ازدهار تجارة الشعر البشري في ميانمار

يشحن أغلبه للصين ليتحول إلى وصلات

حصلت هذه الفتاة على 18 دولاراً ثمناً لشعرها (رويترز)
حصلت هذه الفتاة على 18 دولاراً ثمناً لشعرها (رويترز)
TT

ازدهار تجارة الشعر البشري في ميانمار

حصلت هذه الفتاة على 18 دولاراً ثمناً لشعرها (رويترز)
حصلت هذه الفتاة على 18 دولاراً ثمناً لشعرها (رويترز)

اغرورقت عينا زازا لين بالدموع فيما تركت شعرها الأسود الطويل اللامع ليد خبير على طاولة على جانب الطريق ليمشطه ويقصه ويأخذه ويعطيها ما يكفي لدفع إيجار مسكنها.
وقالت زازا لين (15 عاماً): «الأمر مؤلم بعض الشيء» في حين سلمها مشتري الشعر زين مار ما يعادل نحو 13 دولاراً مقابل شعرها البالغ طوله 51 سنتيمتراً. والسعر يعادل تقريباً الحد الأدنى للأجر الأسبوعي في ميانمار.
وقالت زازا لين: «موعد دفع الإيجار حل».
وعلى الجانب الآخر من العالم يعالج الشعر ويغلف بوصفه «شعراً بورميّاً خاماً» ويباع بمئات الدولارات للمستهلكين الساعين لشراء الشعر المستعار ووصلات إطالة الشعر المصنوعة من شعر نساء بورما المطلوب بشدة.
ويعد الشعر الطويل من علامات الجمال وله معنى ديني عميق في ميانمار التي تقطنها أغلبية بوذية حيث يحلق الرهبان والراهبات شعرهم تماما دليلاً على التواضع.
وقال وين كو (23 عاما) الذي يشتري الشعر من أفراد ومن صغار الموردين مثل الموجودين في السوق: «الناس من مختلف أرجاء العالم يطلبون الشعر من بلادنا، لأنك عندما تغسله وتضع عليه مستحضرات غسل الشعر وتنعيمه، يلمع ببريق اللؤلؤ».
وأوضحت وكالة «رويترز» أن تجارة الشعر البشري ترجع لمئات السنين، لكن منذ نحو 10 سنوات فحسب، عندما انفتحت ميانمار على العالم الخارجي، بدأ الناس يستغلون هذه الفرصة اقتصاديا.
وتملك الدولة، التي كانت تعرف في السابق باسم بورما، الآن تجارة بملايين الدولارات. فمنذ عام 2010 زادت التجارة في الشعر البشري إلى 4 أمثالها، وتقول الأمم المتحدة إن ميانمار أصبحت رابع مصدر له على مستوى العالم. وكسبت ميانمار في عام 2017 وحده 6.2 مليون دولار من تصدير الشعر البشري.
واجتذبت التجارة الآلاف الذي يأتون بالشعر، ويعالجونه، ويصدرونه؛ سواء من فتيات بائسات مثل زازا لين، أو يشترونه بالكيلو على شكل كرات متربة من الشعر.
وبعد جمعه، ينقل الشعر من البائعين إلى مصانع ليفكّ ويسرّح ويغسل ويعاد تغليفه قبل أن يشحن، في الأغلب إلى الصين، ليتحول إلى شعر مستعار ووصلات لإطالة الشعر.
ومن الصعب الوصول إلى أرقام دقيقة في هذا القطاع غير النظامي، لكن مين زاو وو، من شركة «تل ناي لين» التجارية التي بدأت نشاطها في منتصف العقد الأول من الألفية الثانية، يقول إنه يبيع الشعر بالأساس للنساء سود البشرة في بريطانيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة. وأضاف: «هذه هي سوقنا: السود».
وبالبحث على موقع «يوتيوب» عن «الشعر البورمي» ظهرت آلاف من مقاطع الفيديو لنساء يجربن الشعر المستعار ووصلات الإطالة. وقالت المدونة المختصة بشؤون التجميل «ميكابدول» التي تحظى بنحو 600 ألف متابع وتبيع بعض وحدات الشعر المستعار التي تصنعها بما يصل إلى 900 دولار: «إنه ليس حريرياً مثل الشعر الهندي، وليس خشناً مثل الشعر البرازيلي. إنه بين هذا وذاك تقريبا».
يقول بائعان يتجولان حول المنصات في السوق في حي إنسين في يانغون إن الطلب على الشعر البورمي يتجاوز المعروض منه؛ فالتقليعات الجديدة في عالم الموضة تزيد من صعوبة العثور على شعر طويل ومفرود دون معالجة كيماوية.
وقال هموي هموي (44 عاما) الذي يعمل في هذا المجال منذ 13 عاماً: «الشعر هذه الأيام مصبوغ ومعالج ومقصوص».
ويقول البائعون إن شهر أبريل (نيسان) الذي يوافق رأس السنة في ميانمار، أفضل شهر؛ إذ تستعد كثير من النساء للدخول في سلك الرهبنة فيبعن شعورهن قبل حلقها وفقاً للطقوس.
وأغلب الشعر المصدّر من ميانمار ليس مقصوصاً حديثاً، بل هو مكنوس من المخلفات. وقالت صاحبة شركة تدعى «أنتي تشو» إنها تشتري «شعر المشط»؛ أي ذلك الذي يسقط بشكل طبيعي. وتدفع نحو 55 سنتاً عن الأوقية من الشعر المعبأ في أكياس بلاستيكية، لأسر تقوم بتفكيكه وتسريحه وربطه في حزم، ثم تبيعه لوسيط.
ومن بين الوسطاء وين كو الذي يأخذ الشعر إلى شاحنة تنقله إلى بلدة موس الحدودية حيث يكون في الانتظار نحو 12 تاجراً صينياً. وقال وين كو: «ما عليك سوى أن تختار من بينهم من يعجبك وهو سيقوم بالترتيبات لبيع الشحنة لمشترين صينيين».
وحاول زين مار الذي اشترى شعر زازا لين، مستشعراً حزنها على الشعر المقصوص، مواساتها قائلاً: «وكأنك تلقيت مبلغاً من المال مقابل الحصول على قصة شعر».


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.