مسرح الدمى... متنفّس جديد للمحاصرين في غزّة

من دمى مسرح مهدي كارارا («الشرق الأوسط»)
من دمى مسرح مهدي كارارا («الشرق الأوسط»)
TT

مسرح الدمى... متنفّس جديد للمحاصرين في غزّة

من دمى مسرح مهدي كارارا («الشرق الأوسط»)
من دمى مسرح مهدي كارارا («الشرق الأوسط»)

لم يعد إمكان مشاهدة مسرح الدمى المتحركة "ماريونيت" محصوراً بقنوات التلفزيون المصرية، بل صار في وسع الفلسطينيين في قطاع غزة رؤيتها على أرض الواقع وليس على الشاشات.
بين أزقة مخيم الشاطئ في غرب القطاع وفي مشهد طغت عليه ملامح الدهشة، كانت تتصاعد ضحكات الأطفال والمراهقين، وحتى الأكبر سناً، أمام منظر الدمى المتحركة المربوطة بخيوط من جوانبها يتحكم فيها شخص من أعلى، لإيصال فكرة معينة إليهم، والترفيه عنهم بعدما عاشوا ثلاث حروب قاسية دمرت جوانب عدة من حياتهم.
الفتى وائل سيف دفعته اللهفة إلى الحضور بعدما سمع عن العرض من أحد أصدقائه في المخيم. قال: "للمرة الأولى أشاهد عرائس متحركة مثل الرسوم على أرض الواقع. شعرت بأنها تخاطبني وتنظر إلي، وهذا مدهش وجميل جدًا، وساعدني في التخلص من القلق الذي ينتابني بسبب القصف الاسرائيلي الذي أسمع دويّه في غزة".
وأضاف وائل: "أتمنى أن ينتشر هذا الفن بكثرة في غزة يتسنّى لي مشاهدة الكثير من القصص التي أحبها بدل الجلوس ساعات طويلة أمام التلفزيون أو الهاتف الذكي لمشاهدة اليويتيوب".
الفتاة ولاء الحج حسن - 22 عامًا - دفعها حبها للعروض المسرحية التي تفتقدها في مدينتها إلى الحضور ومشاهدة فقرات العرض وإن كان متواضع الإمكانات. وهي تتذكر آخر عرض حضرته في الجامعة قدمه مجموعة من زملائها الذين يمتلكون موهبة التمثيل، متقمصين أدواراً تحاكي حياة الطلبة الجامعيين ومعاناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها القطاع.
وتلفت ولاء إلى أنها لم تشعر لوهلة بأن أمامها دمى يتحكم فيها شخص، بل خالت أنها تشاهد عرضاً أبطاله بشر حقيقيون. وتدعو الجهات الثقافية في غزة إلى الاهتمام بهذا الفن وتوسيع انتشاره كوسيلة تساعد المواطنين في الترفيه عن أنفسهم.

صاحب الفكرة ومنفّذها
خطرت فكرة وجود المسرح للشاب مهدي كارارا الذي كان في رحلة إلى مصر حيث لمس الأثار الايجابية التي يُحدثها هذا المسرح في نفوس المتلقين، فقرر تطبيقها في مدينته مدركا حاجة الناس إلى الترفيه. يضاف إلى ذلك أن هذه العروض أنقذته من البطالة ووفرت له مصدر رزق.
وهو يصنع بنفسه الدمى المستخدمة في التمثيل من القماش أو الورق، وكذلك يتولى كتابة السيناريو والقيام بدوره كفنان في آنٍ واحد.
ولأن غزة تفتقد وجود دور عرض مسرحي وسينمائي، تعرض مسرحيات الدمى في مناطق عدة يجري اختيارها لتلائم فكرة العرض، كساحة في مخيّم، أو شارع ضيّق، أو شاطئ البحر.
و كان كارارا يستعد لعرض عرض آخر المسرحيات التي كتبها لكنّه لم ينفذها بسبب القصف الاسرائيلي لـ "مركز المسحال الثقافي" الذي كان من المفترض تقديم العرض على خشبته.
موضوعات متنوعة يجسدها مسرح الدمى المتحركة. يقول مهدي: "المسرح يناقش الكثير من القضايا التي تمس الشعب الفلسطيني، كالانقسام، المصالحة الفلسطينيّة، التراث، بعض العادات التي بدت تطرأ على المجتمع بسبب التطور التكنولوجي والسوشال ميديا". ويضيف: "لم أكن اتوقع إقبال الغزيين على حضور العروض المسرحية، ويبدو أنهم وجدوا فيها وسيلة للترفيه والهروب من الأزمات التي تسيطر عليهم". ويلفت إلى أنه يحاول تجسيد كل القضايا التي يناقشها بأسلوب فكاهي ومرح.
وأخيرًا اعتمد كارارا أسلوب دمج المسرح المتنقل في المنهج التعليمي الفلسطيني للابتعاد عن الرتابة. لذا يعمل على تدريب مدرّسين ومدرّسات على انتهاج أسلوب التعلم النشط لشرح الدروس في قالب غير تقليدي بحيث يجد التلامذة سهولة ومتعة في التعلّم.

*من «مبادرة المراسل العربي»


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

حنان مطاوع: المنصات الرقمية خطفت الأضواء من السينما

تقمص الشخصية واستدعاء ملامحها في أدوار مختلفة (صفحة الفنانة حنان مطاوع على فيسبوك)
تقمص الشخصية واستدعاء ملامحها في أدوار مختلفة (صفحة الفنانة حنان مطاوع على فيسبوك)
TT

حنان مطاوع: المنصات الرقمية خطفت الأضواء من السينما

تقمص الشخصية واستدعاء ملامحها في أدوار مختلفة (صفحة الفنانة حنان مطاوع على فيسبوك)
تقمص الشخصية واستدعاء ملامحها في أدوار مختلفة (صفحة الفنانة حنان مطاوع على فيسبوك)

أبدت الفنانة المصرية حنان مطاوع رغبتها في تجسيد شخصية فرعونية، وأكدت أنها لم تتوقع أن يكون مشهدها ضيفة شرف في مسلسل «رقم سري» سيثير ضجة كبيرة على «السوشيال ميديا» كما حدث، وعَدّت المنصات الرقمية جاذبة للجماهير وتخطف الأضواء من السينما.

وقالت حنان في حوارها لـ«الشرق الأوسط»: «عشت إحساساً رائعاً لاكتشافي أن الشخصية التي قدمتها في مسلسل (صوت وصورة) ما زالت تعيش في وجدان الجمهور، وعندما طلب مني المخرج محمود عبد التواب الظهور لمدة دقائق في مسلسل (رقم سري) بشخصية رضوى التي قدمتها من قبل في (صوت وصورة) لم أتردد، ووافقت على الفور، ولم أتوقع عدد المكالمات التي وصلتني لتشيد بظهوري في العمل».

وكان مسلسل «صوت وصورة» قد عرض العام الماضي وحقق نجاحاً لافتاً، رغم عرضه في فترة حرجة جداً، في اليوم السابع من أحداث غزة، بحسب ما تتذكر حنان.

حنان مطاوع ظهرت ضيفة شرف في مسلسل «رقم سري» (صفحتها على فيسبوك)

وتعترف مطاوع بأنها «فاشلة جداً في التعامل مع (السوشيال ميديا)»، ورغم ذلك تجد صدى جيداً على وسائل التواصل الاجتماعي لأي عمل تقدمه، وتوضح: «أتذكر أن مسلسل (وعود سخية) الذي أعتز به كثيراً عرض من دون أي دعاية إلا أنني كنت (تريند) على (إكس) لمدة 4 أيام متواصلة».

وحول الأعمال التي ظهرت فيها ضيفة شرف قالت إنها قليلة جداً، وأضافت: «كان أحدثها مسلسل (جولة أخيرة) مع أحمد السقا وأشرف عبد الباقي، وجسدت فيه شخصية نهى زوجة السقا التي انفصل عنها في مرحلة من حياته رغم الحب الذي يجمعهما، كما ظهرت ضيفة شرف في مسلسل (طلعت روحي) بناء على طلب المنتج محمد مشيش».

وحول حرصها على تقديم شخصيات متنوعة، قالت إن «الفنان مثل الكاميرا... وإذا كانت الكاميرا تصور الوجوه، فوجدان الفنان وعقله يصوران الآلام والأحاسيس والمشاعر والنجاحات والإخفاقات للبشر حولنا، وعندما تعرض علي شخصية أنسج ملامحي بما يتفق مع الدور، مستدعية مخزون المشاعر الذي يناسب طبيعة الشخصية».

وتحدثت عن أحدث عمل انتهت من تصويره وهو بعنوان «صفحة بيضا»، وكان يحمل في البداية اسم «تقاطع طرق»، وأعربت عن سعادتها بالمشاركة فيه. وتجسد مطاوع في العمل شخصية «ضي»، وهي شخصية جديدة عليها. المسلسل من تأليف حاتم حافظ، الذي كتب السيناريو والحوار «بحرفية شديدة»، وفق قولها، وإخراج أحمد حسن، وإنتاج شركة أروما للمنتج تامر مرتضى، وتشارك في بطولته مها نصار وأحمد الرافعي وأحمد مجدي وحنان يوسف وحسن العدل وميمي جمال.

حنان مطاوع مع ميمي جمال في أحدث أعمالها الدرامية «صفحة بيضا» (فيسبوك)

وتصور حنان مطاوع مسلسلاً بعنوان «حياة أو موت»، وهو مكون من 15 حلقة، ومن المتوقع أن يعرض على إحدى المنصات الرقمية في شهر رمضان القادم، وهو من تأليف أحمد عبد الفتاح، وإخراج هاني حمدي، وتشارك في بطولته رنا رئيس، وأحمد الرافعي، ومحمد علي رزق، وسلوى عثمان، وعدد كبير من الوجوه الشابة الجديدة.

تقول عن دورها في «حياة أو موت»: «أجسد شخصية (حياة)، وهي شخصية ثرية في مشاعرها، وتعاني العديد من الصراعات الداخلية والمشاكل النفسية التي تؤثر على علاقاتها وقراراتها».

الفنانة حنان مطاوع قدمت أدواراً متنوعة في السينما والتلفزيون (صفحتها على فيسبوك)

وحول قدرتها على الجمع بين شخصيتين في عملين مختلفين في وقت واحد، أكدت أن «هذا مرهق جداً لأي ممثل، وقد خضت هذه التجربة القاسية في عملين هما (هذا المساء) مع المخرج تامر محسن، و(طاقة نور) مع المخرج رؤوف عبد العزيز، والعملان عرضا في رمضان».

أما بخصوص السينما، فأشارت مطاوع إلى أنها انتهت مؤخراً من تصوير دورها في فيلم بعنوان «هابي بيرث داي» مع المخرجة سارة جوهر، التي تراهن على نجاحها في أولى تجاربها الإخراجية، كما أعربت عن سعادتها بهذا العمل الذي كتبه محمد دياب بالمشاركة مع سارة، موضحة أنها تقدم فيه شخصية لم يتم تقديمها من قبل سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية لطبقة موجودة في المجتمع لم يسلط عليها الضوء من قبل.

وتحدثت عن المعاناة التي عاشتها أثناء تصوير عدد كبير من مشاهد الفيلم الذي تشارك في بطولته مع نيللي كريم وشريف سلامة، وقالت: «كنا نصوّر في القناطر الخيرية أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي، حيث كان الطقس شديد البرودة في الليل بعد تصوير استمر ست ساعات قبل شروق الشمس، وكدنا أن نتجمد من شدة البرودة».

أدوار متنوعة قدمتها حنان في الدراما (فيسبوك)

وكان أحدث أفلامها «قابل للكسر» من تأليف وإخراج أحمد رشوان، وجسدت فيه شخصية نانسي التي تستعد للهجرة لتلحق بأسرتها في كندا، ويستعرض الفيلم علاقتها بعدد من الشخصيات قبل سفرها، وتصف حنان شخصية نانسي التي جسدتها في الفيلم بأنها «صعبة في بساطتها»، مضيفة أن «الفيلم حقق نجاحات كثيرة في عدة مهرجانات، رغم أنه لم يعرض جماهيرياً».

جدير بالذكر أن حنان حصدت جائزة أفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم من 5 مهرجانات، منها المهرجان المصري الأميركي للسينما والفنون بنيويورك، ومهرجان الأمل الدولي بالسويد، ومهرجان الداخلة السينمائي بالمغرب.

أما أكثر فيلم تعتز به في مشوارها، فتقول: «فيلم (قص ولصق) مع حنان ترك وشريف منير وسوسن بدر وفتحي عبد الوهاب وهو تأليف وإخراج هالة خليل».

وعما إذا كانت السينما ما زالت تمثل هاجساً للفنان، أكدت أن «المعادلة اختلفت في ظل وجود المنصات الرقمية والحلقات الدرامية القصيرة التي يتم تصويرها بالتكنيك السينمائي؛ مما جعل المنصات تخطف الأضواء نسبياً من السينما».

وعن الشخصية التي ما زالت تنتظرها في عمل فني، قالت: «لدي حنين كبير للتاريخ المصري القديم، وأحلم بتجسيد إحدى الشخصيات الفرعونية».

وبسؤالها عما إذا أتيحت لها الفرصة لتعيد أحد أعمال والدتها الفنانة القديرة سهير المرشدي، أكدت أنه من الاستحالة أن تصل لأدائها العبقري في أي عمل من أعمالها، وأنها ستضع نفسها في مقارنة لن تكون في صالحها، مضيفة أنها تعشق أدوار والدتها في فيلم «عودة الابن الضال» ومسلسلي «ليالي الحلمية» و«أرابيسك»، أما على خشبة المسرح فهي تعشق دورها في مسرحية «إيزيس»، التي تعتبرها علامة مهمة في تاريخ المسرح العربي.