أوروبا تفتح الباب للتجارة الحرة مع «الآسيان» عبر اتفاق مع سنغافورة

تطلعات أوروبية آسيوية للتوحد في مواجهة الحمائية الأميركية

شعار القمة الأوروبية الآسيوية
شعار القمة الأوروبية الآسيوية
TT

أوروبا تفتح الباب للتجارة الحرة مع «الآسيان» عبر اتفاق مع سنغافورة

شعار القمة الأوروبية الآسيوية
شعار القمة الأوروبية الآسيوية

شهدت القمة الأوروبية الآسيوية، التي بدأت أعمالها الخميس، توقيع الاتحاد الأوروبياتفاقية للتجارة الحرة مع سنغافورة، واتفاقية للشراكة الطوعية في التجارة والحوكمة وإنقاذ الغابات مع فيتنام.
ويمثل اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي وسنغافورة أول اتفاق تبرمه الكتلة الأوروبية مع دولة عضو في رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).
ويذكر أن سنغافورة هي أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بين دول آسيان، كما تأتي في المركز الـ14 بين أكبر شركاء الكتلة فيما يتعلق بتجارة السلع. وفي عام 2017. وصل حجم تجارة السلع بين الطرفين إلى 53.3 مليار يورو (60.8 مليار دولار)، في حين بلغ حجم تجارة الخدمات 44.4 مليار يورو في عام 2016.
وتحظى العلاقات الاستثمارية بين الجانبين بالاستقرار، حيث تعتبر سنغافورة من المقاصد الرئيسية للاستثمارات الأوروبية في آسيا، وقد أقامت أكثر من 10 آلاف شركة أوروبية مقرات لها في سنغافورة.
إلى جانب الجزء المتعلق بتحرير التجارة والاستثمارات، تتضمن الاتفاقية أيضا فقرات بشأن التنمية المستدامة، ومعايير العمل والسلامة، والبيئة وحماية المستهلك، فضلا عن بنود تتعلق بتغير المناخ وحماية الخدمات العامة. ويتعين الآن أن يُصدِّق البرلمان الأوروبي وجميع الدول الأعضاء في الكتلة على الاتفاق، بعد أن قضت أكبر محكمة في الاتحاد الأوروبي بضرورة موافقة البرلمانات الوطنية في الدول الأعضاء على مثل هذه الاتفاقيات.
وقالت مفوضة شؤون التجارة، سيسليا مالمستروم، إن سنغافورة هي بوابة مهمة إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي بأسرها «ومن المهم أن يكون لشركاتنا موطئ قدم هناك».
ومن المتوقع أن تدخل اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وسنغافورة حيز التنفيذ في 2019 قبل انتهاء فترة عمل المفوضية الأوروبية الحالية، على أن تدخل اتفاقية حماية المستثمرين بين الاتحاد الأوروبي وسنغافورة حيز التنفيذ عقب التصديق عليها من الدول الأعضاء.
ويهدف الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وفيتنام، للشراكة الطوعية في مجال التجارة والحوكمة والغابات، إلى وقف قطع الأشجار بشكل غير قانوني لضمان أن يتم تصدير الأخشاب الفيتنامية إلى الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي.
وهذا هو الاتفاق الثاني من نوعه الذي يوقعه الاتحاد الأوروبي مع دولة آسيوية، وكان الاتفاق الأول مع إندونيسيا، ويعتبر الاتفاق مهما نظرا لأهمية فيتنام في سوق الأخشاب العالمية. وقال المستشار النمساوي، سباستيان كورتز، الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي، إن هذا الاتفاق يعد معلما هاما في علاقة الاتحاد الأوروبي مع فيتنام وفي الكفاح المشترك لقطع الأشجار غير القانوني والذي يؤدي إلى إزالة الغابات، وأضاف «أن التزامنا بالبيئة ليس مجرد شعار بل حقيقة». واختتمت القمة الأوروبية – الآسيوية أعمالها أمس بمشاركة 51 دولة أوروبية وآسيوية. وتمثل الدول مجتمعة 55 في المائة من التجارة العالمية، و60 في المائة من سكان العالم، و65 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
واعتبرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أمس أن: «القمة تُظهر احتشادا لدول أوروبية وآسيوية تريد جميعها تجارة عالمية قائمة على قواعد وتقر بالتعددية، وهذه إشارة مهمة... بإمكاننا توضيح أن الأمر في العالم يدور حول تحقيق وضع تكون فيه جميع الأطراف فائزة». وأشار بيان القمة إلى أن دور التجمع الأوروبي الآسيوي (آسيم) أصبح أكثر أهمية بسبب «التطورات الدولية الأخيرة»، دون الخوض في التفاصيل. يذكر أن واشنطن أغضبت الكثير من شركائها التجاريين بسبب زيادة الرسوم الجمركية على سلع مثل الصلب والألومنيوم، فضلا عن مجموعة من الواردات الصينية، مبررة نهجها بمخاوف تتعلق بالأمن القومي. كما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بانسحاب الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية، وشكا من أن واشنطن لا تحصل على معاملة عادلة.
وعززت الدول الأوروبية والآسيوية علاقاتهما مؤخرا، فعلى سبيل المثال، وقع الاتحاد الأوروبي مع اليابان اتفاقية تجارة حرة في يوليو (تموز)، اعتبرت توبيخاً للحمائية التي انتهجها ترمب. كما أبرمت 11 دولة عبر المحيط الهادي صفقة تجارية بعد انسحاب الولايات المتحدة. وقال مسؤول كبير بالاتحاد الأوروبي قبل القمة شريطة عدم الإفصاح عن هويته «إذا ألقت أوروبا وآسيا بثقلهما معا، فبوسعهما إحداث تغيير حاسم».
وكانت القمة قد انطلقت مساء الخميس على عشاء عمل بينما جرت النقاشات الجمعة من خلال جلستين الأولى تحت عنوان «بناء المستقبل معا وتعزيز النمو الشامل والتواصل المستدام» والثانية تحت عنوان «تعزيز النظام متعدد الأطراف والنهوض بشراكة بين الجانبين بشأن القضايا العالمية». وسعى القادة على هامش القمة إلى تعزيز الحوار والتعاون بين القارتين في مجموعة واسعة من المجالات بما في ذلك التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة والتحديات الأمنية، مثل مكافحة الإرهاب والأمن الإلكتروني والهجرة غير الشرعية.
وتنعقد القمة الأوروبية الآسيوية مرة كل عامين لتحديد أولويات الشراكة بين الجانبين. وقد جرى تأسيس اجتماع أوروبا - آسيا عام 1996 كمنتدى للحوار والتعاون بين الجانبين يهدف إلى تقوية العلاقات بينهما.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.