الصينيون يقودون النمو السريع للثروات الهائلة في العالم

عدد المليارديرات يرتفع لأكثر من ألفي شخص بحوزتهم نحو 9 تريليونات دولار

الصينيون يقودون النمو السريع للثروات الهائلة في العالم
TT

الصينيون يقودون النمو السريع للثروات الهائلة في العالم

الصينيون يقودون النمو السريع للثروات الهائلة في العالم

حققت ثروات المليارديرات العالمية خلال عام 2017 الارتفاع الأكبر لها على الإطلاق، حيث سجلت زيادة بنسبة 19%، لتصل قيمتها إلى 8.9 تريليون دولار أميركي موزعة على 2158 شخصاً. وعلى الرغم من تسجيل معدلات نمو جيّدة في الأميركتين وأوروبا، نجح المليارديرات في الصين في توسيع ثروتهم بمعدل يصل إلى الضعف، وذلك بنسبة 39%، لتصل قيمتها الكلية إلى 1.12 تريليون دولار. ونُشرت هذه النتائج ضمن تقرير المليارديرات السنوي الصادر عن «يو بي إس» بالتعاون مع «برايس ووترهاوس».
وفي إطار تعليقه على التقرير الجديد، قال جوزيف ستادلر، رئيس قسم الثروات الفائقة الصافية لدى «يو بي إس» العالمية لإدارة الثروات: «نجح المليارديرات الصينيون خلال العقد الماضي في تأسيس أكبر وأهم الشركات في العالم، ما أسهم في تعزيز مستويات المعيشة. وما هذه سوى البداية فحسب، حيث يسهم التعداد السكاني الكبير في الصين، إلى جانب الابتكارات التكنولوجية والنمو الكبير في الإنتاجية المدعوم من قبل الحكومة في توفير مستويات قياسية من الفرص التي تمكّن الأفراد من تأسيس شركاتهم الخاصة، فضلاً عن تغيير حياة الناس نحو الأفضل».
وأضاف: «يشهد العالم اليوم موجة جديدة من رواد الأعمال المتميزين، حيث يواصل المليارديرات تصدر ريادة مشهد الابتكار، الأمر الذي يسهم في توفير فرص العمل وتحقيق الازدهار، فضلاً عن إحداث أثر إيجابي في مجالات عدة لا تنحصر في النواحي الاقتصادية فقط. وتعمل الأجيال الناشئة حالياً على استغلال الفرص المتاحة لمجابهة بعض أهم التحديات البيئية والاجتماعية التي تواجه البشرية».
- فورة صينية
كان عام 2006 قد سجل وجود 16 مليارديراً صينياً فقط... أما اليوم، وبعد 30 عاماً من سماح الحكومة الصينية بعمل الشركات الخاصة، ارتفع هذا الرقم إلى 373 مليارديراً، وهي نسبة تعادل خُمس العدد الإجمالي العالمي. ويُعد 97% منهم من المليارديرات العصاميين، ويعمل أغلبهم ضمن قطاعات التكنولوجيا وتجارة التجزئة.
ودخل 89 رائد أعمال صينياً إلى نادي المليارديرات عام 2017. بما يقارب 3 أضعاف المعدل المسجل في الولايات المتحدة ومنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
ويعمل المليارديرات من آسيا، وبخاصة من مدينة شنزين الصينية، على مواجهة الهيمنة الأميركية التقليدية في مجال ريادة الأعمال في قطاع التكنولوجيا. ونجح هؤلاء في تقديم كميات من رأس المال التأسيسي للشركات الناشئة بحيث تعادل نظيراتها المقدمة في الولايات المتحدة، كما تفوقوا على منافسيهم في الولايات المتحدة في مجال براءات الاختراع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بواقع 4 أضعاف، وفي مجالات «بلوك تشين» والعملات المشفرة بواقع 3 أضعاف.
وقال التقرير: «يتميز المليارديرات الآسيويون بكونهم شباباً يكرسون كامل الجهود لتحقيق النجاح. حيث يعملون باستمرار على تطوير شركاتهم نحو الأفضل وبناء نماذج أعمال حديثة، فضلاً عن التحوّل السريع نحو العمل في القطاعات الجديدة. وتتميز الغالبية العظمى منهم بكونهم مليارديرات عصاميين، مع تصميم استثنائي على الاستفادة من هذه الفترة التي تعد إحدى أهم الحقبات التاريخية لتأسيس الشركات الجديدة».
وتمكّن المليارديرات الصينيون من إطلاق 80% من أصل 40 ابتكاراً عالمياً خلال العقود الأربعة الماضية.
وفي عام 2017، دخل 199 رائد أعمال عصامياً نادي المليارديرات، بما فيهم جهات مبتكرة في مجال تقنيات «بلوك تشين» والإقراض المتبادل بين النظراء، وعلم الجينيوم والطاقة الخضراء.
- تغير خريطة الثروة
ويشهد العالم حركة تغيّر في الثروة، حيث يوجد 701 ملياردير ممن تجاوزوا الـ70 عاماً، والذين ستنتقل ثروتهم إلى الورَثة والمؤسسات الخيرية خلال السنوات الـ20 المقبلة، وذلك في ضوء الاحتمالات الإحصائية لمتوسط العمر المتوقع. وتُشكل هذه النسبة 40% من إجمالي ثروة المليارديرات حول العالم (3.4 تريليون دولار).
ويُجسد المليارديرات الشباب القوة الدافعة لنمو الأعمال الخيرية والاستثمارات المستدامة، لكونهم يستخدمون ثروتهم بغرض تحقيق أثر اجتماعي إيجابي. وحالياً، ينخرط أكثر من ثلث (38%) الشركات العائلية في جهود الاستثمارات المستدامة، وتُخطط نحو نصفها (45%) لتعزيز استثماراتها المستدامة خلال الأشهر الـ12 المقبلة. فيما يسعى المليارديرات الشباب أيضاً لتكوين ثروتهم الاقتصادية الخاصة، حيث سعى نحو الثلثين (62%) من أبناء وبنات المليارديرات الذين ورثوا شركات عائلاتهم عام 2017 ليصبحوا من رواد الأعمال، بالمقارنة مع نسبة 42% ممن ورثوا أصولاً فقط.
وبهذا السياق، قال د. مارسيل ويدريج، الشريك واختصاصي إدارة الثروة لدى «برايس ووترهاوس كوبرز»: «يسلط تقريرنا الضوء على الخطوات التي مكّنت الصين من أن تصبح البلد الأول عالمياً من ناحية تحقيق الثروات لرواد الأعمال. إذ تنطوي الصين على مزيج فريدٍ من التعداد السكاني الضخم وجهود الابتكار التكنولوجي والدعم الحكومي المقدم. كما لاحظنا توجه أجيال المليارديرات الناشئة بشكل كبير نحو مجال ريادة الأعمال. وبالاستفادة من إيجابيات التعليم الجامعي عالي المستوى وشبكة العلاقات العالمية، غالباً ما يقوم الصينيون بتأسيس شركاتهم الخاصة التي تجمع أحدث المجالات التكنولوجية مع أهداف الاستدامة. وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد المليارديرات الصينيون نهج الاستثمار الدائم، بما يمكّنهم من النجاح وتحقيق قيمة مضافة لأعمالهم. ومما لا شك فيه أن الأجيال الجديدة تسعى لتغيير العالم الحالي، ولإحداث أثر إيجابي من خلال الشركات العائلية والمنظمات الخيرية».
- مخاطر حرب التجارة
وفي حال تصاعدت الحرب التجارية الحالية بين الصين والولايات المتحدة، تتوقع «يو بي إس» انخفاض النمو الاقتصادي في البلدين قبل حصول الاستجابة السياسية.
ويمكن أن تنخفض الأسهم الأميركية والآسيوية -باستثناء اليابانية- بنسبة 20% عن مستوياتها المسجلة في منتصف صيف 2018.
وبالنسبة إلى المليارديرات الشباب في الصين، فمن الممكن أن تسبب الحرب التجارية تباطؤاً في نمو أعمالهم، إلا أن الأساسات التي تتمتع بها البلاد من التعداد السكاني الكبير وحركة التطور التكنولوجية من شأنها الاستمرار في توفير الظروف الملائمة لنمو شركات رواد الأعمال.
- توزيع الثروات
وأكد التقرير أنه على الرغم من زيادة عدد المليارديرات عالمياً بنسبة 19%، فإن النسبة بقيت منخفضة بالمقارنة مع مؤشر «إم إس سي آي» العالمي الذي ارتفع بواقع 25%. وتمثّل النمو الأكبر في القطاعات الاستهلاكية وتجارة التجزئة، الذي ارتفع بقيمة 360 مليار دولار، والتكنولوجيا (250 مليار دولار)، والمواد الخام (180 مليار دولار). واستمرت منطقة الأميركتين في احتضان أكبر تركيز لثروة المليارديرات حول العالم، والتي ارتفعت في الولايات المتحدة بنسبة 12% لتصل إلى 2.1 تريليون دولار، مدعومة بشكل خاص من قبل قطاعات التكنولوجيا والاستهلاك وتجارة التجزئة. إلا أن معدلات تكوين الثروة يشهد تباطؤاً في أميركا.
وفي أوروبا، سجلت الثروة نمواً بواقع 19% لتصل إلى قيمة 1.9 تريليون دولار. ويعود ذلك بشكل كبير إلى ارتفاع سعر اليورو مقابل الدولار. ففي الواقع، حقق عدد المليارديرات في المنطقة ارتفاعاً بنسبة 4% فقط. تركزت ضمن 5 عائلات كانت مسؤولة عن 30% من توسع الثروة في القارة. وارتفعت حصة منطقة آسيا والمحيط الهادئ من ثروة المليارديرات لتصل إلى 2.7%، ما يشكّل نسبة 30% من المعدل الإجمالي العالمي، والتي تصدرتها قطاعات الاستهلاك وتجارة التجزئة والتكنولوجيا والعقارات.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.