الخزانة الأميركية تقر بأن الصين لا تتلاعب بعملتها

بكين تؤكد التزامها... واليوان عند أدنى مستوى في 21 شهراً

عبر تقرير الخزانة الأميركية عن القلق حيال شفافية الصين بشأن عملتها من دون إشارة إلى «التلاعب» (رويترز)
عبر تقرير الخزانة الأميركية عن القلق حيال شفافية الصين بشأن عملتها من دون إشارة إلى «التلاعب» (رويترز)
TT

الخزانة الأميركية تقر بأن الصين لا تتلاعب بعملتها

عبر تقرير الخزانة الأميركية عن القلق حيال شفافية الصين بشأن عملتها من دون إشارة إلى «التلاعب» (رويترز)
عبر تقرير الخزانة الأميركية عن القلق حيال شفافية الصين بشأن عملتها من دون إشارة إلى «التلاعب» (رويترز)

أقرت الإدارة الأميركية بأن الصين لا تتعمد تخفيض قيمة اليوان لدعم صادراتها، إلا أنها عبرت عن «قلقها لقلة شفافية الصين بشأن عملتها»، في تقرير صادر عن وزارة الخزانة. وبوضع الصين و5 بلدان قيد المراقبة، هي الصين وألمانيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وسويسرا، امتنعت واشنطن عن تصعيد النزاع مع الصين بشأن عملتها، كما توعد الرئيس دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية.
وأعربت وزارة الخزانة، في تقريرها حول العملات الذي ترفعه مرتين في السنة إلى الكونغرس، عن «قلقها لقلة شفافية الصين بشأن عملتها، وضعف عملتها أخيراً»، من غير أن تؤكد رسمياً تدخل بكين في سعر صرف اليوان.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين، في بيان مساء الأربعاء، إن هذا «يطرح تحديات كبرى من أجل التوصل إلى مبادلات تجارية أكثر توازناً، وسنواصل مراقبة الممارسات الصينية بشأن عملتهم، بما في ذلك إجراء محادثات متواصلة مع بنك الصين الشعبي».
وفي تقرير الأربعاء، أبقت الخزانة الأميركية ألمانيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وسويسرا على «لائحة مراقبة» للدول التي تستدعي ممارساتها بشأن عملاتها «نظرة عن قرب»، لكن الوزارة أكدت أن «أياً من البلدان الشريكة الكبيرة» لم يتلاعب بعملته عام 2018.
وخلال السنوات الأخيرة، اتهمت واشنطن بكين مراراً بالتلاعب بعملتها، وخفض قيمة اليوان، لجعل منتجاتها في وضع أكثر تنافسية. ومع رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، زادت قوة الدولار الأميركي، مما جعل الصادرات الأميركية أعلى قيمة.
وارتفعت قيمة الدولار هذا العام نحو 7 في المائة مقابل اليوان الذي بدأ التراجع بشكل كبير في يونيو (حزيران) الماضي. وأغلق اليوان، أمس (الخميس)، عند أدنى مستوياته في أكثر من 21 شهراً، مقابل الدولار المرتفع على نطاق واسع، في الوقت الذي تشجع فيه المتعاملون لدفع اليوان للانخفاض جراء موقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، الذي يميل إلى التشديد النقدي، وفشل وزارة الخزانة الأميركية في وصم الصين بالتلاعب في العملة.
وختم اليوان جلسة المعاملات الفورية بالأسواق المحلية عند 6.9409 مقابل الدولار، منخفضاً 0.25 في المائة، بالمقارنة مع الإغلاق السابق، وعند أدنى مستوياته منذ الرابع من يناير (كانون الثاني) 2017. وفتحت العملة عند 6.9340 يوان للدولار، وبلغت أدنى مستوى خلال الجلسة عند 6.9425 قبل الإغلاق.
وتعود أخر مرة اتهم فيها الكونغرس الصين بالتلاعب بسعر صرف اليوان إلى عام 1994، لكن منوتشين قال إن «التحركات الأخيرة في العملة الصينية لا تذهب في الاتجاه الذي سيساعد على خفض الفائض التجاري الهائل للصين»، وتابع أن «موظفي وزارة الخزانة يقدرون أن التدخل الصيني المباشر في سوق العملات الأجنبية كان محدوداً هذا العام»، مشيراً إلى أن التدخل الصافي لمصرف الشعب الصيني كان «محايداً بشكل فعال».
وخلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في منتجع بالي، في إندونيسيا، الأسبوع الماضي، قال منوتشين إنه أجرى مباحثات بناءة مع حاكم مصرف الشعب الصيني، يي غانغ.
وحمس الاقتصاد الأميركي المتنامي، ومعدلات البطالة المتراجعة، الطلب في صفوف المستهلكين الأميركيين لشراء السلع المستوردة، مما زاد من العجز في الميزان التجاري الأميركي الصيني بواقع 3.2 في المائة إلى 390 مليار دولار.
وتخوض واشنطن وبكين حرباً بشأن العجز التجاري المتزايد بين البلدين، الذي قال ترمب إنه يقتل الوظائف الأميركية.
ويعيق تراجع قيمة اليوان أهداف الرئيس الأميركي، إذ يعوض عن ارتفاع أسعار البضائع المستوردة من الصين إثر فرض الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية المشددة عليها.
وفرض ترمب رسوماً ضخمة على نحو نصف الصادرات الصينية للولايات المتحدة، فيما تراوح المفاوضات للخروج من المأزق التجاري مكانها. وفي أبريل (نيسان) 2017، تراجع ترمب عن تعهده الانتخابي باعتبار أن الصين تتلاعب بعملتها، إذ أبلغ صحيفة «وول ستريت جورنال» أنّ بكين لا تتدخل لإضعاف عملتها.
وسيكون اتهام الصين بالتلاعب بعملتها إشارة جديدة على الرغبة في المواجهة من قبل واشنطن، لكن أي تداعيات محتملة ستظهر على شكل تدريجي. ويتضمن ذلك وقف المشتريات الحكومية، ووقف أي اتفاقيات تجارية محتملة، وتوجيه صندوق النقد الدولي للقيام بـ«مراقبة صارمة إضافية».
وخلال صياغة اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، أدرجت الولايات المتحدة في الاتفاق الجديد بنداً يحتم على واشنطن وأوتاوا ومكسيكو التشاور قبل إبرام معاهدة جديدة للتجارة الحرة مع طرف ثالث لا يعتمد اقتصاد السوق، وهذا الوضع ينطبق على الصين في نظر واشنطن. وإذا رفض أي من الأعضاء الثلاثة هذه الاتفاقية الجديدة، التي تسمى «الاتفاقية الأميركية المكسيكية الكندية» (يوسمكا)، يمكن أن تلغى خلال 6 أشهر. وتثير هذه المواجهة المتواصلة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم قلق المحللين.
ومن جانبها، أكدت الصين مجدداً أنها لن تقوم بخفض تنافسي لعملتها، أو استخدام سعر الصرف كأداة في الاحتكاكات التجارية، داعية الولايات المتحدة إلى التوقف عن استخدام مسألة العملة لتوجيه انتقادات للصين.
وجاء ذلك في تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ، خلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر الوزارة، أمس، تعليقاً على تقرير الخزانة الأميركية.
وقال كانغ: «كدولة مسؤولة، فإن الصين لن تقلل من قيمة عملتها لتعزيز الصادرات، أو استخدام سعر الصرف كأداة في الاحتكاكات التجارية»، مشيراً إلى أن الصين ستواصل دفع الإصلاحات القائمة على السوق في سعر الفائدة ونظم الصرف، وستحافظ على سعر صرف متوازن لعملتها الوطنية (اليوان)، معرباً عن أمله في أن تتوقف الولايات المتحدة عن استخدام مسألة العملة في توجيه انتقادات إليها.


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».