حظيت حركة «#مي تو» المناهضة للتحرش الجنسي، بانتشار واسع على وسائل التواصل الاجتماعي الهندية، حيث تكشف النساء من خلال الحملة عن أسماء شخصيات في مجال الإعلام والترفيه، وتجبر شخصيات أخرى من ذوي النفوذ على ترك وظائفهم.
ولأول مرة تشهد دولة يقترب عدد سكانها من 3.1 مليار نسمة، سيلاً من الاتهامات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، على مدار الأسبوعين الماضيين، حيث وجّهت نساء اتهامات إلى أسماء بعينها من نجوم الكوميديا والصحافيين والكتاب والممثلين والمخرجين، بالتحرش بهن.
وكانت التهمة الأكثر خطورة قد أوردتها الكاتبة والمنتجة فينتا ناندا، التي لجأت إلى موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، لاتهام الممثل ألوك ناث باغتصابها عام 1999، ومن جانبه، قال ناث إنه لا يقبل تلك المزاعم، حسب رأيه، كما أنه لا ينفيها، موضحاً أن الاغتصاب: «لا بد أنه وقع، ولكن ربما يكون هناك شخص آخر هو من قام بذلك».
وقد بلغ الأمر بحركة «#مي تو» إلى الوصول إلى أعتاب الحكومة. فقد اتهم العديد من الصحافيين إم جيه. أكبر، 67 عاما، وهو محرر سابق بارز، يشغل حالياً منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية، بارتكاب حالات تحرش ومضايقات جنسية.
وقام الضحايا والنشطاء بالربط بين الانتشار المفاجئ للحملة على التحرش، ووجود حالة من الصحوة، حيث قالوا إنها المرة الأولى التي يشعر فيها النساء في الهند بأن لديهن القوة على الكشف عن مغتصبيهن.
وتوضح ناندا أن «(#مي تو) حركة محفزة جداً، حيث إنني أشعر ولأول مرة منذ 20 عاماً، بأنني لا أخاف. أتصور أنه (ناث) يسكنه الخوف، وأنه هو الذي يحتاج إلى التعامل مع مخاوفه».
وفي إشارة إلى المجتمع الهندي الذي تهاون مع المضايقات الجنسية والتحرش لسنوات، تقول ناندا إنه لم يكن هناك رد فعل على ادعائها عندما أثارت القضية قبل سنوات.
وتقول: «لقد تم التكتم على كل شيء، ولكن ها أنا ذا أضع منشوراً على (فيسبوك)، ثم ينتشر. إن الدعم الذي حصلتُ عليه من كل مكان لم يكن ممكناً في السنوات الماضية».
وكان سيل الشكاوى قد تدفق بعدما اتهمت نجمة بوليوود الحسناء الممثلة تانوشري دوتا، الممثل الشهير نانا باتيكار، بالتحرش الجنسي بها في أثناء تصوير أحد الأفلام عام 2008.
وقد شجع اتهام دوتا لباتيكار عشرات النساء على التحدث بصراحة وبلا خوف، حيث كشفن عن انتهاكات جنسية منتشرة في أماكن عمل بالهند.
ووصلت عاصفة «#مي تو» إلى الإعلام الهندي، حيث تم اتهام العديد من الصحافيين البارزين بسوء استغلال مناصبهم للتصرف بطريقة غير لائقة تجاه مرؤوساتهم في العمل.
وفي صحيفة «هندوستان تايمز» الهندية اليومية، تنحى المحرر السياسي براشانت جها، عن العمل، بعد أن اتهمته مراسلة سابقة بالتحرش الجنسي بها من خلال الرسائل النصية.
وفي الوقت نفسه، كانت هناك دعوات لإقالة أكبر من الحكومة، التي التزمت الصمت حيال هذه القضية. من ناحية أخرى، تقول شينا دابهولكار، التي حظيت تغريداتها على «تويتر» بشأن التحرش الجنسي بمتابعة كبيرة: «للمرة الأولى في الهند يتم تصديق النساء والتحقيق مع الرجال، مما يؤدي إلى تداعيات حقيقية».
ويبدو أنه قد تم حذف حسابها على «تويتر» فيما بعد، لتأخذ بذلك قسطاً من الراحة من موقع التدوينات القصيرة.
وفي الوقت نفسه، قالت الكاتبة المستقلة سانديا مينون، التي تحدثت بشأن محرر في صحيفة «تايمز أوف إنديا» يخضع للتحقيق حالياً، إن «نقطة التحول» جاءت لأنها أُصيبت بالفزع مع ردود فعل الرجال، «فليس هناك ندم من جانب الجناة المزعومين، الذين كانوا يحظون بدعم رجال آخرين من ذوي النفوذ».
وطال الوصف بالتحرش شخصيات أخرى مثل المخرج فيكاس بال، والمغني كايلاش خير، والممثل راجات كابور، والكاتب صاحب المؤلفات الأكثر مبيعاً تشيتان بهجت.
وأجبر الاتجاه الحالي الصناعات على اتخاذ إجراءات ترمي إلى تحسين أساليب التعامل بها، ووضع آلية للتظلم.
من جانبه، يقول أوديت راج، النائب البرلماني عن الحزب الحاكم، إن حملة «#مي تو» هي بداية لممارسة خاطئة، حيث أشار إلى قضية باتيكار، مشككاً في مدى ملاءمة ادعاءات تانوشري دوتا بعد مرور 10 سنوات على وقوع تلك المخالفات المزعومة، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
كما أن هناك حالة من الجدل بشأن ما يعتبر تحرشاً، من موافقة وتواطؤ، حيث تتراوح التهم بين ارتكاب سلوك غير لائق وفاسق، إلى إرسال رسائل نصية موحية والتحرش الجنسي، والاعتداء الجنسي الصريح.
وفي حين يقول البعض إنه يجب أن يكون هناك تعريف أوضح للموافقة، وتوخّي الحذر بشدة قبل الكشف عن اسم أي شخص، يقول آخرون إنه من المهم الاستماع إلى النساء، في ضوء هذا العدد الهائل من الحالات التي لا يتم الإبلاغ عنها.
وفي أثناء الموجة الأولى لحالات حركة «#مي تو» بالهند في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تم وضع قائمة مثيرة للجدل للمتحرشين الذين كان معظمهم من الأكاديميين في الجامعات بالهند والخارج، على موقع «فيسبوك». ولكن في هذه المرة، لم يكن مقدمو الاتهامات من مجهولي الهوية، لتؤدي الاتهامات إلى اتخاذ إجراء.
وتأمل الحملة في أن يتم تحويل «#مي تو» إلى ثورة، مثل تلك القائمة في الولايات المتحدة، حيث أدت الشكاوى إلى ملاحقات قضائية، ليتم الحكم على النجم الكوميدي بيل كوسبي، بالسجن، بالإضافة إلى توجيه تهم جنائية ضد قطب «هوليوود» هارفي واينستين. وتوجهت ناندا بمناشدة عاطفية إلى غيرها من النساء لكي يخرجن عن صمتهن، حيث قالت لهن: «لقد كان صمتي سبب معاناتي... من فضلكن تحدثن لكي تتم معاقبة المتهم».
حركة «#مي تو»... من «هوليوود» إلى «بوليوود»
حملة نسائية مناهضة للتحرش الجنسي من ذوي النفوذ
حركة «#مي تو»... من «هوليوود» إلى «بوليوود»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة