«داعش» يقتل 5 أشخاص ويخطف آخرين في هجوم وسط ليبيا

أحرق منشآت حكومية ومنازل مواطنين في بلدة ساعد سكانها في اعتقال أحد قيادييه

TT

«داعش» يقتل 5 أشخاص ويخطف آخرين في هجوم وسط ليبيا

قُتل ما لا يقل عن 5 أشخاص وخُطف 9 آخرون، فجر أمس، في هجوم استهدف منشآت حكومية ليبية، بينها مركز للشرطة، في منطقة الفقهاء ببلدية الجفرة جنوب شرقي طرابلس (وسط البلاد). وألقى مسؤولون محليون بالمسؤولية في الاعتداء على تنظيم «داعش» الذي يبدو أنه يعيد تنظيم صفوفه بعد الهزيمة التي لحقت به في أعقاب طرده من مدينة سرت، مركزه الرئيسي في ليبيا، عام 2016.
وقال مصدر بغرفة عمليات الجفرة التابعة للجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، إن عدداً من المسلحين على متن 8 عربات شنوا هجوماً مباغتاً ضد مركز للشرطة ومقرات حكومية وقاموا بحرقها، مشيراً إلى أن المسلحين قتلوا 5 من سكان المنطقة حاولوا التصدي لهم.
وقال المصدر إن الهجوم الذي وقع في تمام الساعة الثالثة فجر أمس بالتوقيت المحلي استمر نحو ساعة كاملة، قبل أن تبدأ قوات الجيش التي أعلنت رفع حالة الطوارئ، في تعقب أثر المهاجمين جنوب شرقي الجفرة، بينما أكد بعض سكان المنطقة أن المهاجمين كانوا يرددون في أثناء انسحابهم شعارات تنظيم «داعش» ويهتفون بـ«الموت للطغاة والمرتدين».
لكن المجلس البلدي للجفرة أعلن أن الهجوم على منطقة الفقهاء شنّه مسلحون «دواعش» على متن 25 آلية مسلحة، مضيفاً أن المهاجمين روّعوا السكان وأحرقوا بعض البيوت وخطفوا عدداً من الشبان وقتلوا 4 أشخاص من بينهم ابن رئيس الفرع البلدي للمنطقة، مشيراً إلى توجيه نداء عاجل إلى قوات الجيش لمطاردة المهاجمين والقضاء عليهم.
وطبقاً لرواية ثالثة قدمها مصدر محلي، فقد حطمت عناصر «داعش» خلال الهجوم محطة الاتصالات، ما أدى إلى انقطاع الاتصالات عن المنطقة، مشيراً إلى أن التنظيم فجّر النقطة الأمنية للمنطقة وقتل 4 من عناصرها وخطف 9 أشخاص، بعضهم تم اقتيادهم من منازلهم. وأوضح أن عناصر التنظيم قاموا أيضاً بإحراق بعض المنازل، قبل أن يلوذوا بالفرار وينسحبوا من المنطقة.
بدوره، قال عضو المجلس البلدي للجفرة عبد اللطيف جلالة، في تصريحات تلفزيونية، إن عناصر «داعش» قاموا بذبح مواطنيْن، وتصفية اثنين آخرين بالرصاص، مشيراً إلى أن المهاجمين أضرموا النيران في منزلين وسيارات تابعة لجهاز الإطفاء.
واتهم عثمان حسونة، عميد بلدية الجفرة، تنظيم «داعش» بالمسؤولية عن هذا الهجوم الذي يعد الثاني من نوعه على المدينة في غضون عام واحد، بينما أرجع إسماعيل الشريف عضو مجلس النواب الليبي عن دائرة الجفرة، الهجوم الذي تخللته ما سماها حملات تصفية جسدية وحملة اعتقال وخطف واسعة للمواطنين، إلى دافع الانتقام بعد أن ساعد شبان في البلدة في القبض على زعيم محلي لـ«داعش» منتصف الشهر الجاري. وقال في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إن الهجوم هو بمثابة ردة فعل على عملية اعتقال القيادي في «داعش» جمعة القرقعي وأحد مرافقيه خلال محاولتهما الهرب قرب مدينة الفقهاء.
وأعلن الشريف انسحاب مقاتلي تنظيم «داعش» من «الفقهاء» وبدء عملية ملاحقتهم من قبل الكتيبة 128 التابعة للجيش الليبي، مشيراً إلى خروج تعزيزات عسكرية من مدينة سبها لمساندة القوات التي تلاحق «الدواعش».
وقدّم الشريف، في بيان، صورة قاتمة للوضع الأمني في المنطقة التي «غابت عنها رائحة الدولة الرسمية بكل مكوناتها، رغم التحذيرات المستمرة من هشاشة الوضع الأمني في مناطق الهاروج التي يعد ملاذاً لكل التنظيمات والعصابات التي تمارس الخطف والقتل والحرابة والاتجار بالبشر والمخدرات»، على حد قوله.
وقال مصدر عسكري إن قوات من الكتيبة 128 مشاة التي يقودها الرائد حسن معتوق بدأت عملية ملاحقة واسعة النطاق للمهاجمين، مشيراً إلى مشاركة طائرات حربية أيضاً.
لكن قناة «ليبيا الأحرار» المحلية نقلت، أمس، عن مصدر خاص قوله إن لغماً أرضياً انفجر في سيارة كانت تلاحق عناصر «داعش» الذين انسحبوا إثر الهجوم وقاموا لاحقاً بتلغيم الطريق.
وأدان مجلس الدولة الليبي الهجوم على «الفقهاء»، مقدماً «التعازي إلى أسر الضحايا». وحمّل المجلس في بيان، أورده موقع «بوابة أفريقيا» الإخباري، «الجهات الأمنية المسؤولية عن ملاحقة مرتكبي هذه الجريمة، والعمل على إطلاق سراح المخطوفين»، داعياً إلى «ضرورة توحيد المؤسسة الأمنية وحماية المواطنين من الهجمات المسلحة الناتجة عن الانفلات الأمني الذي هو نتيجة للانقسام السياسي». وطالب بـ«فتح تحقيق عاجل في هذه الجريمة وملاحقة مرتكبيها».


مقالات ذات صلة

جيش مالي يعتقل قيادياً في «داعش» ويقتل بعض معاونيه

أفريقيا مواطنون ماليون يحتفلون بعودة جنود من الجيش من معارك ضد الإرهاب (الجيش المالي)

جيش مالي يعتقل قيادياً في «داعش» ويقتل بعض معاونيه

نفذ الجيش المالي عملية عسكرية «خاصة» على الحدود مع النيجر، أسفرت عن اعتقال قيادي بارز في «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا النقيب إبراهيم تراوري القائد العسكري الحالي في بوركينا فاسو (متداولة)

استراتيجية الأمن في تجنيد ميليشيات رخيصة تتحول إلى كارثة في أفريقيا

دفع تسليح المدنيين الذين يفتقرون إلى التدريب الجيد ولا يحترمون حقوق الإنسان، القوات المسلحة في بوركينا فاسو ودول أفريقية أخرى إلى حافة حرب أهلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
آسيا تُظهر هذه الصورة مشهداً لموقع تم فيه إلقاء عبوة ناسفة على حشد خلال مهرجان سنوي في تايلاند... الجمعة 13 ديسمبر 2024 (أ.ب)

مقتل ثلاثة أشخاص بانفجار قنبلة خلال مهرجان في تايلاند

أعلنت الشرطة التايلاندية السبت اعتقال شخصين بعد انفجار قنبلة الجمعة خلال إحياء مهرجان بالقرب من الحدود مع بورما؛ ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.