سياسيون ليبيون يعترضون على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية

TT

سياسيون ليبيون يعترضون على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية

استبق سياسيون ليبيون تفعيل الاتفاق المبدئي بين لجنتين من مجلس النواب و«الأعلى للدولة» على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، بالاعتراض على ما تم التوصل إليه «لأسباب عدة»، مشيرين إلى أن الاتفاق «تعمد تجاهل تأكيد استحقاق الاستفتاء على مشروع الدستور، وخلق شبه مبرر لتهرب مجلس النواب منه». وكان رئيسا لجنتي الحوار بمجلس النواب عبد السلام نصية، والمجلس الأعلى للدولة بشير الهوش، قد أعلنا في بيان صحافي مشترك توافق اللجنتين حول إعادة هيكلة السلطة التنفيذية إلى مجلس رئاسي مكون من رئيس ونائبين ورئيس وزراء منفصل يشكل حكومة وحدة وطنية. واستقبل المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة داخل مقر البعثة في طرابلس كلا من نصية والهوش، وتسلم منهما «وثيقة حول آلية إعادة هيكلة المجلس الرئاسي»، كما استمع منهما إلى «إيجاز حول التقدم المحرز في المحادثات السياسية بين المجلسين، وتسلم منهما وثيقة حول آلية إعادة هيكلة المجلس الرئاسي».
وقال عبد الرحمن الشاطر، عضو المجلس الأعلى للدولة، إن «إعلان لجنتي الحوار في مجلسي النواب والدولة عن وصولهما لاتفاق لتغيير المجلس الرئاسي لا يعني بالضرورة موافقة نهائية، لأن هناك خطوات أخرى ينبغي اتخاذها، ومن أهمها عرض ما اتفقا عليه على المجلسين للتصويت بالموافقة أو الرفض، والأهم من ذلك ضرورة قيام مجلس النواب بتضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري، الأمر الذي تعتريه نقطتين صعبتين».
وذهب الشاطر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى وصف الاتفاق، الذي وصفه بـ(المبتور)، بأنه «يفضي إلى تعطيل قيام الدولة، والتسرع في التسويق له يثير كثيرا من التساؤلات، أهمها أن المادة الثامنة (تتعلق بالمناصب العسكرية) من الاتفاق السياسي ظلت لسنتين ونصف محل جدال بين المجلسين. فلماذا وكيف تم تجاوزها بهذه السرعة الفائقة؟»، مضيفا أن «مجلس النواب لم يعترف حتى الآن بالمجلس الأعلى للدولة على الإطلاق. فلماذا يبدي تعامله مع لجنة حواره فقط، دون أن يوجه رسالة رسمية لرئاسته؟».
وتساءل الشاطر: «أيهما أقرب للمنطق والتطبيق العملي: الدعوة لانتخاب مجلس تشريعي جديد خلال ستة أشهر على الأكثر، وخروج الأجسام الثلاثة بطريقة دستورية حضارية مشرفة؟ أم تشكيل مجلس رئاسي جديد تتنازعه الرؤى والصراعات ويتربع على السلطة لأعوام أخرى عن طريق المماطلة والتسويف، التي درج وعوّدنا عليها مجلس النواب؟». ومضى الشاطر يقول: «أعتقد أن تصرف اللجنتين يعتبر افتئاتا على الحقيقة، ومسعى سيؤدي للإضرار بالدولة، عبر استغلال معاناة المواطنين التي تسبب فيها المجلسان، وإطالة عمرهما بحجة توحيد مؤسسات الدولة». وانتهى الشاطر إلى أن «قراءة اللجنتين للمشهد الليبي بكل أزماته غير موفقة، لأنها جاءت متأخرة جداً، لغرض في نفس يعقوب، وهو إطالة بقاء المجلسين في السلطة، والدخول بالبلاد إلى مرحلة انتقالية أخرى». في السياق ذاته، قال إدريس بوفايد‏، عضو المجلس الأعلى للدولة، إنه غير معترف بما تم التوصل إليه، مبرزا أن البيان الصادر عن اللجنتين، وخاصة مجلس الدولة الذي ينتمي إليه: «لا يمثله».
وأوضح بوفايد أن موقفه استند إلى أسباب عدة، منها «ذكر مؤسسات موازية بأسمائها جنبا لجنب وعلى قدم المساواة مع المؤسسات الشرعية الفعلية العاملة من العاصمة»، بالإضافة إلى ما سماه «تناقض البيان الذي دعا للابتعاد عن المناطقية والجهوية مع روح وجوهر التوافق بين المجلسين على آلية إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، الذي يرسخ ويعزز، للأسف، التوجه، بل والتطرف المناطقي، ويوفر البيئة الخصبة المناسبة لتناميه واستفحال مضاعفاته».
ورغم الاعتراضات التي أبدها الشاطر وبوفايد، تحدث نصية عن الخطوات القادمة لتفعيل الاتفاق، إذ قال نصية في تغريدة على «تويتر»، أمس، إن «الخطوة القادمة بعد التوافق حول إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، هي وضع برنامج زمني ومكاني لانعقاد التجمعات الانتخابية لانتخاب أعضاء المجلس الرئاسي، وتضمين الاتفاق السياسي المعدل للإعلان الدستوري خلال الأيام المقبلة».
وفيما ذهب الهادي الصغير، عضو لجنة الحوار عن مجلس النواب، في تصريحات لقناة «الحدث» الليبية، إلى أن اللقاء مع سلامة تضمن الاتفاق معه على أن تكون الإحاطة القادمة في مجلس الأمن عن الاتفاق على التشكيلة الجديدة لمجلس رئاسي من رئيس ونائبين، قال عضو مجلس النواب مفتاح الكرتيحي لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا في حاجة ماسة لتوحيد المؤسسات، مشيرا إلى أنه لن تنجح أي ممارسة ديمقراطية في ظل هذا الانقسام، وأن المجلس الرئاسي الحالي «فشل في القيام بهذا الدور، لذلك رأى كثير من السياسيين ضرورة تغييره»، مستدركاً أن الفكرة المطروحة حالياً من الناحية النظرية «تبدو رائعة، لكن هل تنجح على أرض الواقع، وهل سيلقى دعماً كافياً من الأمم المتحدة؟، هذا ما ننتظره».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.