مفتى مصر يدعو العالم إلى ميثاق إرشادي جامع للتواصل والتحاور

قال بمؤتمر دولي في نيوريوك إن «قوى شريرة تذْكي نيران الطائفية والإرهاب»

مفتي مصر يلقى الكلمة الرئيسية بالمؤتمر في نيويورك («الشرق الأوسط»)
مفتي مصر يلقى الكلمة الرئيسية بالمؤتمر في نيويورك («الشرق الأوسط»)
TT

مفتى مصر يدعو العالم إلى ميثاق إرشادي جامع للتواصل والتحاور

مفتي مصر يلقى الكلمة الرئيسية بالمؤتمر في نيويورك («الشرق الأوسط»)
مفتي مصر يلقى الكلمة الرئيسية بالمؤتمر في نيويورك («الشرق الأوسط»)

دعا الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، العالم، إلى ميثاق إرشادي جامع للتواصل والتحاور يُبنى على أصول راسخة»، مشدداً على أن التحاور يجب أن يظل محترِماً للخصوصيات، ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر، وأن يقوم على أساس التعددية الدينية والتنوع الثقافي.
وقال المفتي في مؤتمر دولي في نيويورك، أمس: «إننا في أشد الحاجة إلى تفعيل القيم التي نشترك فيها جميعاً لنحوّلها إلى واقع ملموس، خصوصاً بعدما تفاقمت مخاطر قوى شريرة تُذْكي نيران الشقاق والطائفية والتطرف والإرهاب، وتعتدي على كرامتنا جميعاً».
وألقى الدكتور علام الكلمة الرئيسية في المؤتمر العالمي الذي نظّمته «رابطة العالم الإسلامي» حول «التواصل الحضاري بين الولايات المتحدة الأميركية والعالم الإسلامي». ويأتي المؤتمر في إطار تعزيز العلاقات بين العالم العربي والإسلامي والولايات المتحدة، والتعاون في مواجهة خطاب الكراهية، وظاهرة «الإسلاموفوبيا»، ومواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة.
وأضاف علام أن «الله سبحانه وتعالى خلقنا متنوعين مختلفين في لغاتنا وألواننا، وأدياننا وتوجهاتنا، ومن يفقه الحكمة الإلهية من هذا التنوع يُدرك التكليف الإلهي باحترام الناس جميعاً، الذين هم خلقه ومظهر إرادته ومشيئته... فالتكليف الإلهي في القرآن الكريم يوضح الغاية والهدف من هذا التنوع».
وأكد المفتي أن المسلمين عبر كل المراحل التاريخية استطاعوا تفعيل هذه الرؤية والرسالة، بمشاركة الحضارات والأمم بما تحويه من ثقافات متنوعة وأديان متعددة وأعراف مختلفة، فالإسلام أرسى قواعد وأسساً للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن، بحيث يصبح المسلمون في تناسق واندماج مع العالم الذي يعيشون فيه، وجعل ذلك أصلاً في التعاون والتعامل. مضيفاً أن «النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه طبقوا التعايش السلمي في أرقى صوره، تنظيراً وتطبيقاً في نماذج حياتهم كلها، مظهرين عدالة الإسلام وسماحته في التعامل مع المخالف على كل الأحوال».
وقال المفتي إن «الإسلام دعا إلى ما دعت إليه الأديان السماوية جميعها... أعني احترام الجوار بكل مستوياته؛ ودعا إلى أن يُحترم الجوار كله ويُحفظ حق كل جار، وأن يواجَه كل من يعتدي على جار».
كما لفت الدكتور علام إلى أن «الحوار يجب ألا ينقلب أبداً إلى حديث أحادي لإلحاق الهزيمة بالمخالف، وإنما يكون محاولة لفهمه وبناء جسور التواصل والتعاون معه؛ تنفيذاً لمراد الله عز وجل، فقد خلقنا سبحانه وتعالى شعوباً وقبائل ليتعرف بعضنا على بعض». مضيفاً أن «سعينا هذا حريٌّ بأن يقدم أنموذجاً من الحوار نخرج به من الغرف المغلقة لنبني جسور التفاهم والتواصل بين الشعوب، ورجاؤنا لا ينقطع ألا يظل حبيس الجدران، وأن يساعد الحوار عامة الناس في فهم الحكمة الإلهية من التنوع الديني فيواجه دعاة الشر في العالم».
وقال علام: «لقد كان أول ما دعا إليه نبينا، صلى الله عليه وآله وسلم، إبان دخوله المدينة المنورة هو تفعيل التعايش السلمي واحترام الجوار والحوار عملياً». مضيفاً: «لقد حرصت دار الإفتاء المصرية على ترجمة هذه القيم، في فعالياتها، وفتاواها، وبياناتها، ومبادراتها، ومؤتمراتها العالمية المختلفة... ولا شك في أن هذه المبادرات هنا وهناك لا بد أن تتسع لها مناهج التعليم وتتبناها كل أسرة، بل يتبناها المجتمع بأسره بكل مؤسساته الحكومية والمدنية؛ لكي تثمر الثمرة المرجوة».
مؤكداً أن «الأمر الذي لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان أننا مسؤولون مسؤولية كاملة عن تأمين مستقبل مشرق بالأمل لأجيال قادمة، ليس لها أي ذنب في النزاعات والحروب التي شهدتها البشرية في السابق... ومسؤوليتنا أن نهيّئ لهذه الأجيال الجديدة الفرصة لبناء مستقبل ينعم فيه الجميع بالأمن والسلام والاستقرار».


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.