ليبيا: اشتباكات طرابلس تُجبر السراج على طلب وساطة دولية

ميليشيات مصراتة تهدد بدخول العاصمة... والأمم المتحدة تدعو لاحترام الهدنة

جانب من المواجهات التي شهدتها العاصمة طرابلس ليلة أول من أمس (رويترز)
جانب من المواجهات التي شهدتها العاصمة طرابلس ليلة أول من أمس (رويترز)
TT

ليبيا: اشتباكات طرابلس تُجبر السراج على طلب وساطة دولية

جانب من المواجهات التي شهدتها العاصمة طرابلس ليلة أول من أمس (رويترز)
جانب من المواجهات التي شهدتها العاصمة طرابلس ليلة أول من أمس (رويترز)

بينما استمر المشهد العسكري الليبي في التعقيد والتأزم أمس، اكتفت حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، بمخاطبة المجتمع الدولي للتدخل بحزم ضد الميليشيات المسلحة المتنافسة على السلطة والنفوذ في العاصمة طرابلس، التي ما زالت تخوض حرب شوارع مستمرة، باستخدام جميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة دون توقف.
ووسط أوضاع أمنية ومعيشية صعبة وآخذة في التدهور، نظم سكان العاصمة طرابلس مظاهرة احتجاجية أمام مقر بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في جنزور، وهتفوا مطالبين بوقف الاشتباكات بين أطراف النزاع في المناطق السكنية.
في غضون ذلك، هددت ميليشيات مدينة مصراتة بالدخول إلى ساحة المعارك التي دخلت يومها الخامس على التوالي، بعد تجدد المعارك الطاحنة في ساعة مبكرة من صباح أمس في طرابلس، وتعرض منطقة مطار معيتيقة وعدة ضواح في المدينة لقصف عشوائي بالصواريخ والقذائف، دون ظهور أي بادرة على إمكانية أن تسفر جهود بعثة الأمم المتحدة عن وقف جديد لإطلاق النار.
وبحسب مصادر أمنية وسكان محليين، فقد سمع دوي سلسلة انفجارات عنيفة ومتتالية في مناطق جنوب وجنوب شرقي طرابلس، كما سقط نحو ثمانية صواريخ على الأقل بالقرب من محيط المطار المدني، الوحيد العامل في المدينة.
وقال ناطق باسم قوة «حماية طرابلس»، التي دشنت أول من أمس عملية عسكرية حملت اسم «بدر» ضد الميليشيات التي تهاجم العاصمة، إن قوة الحماية تتكون من جميع التشكيلات الأمنية والعسكرية الموجودة في طرابلس، وتتبع وزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الوفاق الوطني، مشيرا إلى أن العملية تستهدف «دحر الغزاة عن العاصمة طرابلس، القوات التابعة لتحالف الإخوان والمقاتلة».
ورفض الناطق الكشف عن هوية قائد هذه القوة، مكتفيا بالقول إن العملية «يقودها أمراء السرايا والكتائب في طرابلس».
من جهته، قال اللواء السابع الذي يهاجم طرابلس منذ بضعة أيام، الذي يدعي تبعيته لحكومة السراج في بيان أمس، إن قواته اضطرت للانسحاب بشكل تكتيكي من معسكر اليرموك بعد قيام الميليشيات بإلقاء عدد من القذائف على مواقع تمركزات اللواء، التي تم تثبيتها بعد توقيع الاتفاق، مشيرا إلى أن الميليشيات التي اندفعت بطيش للوقوع في قبضة جنود اللواء السابع، حيث الاشتباكات، أسفرت عن مقتل العشرات وأسر سبعة عناصر، من بينهم متهمين بقضايا إرهابية. أما بخصوص باقي المحاور، فإن وحداتنا صدت محاولات منهزمة للميليشيات المهزومة.
وفيما ارتفعت حصيلة الاشتباكات في جنوب طرابلس إلى 106 قتلى، اكتفت حكومة السراج بالإعراب عن إدانتها واستنكارها الشديدين «لكل أعمال الهجوم والعنف وإرهاب الليبيين، والتعدي على أرواحهم وممتلكاتهم» في العاصمة وفي كل أنحاء ليبيا.
وفي تعبير عن لجوئها للوساطة المحلية، دعت الحكومة جميع عمداء البلديات والمشايخ والأعيان في كل مدن ليبيا إلى بذل مزيد من الجهود لوضع «اتفاق الزاوية» القاضي بوقف إطلاق النار موضع التنفيذ، والضغط على جميع الأطراف للالتزام بما ورد في بنوده. كما دعت المجتمع الدولي، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لأخذ إجراءات أكثر حزما وفاعلية لإيقاف أعمال العنف، والاشتباكات وحماية المدنيين، ووضع مجلس الأمن الدولي أمام حقيقة الأحداث الدامية في ليبيا، وتحمل مسؤوليته تجاهها.
بدوره، دعا مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، أمس جميع المتحاربين في ضواحي مدينة طرابلس بالتوقف فورا عن القتال، محذرا من أن الوضع في مستودع خزانات شركة البريقة «خطير وكارثي». أما المبعوث الأممي غسان سلامة، فقد صرح في بيان مقتضب بأن «معايشة أهل العاصمة الليبية في محنتهم الراهنة، والسعي الحثيث لدرء الفتنة ووقف النار ولم الشمل، واجب لا يفوقه اليوم آخر».
وأبدى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس، قلقه بشأن زيادة عدد انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار الموقع من الجماعات المسلحة في طرابلس، وحث في بيان وزعته البعثة كل أطراف الصراع على احترام وقف إطلاق النار، والامتناع عن أي أعمال قد تزيد من معاناة السكان المدنيين، مشددا على ضرورة محاسبة أي شخص مسؤول عن انتهاك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
في سياق ذلك، وصف الاتحاد الأوروبي، أمس، عمليات الاستهداف التي يتعرض لها المدنيون في طرابلس بأنها «انتهاك للقانون الدولي الإنساني»، ودعت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا جميع الأطراف الفاعلة لاحترام وقف إطلاق النار المتفق عليه، وتنفيذ جميع التدابير الأمنية اللازمة لصالح الشعب الليبي، مشيرة إلى أن حل الأزمة الليبية يظل سياسيا وليس عسكريا.
كما هددت البعثة مجددا بمعاقبة قادة الميليشيات المسلحة المتورطة في خرق الهدنة بطرابلس، وقالت إن «كل من يخالف وقف إطلاق النار أو يؤجج العنف سيواجه عواقب».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.