات حثيثة بشأن شرق الفرات، ولن تسمح بوجود ممر إرهابي على حدودها الجنوبية. في إشارة إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق.
وأجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، بحثا خلاله آخر المستجدات في شمال سوريا. وقالت مصادر في وزارة الخارجية التركية، أمس، إن الوزيرين تناولا في اتصالهما الهاتفي كيفية تطبيق خريطة الطريق حول مدينة منبج السورية، ومسألة تسيير الدوريات المشتركة في المدينة. وتطرق جاويش أوغلو مع نظيره الأميركي إلى الأوضاع الراهنة في محافظة إدلب، حيث بحثا سبل المحافظة على الهدوء السائد فيها بموجب اتفاق سوتشي المبرم بين أنقرة وموسكو.
كما أجرى جاويش أوغلو، أول من أمس، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، تناولا خلاله آخر المستجدات في سوريا والجولة القادمة من مباحثات أستانة المقررة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، والمساعي المشتركة والجهود الرامية إلى تحقيق تسوية دائمة في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.