«آبل» تكشف عن أجهزة جديدة

إصداران من «آيباد» وكومبيوترات «ماكبوك إير» بأكبر كمية تعديلات منذ إطلاقها... و«ماك ميني» وملحقات متعددة

تيم كوك المدير التنفيذي لشركة «آبل» يعرض في نيويورك أمس جهاز «آيباد برو» الجديد (إ.ب.أ)
لابتوب «ماكبوك» الجديد (أ.ف.ب)
تيم كوك المدير التنفيذي لشركة «آبل» يعرض في نيويورك أمس جهاز «آيباد برو» الجديد (إ.ب.أ) لابتوب «ماكبوك» الجديد (أ.ف.ب)
TT

«آبل» تكشف عن أجهزة جديدة

تيم كوك المدير التنفيذي لشركة «آبل» يعرض في نيويورك أمس جهاز «آيباد برو» الجديد (إ.ب.أ)
لابتوب «ماكبوك» الجديد (أ.ف.ب)
تيم كوك المدير التنفيذي لشركة «آبل» يعرض في نيويورك أمس جهاز «آيباد برو» الجديد (إ.ب.أ) لابتوب «ماكبوك» الجديد (أ.ف.ب)

جلبت «آبل» أفرادا جديدة إلى عائلة أجهزتها، من بينها «آيباد برو» جديد بأكبر كمية تغييرات يشهدها الجهاز اللوحي منذ إطلاقه قبل 8 أعوام، وكومبيوتر «ماكبوك إير» محمول جديد كليا وأول إصدار لكومبيوتر «ماك ميني» منذ 4 أعوام. وستطلق «آبل» أجهزتها الجديدة يوم الأربعاء المقبل 7 نوفمبر (تشرين الثاني)، مع فتح باب الطلب المسبق للأجهزة الآن.
ويقدم «آيباد برو» اللوحي الجديد شاشة بقطر 12.9 ولكن في حجم أصغر، ذلك أن الشركة تخلت عن زر شاشة البداية في المنطقة الأمامية لصالح المزيد من المساحة للشاشة، مع خفض المسافة بين الشاشة وأطراف الجهة الأمامية. ويدعم الجهاز تقنية التعرف على الوجه FaceID لفتح القفل عوضا عن بصمة الإصبع، مع استخدام منفذ «يو إس بي تايب - سي» لوصله بالأجهزة والملحقات المختلفة وشحنه. كما يستطيع الجهاز شحن «آيفون» والاتصال بشاشات عالية الدقة لعرض الصورة عليها. ويتصل قلم الجهاز بجانبه من خلال مغناطيس مدمج ويتم شحنه آليا. وكان من اللافت غياب منفذ السماعات الرأسية القياسية 3.5 مليمتر، مع عدم تقديم مهايئ Adaptor مجاني يتصل بمنفذ «يو إس بي تايب - سي» من جهة وبالسماعات القياسية من الجهة الأخرى، حيث يجب على المستخدم دفع 9 دولارات إضافية لشراء المهايئ. ويستخدم المعالج 8 أنوية ويوفر قدرات رسومية متقدمة وسعة تخزينية مدمجة تصل إلى 1 تيرابايت (1024 غيغابايت)، مع توفير 4 سماعات مدمجة وكاميرا تعمل بدقة 12 ميغابيكسل والاتصال بشبكات الجيل الرابع للاتصالات. وتستطيع بطارية الجهاز العمل لنحو 10 ساعات من الاستخدام.
ويبلغ سمك الجهاز 5.9 مليمتر، وستطلقه الشركة بسعر 999 دولارا يصل إلى 1899 دولارا وفقا للسعة التخزينية المرغوبة وآلية الاتصال بالإنترنت «واي فاي» فقط، أو «واي فاي» مع دعم لشبكات الجيل الرابع، مع توفير إصدار آخر بشاشة يبلغ قطرها 11 بوصة وبسعر 799 دولارا (يصل السعر إلى 1699 دولارا وفقا للسعة التخزينية المرغوبة وآلية الاتصال بالإنترنت)، بينما يبلغ سعر القلم 129 دولارا وسعر لوحة المفاتيح 179 دولارا.
وأعادت الشركة تصميم كومبيوتر «ماكبوك إير» MacBook Air بوزن أقل من الإصدار السابق بنسبة 25 في المائة، وبشاشة يبلغ قطرها 13.3 بوصة وبلوحة مفاتيح أسرع للاستجابة. وأزالت «آبل» شريط اللمس الموجود بالقرب من لوحة المفاتيح TouchBar الذي يقدم أزرارا تعمل باللمس للتحكم ببعض الوظائف. وأضافت الشركة ميزة فتح القفل بالبصمة TouchID، وهي ميزة غريبة بعض الشيء، ذلك أن الشركة تخلت عنها في هواتف «آيفون» وأجهزة «آيباد» واستعاضت عنها بميزة فتح القفل من خلال تقنية التعرف على الوجه FaceID. ويقدم الجهاز معالج الجيل الثامن من «إنتل» بنواتين اثنتين و16 غيغابايت من الذاكرة و1.5 تيرابايت من السعة التخزينية المدمجة. وتبدأ أسعار الجهاز من 1199 دولارا وتصل إلى 1399 دولارا وفقا للإصدار المرغوب.
ومن الأجهزة الأخرى التي كشفت الشركة عنها كومبيوتر «ماك ميني» Mac Mini يشابه الإصدار السابق الذي أطلق قبل 4 أعوام، ويقدم معالجا رباعي النواة من «إنتل» مع توفير القدرة على تطوير المعالج إلى آخر يعمل بـ6 أنوية. ويقدم الجهاز 4 منافذ «يو إس بي تايب - سي» عالية السرعة ومنفذ «إتش دي إم آي» لوصله بالشاشات والتلفزيونات، وهو أسرع من الإصدار السابق بنحو 5 أضعاف، مع تقديم 64 غيغابايت من الذاكرة و2 تيرابايت من السعة التخزينية المدمجة. وتبدأ أسعاره من 799 دولارا وتصل إلى 1099 دولارا، وفقا للإصدار المرغوب.
وبالنسبة لأسعار الأجهزة في المنطقة العربية، حصلت «الشرق الأوسط» على معلومات من «آبل» تفيد بأن أسعار «آيباد برو» 11 بوصة تتراوح بين 3199 و3799 درهما إماراتيا، بينما تتراوح أسعار «آيباد برو» 12.9 بوصة بين 3999 و4599 درهما، ويبلغ سعر القلم 529 درهما، بينما تتراوح أسعار لوحة المفاتيح بين 729 و799 درهما وفقا لقطر الجهاز المستخدم. كما قالت الشركة إنها ستطلق الجهاز في وقت لاحق من العام الحالي في السعودية وكولومبيا واليونان وغرينلاند وغواتيمالا والهند وليختنشتاين وماليزيا ومقدونيا والمكسيك والمغرب وبيرو وقطر وروسيا وتايلاند وتركيا وجنوب أفريقيا. وبالنسبة لـ«ماكبوك إير»، فتبدأ أسعاره من 5099 درهما إماراتيا، بينما تبدأ أسعار «ماك ميني» من 3399 درهما.


مقالات ذات صلة

دعوى جديدة تتهم «أبل» بإسكات الموظفين والتجسس على أجهزتهم الشخصية

الولايات المتحدة​ شعار شركة أبل (رويترز)

دعوى جديدة تتهم «أبل» بإسكات الموظفين والتجسس على أجهزتهم الشخصية

اتهمت دعوى قضائية جديدة شركة أبل بالمراقبة غير القانونية للأجهزة الشخصية لموظفيها وحساباتهم على «آيكلاود» بالإضافة إلى منعهم من مناقشة رواتبهم وظروف العمل.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا يدعم الجهاز اتصال Wi-Fi 6E و5G للاتصال الأسرع بالإضافة إلى منفذ USB-C لنقل البيانات بسرعة 10 غيغابايت في الثانية (أبل)

«أبل» تكشف النقاب عن «آيباد ميني» الجديد بشريحة «A17 برو»

أعلنت «أبل» اليوم عن جهاز «آيباد ميني» الجديد، بنفس التصميم السابق ويأتي معززاً بشريحة «A17» برو القوية.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا التحديث «18.0.1» يحل مشكلات تتعلق باللمس وإصلاح تعطل الكاميرا في وضع «الماكرو» (أبل)

تحديث «iOS 18.0.1»... إصلاحات لمشكلات اللمس والكاميرا في هواتف «آيفون 16»

أصدرت «أبل» التحديث «iOS 18.0.1» لمعالجة مجموعة من المشكلات التي ظهرت بعد إطلاق نظام «iOS 18»، خصوصاً على هواتف «آيفون 16» و«آيفون 16 برو». التحديث الجديد يركز…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «iOS 18» يجلب تحسينات في الأمان والتخصيص والأداء وتحديثات «Siri» مع ميزات جديدة مثل قفل التطبيقات ووضع الألعاب

تعرف على أبرز مميزات التحديث الجديد لآيفون «آي أو إس 18»

ستصدر «أبل» التحديثات الجديدة الخاصة بأجهزتها رسمياً، غداً (الاثنين)، ومن ضمنها تحديث «آي أو إس 18».

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)