مصر: مؤتمر «تجديد الفتوى» يدعو إلى التكاتف لتجفيف منابع الإرهاب

مشاركون من 73 دولة أكدوا أن «جماعات الظلام» ما زالت تلقي بظلالها

مشاركون في مؤتمر دار الإفتاء بالقاهرة
مشاركون في مؤتمر دار الإفتاء بالقاهرة
TT

مصر: مؤتمر «تجديد الفتوى» يدعو إلى التكاتف لتجفيف منابع الإرهاب

مشاركون في مؤتمر دار الإفتاء بالقاهرة
مشاركون في مؤتمر دار الإفتاء بالقاهرة

شدد المشاركون في المؤتمر الرابع للإفتاء بالعاصمة المصرية القاهرة، على أن «جماعات الظلام الإرهابية ما زالت تلقي بظلالها على العالم بأسره، وأنه من الأهمية بمكان حتى نقضي على أفكارهم الشاذة، أن نتكاتف جميعاً لمحاربة الإرهاب الأسود وتجفيف منابعه ومواجهته بكل الوسائل المشروعة».
المشاركون، وهم علماء ومفتون من 73 دولة، أكدوا أن «التجديد في الفتوى أمر حتمي لا مناص منه، وأن مراعاة مقتضيات الزمان والأحكام أمر حتمي في الفتوى، مع تفريقنا الواضح والمهم بين الثابت والمتغير». فيما قال الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، بـ«ضرورة ضبط عملية الفتوى، وإطلاق برامج تدريب بلغات مختلفة لتدريب العلماء والمتصدرين للفتوى، حتى يكونوا قادرين على مواجهة تحديات العصر، واستيعاب ثقافاته المتعدّدة، ومواجهة ما يهدد الأمن والسلم العالمي من أفكار متطرفة لا تمتّ إلى ديننا الحنيف بصلة».
فعاليات المؤتمر العالمي الرابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، كانت قد انطلقت في أحد فنادق العاصمة المصرية أمس، وتستغرق ثلاثة أيام، وتنعقد تحت عنوان «التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق». وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، في كلمة ألقاها نيابةً عن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، إن «إلباس الثابت ثوب المتغير هدم لثوابت الدين، وإلباس المتغير ثوب الثابت تخلُّف عن ركب الحضارة». وأردف أن «الفتوى مرهونة بأمور عدة منها ظروف وعادات البلاد، فالمسائل الفقهية مرهونة بالنص الثابت والمستجدات ومعرفة عادات الناس، فكثير من الأحكام تختلف باختلاف ظروف وأحوال الناس، ونحن في حاجة ماسّة إلى إحلال منابر التفكير محل الحفظ والتلقين، وتحريك الحركة العلمية والإفتائية في ضوء المستجدات، خصوصاً في القضايا الطبية والاقتصادية، بالشجاعة والعلم ومراعاة الثوابت والمتغيرات، في وقت واحد».
أما مفتي مصر، الدكتور علام، فذكر في كلمته بالجلسة الافتتاحية، أن «مؤتمر هذا العام يأتي في ظرف غاية في الأهمية والخطورة، حيث ما زال تهديد جماعات الظلام الإرهابية يلقي بظلاله على العالم بأسره، وإنه من الأهمية بمكان حتى نقضي على هذه الأفكار الشاذة، أن نتكاتف جميعاً على محاربة الإرهاب الأسود وتجفيف منابعه ومواجهته بكل الوسائل المشروعة». وأشار إلى أنه «لم يخرج عن المنهج السليم للإفتاء إلا جماعات آمنت بأفكار شاذة مغلوطة، تغوّلت على التراث دون امتلاك وإحكام لمفاتيحِ العلوم، وقواعدِ الفهم الصحيح والمنهج السديد، وأعرضت هذه الجماعات بالكلية عن التلقي عن أهل العلم الثقات من العلماء العاملين، الذي نقلوا العلم بالإسناد المتصل إلى سيدنا رسول الله، فضلاً عن جهل هذه الجماعات الشديد بالواقع الذي نعيش فيه وإهمال إدراكه إدراكاً صحيحاً، وفهم التغيرات التي تطرأ على المجتمعات والثقافات نتيجة حركة التطور المعرفي والحضاري».
وفي حين قال المستشار حسام عبد الرحيم، وزير العدل المصري، إن المجتمع العالمي «تأذّى كثيراً من الآثار السلبية التدميرية التي تسببت بها موجة الفتاوى المضللة المنحرفة التي تصدر عن أشخاص وجهات غير مسؤولة وغير مؤهلة»، مشيراً إلى أن السنوات الأخيرة «شهدت موجة غير مسبوقة من التكفير والعنف والإرهاب في العالم كله». وحذّر الشيخ أحمد النور محمد الحلو، مفتى تشاد، من «التقول على الله بغير حق والإفتاء والتحليل والتحريم بغير علم» وأردف: «الإفتاء أمر عظيم الخطر كثير الفضل فقد كان كبار العلماء الأوائل يهابون الجواب عن كثير من المسائل، وقد كانوا يراعون كل الأعراف ويلتمسون كل طريقٍ وسطٍ سمح»، مشدداً على «ضرورة التيسير والتبشير دون التعسير والتنفير».
من جانبه، قال الشيخ عبد اللطيف دريان، مفتي لبنان، إن «مشروعات الإرشاد في مجتمعاتنا تلتمس الهداية والصواب وحل المشكلات، ومن ثم يجب علينا تأهيل المفتين لمجابهة هذه الأمور من خلال العلم والدين»، مشدداً على «أن كثرة الذين يتصدرون المشهد في الفضاء المفتوح من غير المؤهلين أثّرت سلباً على حالة الفتوى، وينبغي أن نحرص على الانضباط الناجم عن الإحساس بالمسؤولية والحرص على الدين الإسلامي».
وذكّر يوسف أدعيس، وزير الأوقاف والشؤون الدينية بفلسطين، في كلمته بأن «القدس والأقصى يتعرضان لهجمة صهيونية مسعورة، وأن المرابطين يتعرّضون للضرب والتنكيل وفرض الغرامات، وقطعان المستوطنين يدنّسون بأقدامهم المسجد الأقصى ويريدون تدميره، متحدِّين مشاعر المسلمين، وكذلك القدس التي تتعرض للتهويد». واستطرد: «حتى الأموات في قبورهم لم يسلموا من تلك الممارسات»، وأن نساء وأطفال فلسطين انتفضوا لمجابهة ممارسات قوات الاحتلال.
في حين قال الدكتور عبد السلام العبادي، أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي، إن الاهتمام بالاجتهاد الجماعي «يتطلب الوقوف عند حقيقة الاجتهاد والآفاق التي يتحرك فيها، والفلسفة التي يقوم عليها، كما يتطلب الدعوة إلى الاهتمام به؛ بما ينعكس على البرامج والمناهج العلمية في المؤسسات والكليات والجامعات التي تتصدى لتدريس علوم الشريعة الإسلامية والبحث فيها».


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.