أنقرة تفرج عن القس برانسون وتسدل الستار على أحد فصول التوتر مع واشنطن

طائرة عسكرية أميركية في إزمير متأهبة لنقله... والصحافة الأميركية ترجح وجود صفقة

القس الأميركي أندرو برانسون (يسار) بعد أن سمحت له المحكمة بمغادرة البلاد (أ.ف.ب)
القس الأميركي أندرو برانسون (يسار) بعد أن سمحت له المحكمة بمغادرة البلاد (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تفرج عن القس برانسون وتسدل الستار على أحد فصول التوتر مع واشنطن

القس الأميركي أندرو برانسون (يسار) بعد أن سمحت له المحكمة بمغادرة البلاد (أ.ف.ب)
القس الأميركي أندرو برانسون (يسار) بعد أن سمحت له المحكمة بمغادرة البلاد (أ.ف.ب)

أفرجت تركيا عن القس الأميركي أندرو برانسون، وسمحت له بمغادرة البلاد بعد رفع قرار المحكمة السابق بفرض الإقامة الجبرية عليه ومنعه من السفر، لتسدل بذلك الستار على واحدة من أكثر القضايا التي أثارت توترا في العلاقات بين أنقرة وواشنطن، بينما اعتبر بعض المراقبين أن قرار إخلاء سبيل القس والسماح له بالسفر، جاء نتيجة صفقة بين تركيا والولايات المتحدة.
وقررت محكمة تركية في إزمير أمس (الجمعة) الإفراج عنه لانقضاء مدة محكوميته، ولسلوكه خلال المحاكمة؛ حيث اعتقل في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وتركت المحكمة الخيار للقس بين تفضيل البقاء في تركيا أو التوجه إلى أي مكان يريده. واتهم برانسون بالتخريب والتجسس، وبدعم الإرهاب، وبأنه على صلة بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1999، والذي تتهمه تركيا بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، وبأنه على صلة بحزب العمال الكردستاني، اللذين تعتبرهما أنقرة منظمتين إرهابيتين.
وبدأت محاكمة برانسون في أبريل (نيسان)، بعد أن أمضى نحو عامين في السجن دون محاكمة، وتم وضعه قيد الإقامة الجبرية في منزله في إزمير أواخر يوليو. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب عندما بدأت المحاكمة، إن برانسون «تعرض للاضطهاد في تركيا من دون أي سبب». وقبل جلسة أمس، كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد قال، يوم الأربعاء الماضي، إن إطلاق سراح برانسون «سيكون الشيء الصحيح الذي تفعله تركيا»، بينما قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، إنه سيحترم قرار القضاء بحق برانسون أيا كان، ويجب على جميع الأطراف المعنية الانصياع له.
وبدأت جلسة أمس، وهي الرابعة في إطار محاكمة برانسون، في تمام الساعة 7:40 صباحاً في مجمع سجون في منطقة علي أغا بمدينة إزمير الساحلية، وانتهت الساعة 1:28، كما رفعت في وقت لاحق للمداولة قبل إصدار القرار.
ومثل برانسون أمام المحكمة ببدلة سوداء وقميص أبيض ورابطة عنق حمراء. وجلست زوجته بين الحاضرين، بينما كان يستمع لشهادات شهود النفي والإثبات. ونقلته السلطات التركية من منزله إلى المحكمة وسط تدابير أمنية مشددة، كما تم نشر قوات أمن بأعداد كبيرة في إزمير، واتخذت تدابير أمنية مكثفة خلال خروجه من منزله، وطوال فترة المحاكمة وبعد صدور الحكم؛ حيث تجمهرت أعداد من أنصار القس والمواطنين حول المنزل.
وزار القائم بالأعمال الأميركي في تركيا، جيفري هوفنير، برانسون في منزله عشية جلسة المحكمة أول من أمس.
وخلال الجلسة غير 4 شهود إثبات أقوالهم، في مفاجأة أدهشت المراقبين الذين اعتبروا أن ذلك يعد تأكيدا لما تردد عن وجود صفقة بين تركيا والولايات المتحدة للإفراج عن برانسون، وقال الشهود إن إفاداتهم السابقة ضد القس برانسون غير دقيقة.
ونفى أحد الشهود أنه قال لشاهد الإثبات ليفنت كالكان، الذي حضر جلسة أمس عبر دائرة فيديو مغلقة، إن أحد أعضاء الكنيسة له صلة بمسلحي «العمال الكردستاني»، قائلا إنه لم يقل ذلك للسيد كالكان، «سمعت ذلك منه»، ورد كالكان: «أشعر بالصدمة الآن»؛ لكنه قال بدوره للمحكمة إن بعض شهاداته السابقة «أسيء فهمها». وتراجع الشاهد عن ادعائه السابق بأن أحد أتباع برانسون كان يصنع قنابل لتسليمها لحزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردية، لشن هجمات إرهابية. وقال الشاهد إنه «قومي» ويري جميع الأكراد إرهابيين.
وقالت شاهدة تدعى بشرى فاطمة أون، إنها لم تسمع من قبل أن أعضاء حزب العمال الكردستاني تلقوا العلاج في مستشفى يملكه صديق للقس برانسون، ثم أُرسلوا إلى سوريا للقتال. وذكر شاهد آخر أنه لم ير أبدا أعضاء في حركة غولن يزورون برانسون في الكنيسة الإنجيلية في إزمير.
وقال برانسون بعدما استجوب القاضي أحد الشهود قبل رفع الجلسة في استراحة الغداء: «لا أفهم ما علاقة ذلك بي». وأضاف أن القاضي كان يسأل الشهود عن أحداث ليست له صلة بها، نافيا أن يكون قد أوقع الضرر بأي مواطن تركي، وطالب مجددا بتبرئته من التهم الموجهة إليه. وطلب أحد ممثلي الادعاء من المحكمة أن ترفع القيود القضائية عن القس المحتجز، أو المقيم قيد الإقامة الجبرية في منزله منذ عامين، بسبب تهم متصلة بالإرهاب.
وعقب صدور قرار المحكمة، قال إسماعيل جيم هالافورت، محامي برانسون، إن الحكم بإلغاء القيود القضائية يعني أن القس الأميركي أصبح بإمكانه مغادرة تركيا على الفور، مشيرا إلى أن الحقوق القانونية على موكله انتهكت بحبسه احتياطيا لمدة عامين قبل محاكمته دون توجيه أي اتهام له، بينما كانت طائرة عسكرية تابعة للجيش الأميركي توجد في مطار بإزمير متأهبة لنقل برانسون وزوجته إلى الولايات المتحدة. واحتشدت مجموعة من أنصار برانسون أمام منزله، لانتظاره بعد جلسة المحاكمة وسط وجود أمني كثيف؛ حيث أغلقت الشرطة الشارع الذي يقع به المنزل. وقال أحد أفراد المجموعة، وهو برازيلي يعيش في تركيا منذ 20 عاما، إن برانسون «رجل رائع كان يساعد اللاجئين، ودائماً كان يقدم أقصى ما يستطيع»، وقال آخر من نيوزيلندا ويعيش في تركيا أيضا منذ سنين طويلة: «أنا معجب بالقس برانسون. كان يساعد الناس باستمرار منذ وصوله إلى تركيا قبل 20 عاما، وسيكون مؤلما للغاية بالنسبة له أن يغادر تركيا».
وعاش القس برانسون (50 عاماً)، وهو من ولاية نورث كارولاينا الأميركية في تركيا لمدة 20 عاما.
وكانت وسائل إعلام أميركية قد قالت إن البيت الأبيض توصل إلى «صفقة سرية» مع أنقرة؛ حيث سيتم الإفراج عن برانسون، وإسقاط بعض التهم الموجهة إليه، مقابل تخفيف الضغط الاقتصادي على تركيا. وكثفت واشنطن محاولاتها لإطلاق سراح القس برانسون قبل انتخابات الكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني). وبعد تصاعد كبير في التوتر بين واشنطن وأنقرة في أغسطس (آب) الماضي، شهدت العلاقات محاولات للتهدئة منذ شهر سبتمبر (أيلول).
وتحدث إردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترمب، لفترة وجيزة على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت، في تصريحات إعلامية، إن الوزارة ليست على علم بأي صفقة لتأمين إطلاق سراح برانسون.
وتعافت الليرة التركية أمس، قليلا، بعد صدور قرار المحكمة بالإفراج عن برانسون، ووصلت إلى 5.85 ليرة مقابل الدولار، بعد أن استقرت عند مستوى 6 ليرات للدولار على مدى أسبوعين، وبعد أن سجلت أسوأ أداء لها في منتصف أغسطس مسجلة 7.20 ليرة مقابل الدولار، بسبب العقوبات الأميركية على تركيا، والحرب التجارية بين البلدين على خلفية قضية القس.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.