مياه البحر ذات اللون الفيروزي تتلألأ تحت أشعة الشمس. قوارب الصيد تهتز بهدوء على سطح البحيرة، التي تعكس صورة الجبال القريبة. بحيرة لاغو دي برايس في منطقة ساوث تيروليان بجنوب إيطاليا في منطقة الألب جذابة للغاية، واحة وسط المرتفعات الضخمة بالمنطقة.
ولكن رغم أنها تقع بين الجبال، فإن البحيرة لا تعد مكانا خفيا.
ويوجد على موقع إنستغرام لمشاركة الصور أكثر من 150 ألف صورة تحت اسم هاشتاغ (lagodibraies#). وهذا العدد يرتفع يوما بعد يوم.
وجاء في أحد التعليقات أسفل الكثير من الصور «أحتاج للذهاب إلى هناك». أماكن مثل لاغو دي برايس أصبحت تحظى بشهرة على موقع إنستغرام.
ولكن مثل هذه الأماكن لا يمكن دائما أن تتحمل هذه الشهرة الإعلامية المفاجئة على مواقع التواصل الاجتماعي: عقب أن كتب مدون إيطالي العام الماضي منشورا حول بلدة فالي فيرزاسكا في سويسرا، لم تكن البلدة مستعدة لموجة الزائرين التي تابعت المنشور.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن البلدة شهدت ازدحاما مروريا امتد لكيلومترات وتوقفت السيارات في أي مكان متاح وتكدست أكوام من القمامة.
وتوضح هذه الواقعة القوة الكبيرة لمنصات التواصل الاجتماعي، عندما تنشر صورة معينة، يرغب الآخرون في التقاط صورة مماثلة. هذا يمكن أن يعزز السياحة بالطبع، ولكنه له أيضا تداعيات سلبية.
وتقول لاورا جاجير، التي تعمل لصالح خدمة «تورزم واتش» (TourismWatch)، وهي خدمة معلوماتية لتعزيز السياحة الدائمة «هذه الأماكن لديها سيطرة محدودة على المحتوى الذي يتم نشره عنها على مواقع التواصل الاجتماعي».
وأضافت «على المسافرين أن يدركوا التأثير الذي يخلفه سلوكهم على مواقع التواصل الاجتماعي على الأماكن التي يزورنها والأشخاص الذين يعيشون فيها، وأن يتصرفوا بصورة مسؤولة».
ولكن أي تجول سريع في أي شاطئ شهير هذه الأيام يكشف أن معظم الأشخاص لا يهتمون إطلاقا بهذه المسؤولية: هناك دائما شخص ما يتموضع من أجل التقاط صورة مثالية لعطلته.
ويشار إلى أن الشاطئ الأكثر شهرة على إنستغرام عام 2018، وفقا لموقع هوليدو المعني بأماكن قضاء العطلات، هو سكالا دي توركي في مدينة صقلية الإيطالية.
وأكد متحدث باسم رابطة ريالمونتي السياحية، حيث يقع الشاطئ «لقد رصدنا هذه الظاهرة». ولكن يبدو أن المتحدث لا يعطي اهتماما كبيرا لهذا الأمر، رغم قوله «إنستغرام وفيسبوك وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي جعلت شاطئنا أكثر شهرة وسمحت بنمو السياحة بصورة أكبر».
ويعتقد بعض الأشخاص، مثل المصورة الإيطالية سارة ميلوتي؛ أن جمال المكان يخبو عندما يلتقط كثير من الأشخاص صورا.
وتقول ميلوتي، وهي مدونة تقوم بالكتابة حول السفر «إنستغرام يدمر هذه الأماكن بالكامل». وأضافت أنها تستخدم إنستغرام، ولكنها تدرك ما تنشره.
وأضافت «الشباب يسافرون من أجل التقاط الصور لنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل فقط أن يظهروا زيارتهم للمكان» موضحة أنها تعرف أشخاصا يقومون بالسفر وبحوزتهم جدول ينص بالضبط على الأماكن التي سوف يتواجدون فيها ساعة بساعة من أجل التقاط الصورة الصحيحة.
وأعطت ميلوتي مثالا على معبد في بالي لم يكن معروفا إطلاقا حتى بضعة أعوام ماضية. وأكملت «الآن السائحون يستيقظون في الرابعة صباحا من أجل التقاط صورة مع شروق الشمس هناك».
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن دراسة بريطانية قامت بها شركة سوفيلد للتأمين خلصت إلى أنه خلال عام 2016 اختار 40 في المائة من بين ما تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 30 عاما مقصدهم لقضاء العطلات بناء على صور موقع إنستغرام.
ويعد جبل ترولتونجا في النرويج أحد هذه المقاصد، حيث يوجد أكثر من 110 آلاف صورة للجبل تحت هاشتاج)trolltunga#).
وأفادت مجلة ناشونال جيوغرافيك أنه خلال الفترة بين 2009 إلى 2014. ارتفع عدد زوار الجبل من 500 إلى 40 ألف زائر.
معظم الزائرين يلتقطون نفس الصورة مع هذه التشكيلات الصخرية التي تقع على بحيرة رينجيدالسفاتنت، حيث يقومون بالجلوس أو الوقوف على طرف الجبل بحيث تظهر البحيرة والجبال في الخلفية وصاحب الصورة فقط.
والشيء الذي لا يمكنك رؤيته هو صف الأشخاص الذين ينتظرون لالتقاط نفس الصورة.
التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي على السياحة
مناطق لا تستطيع تحمل الشهرة المفاجئة لنشر صورها في «إنستغرام»
التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي على السياحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة