من يقرأ الشعر؟

من يقرأ الشعر؟
TT

من يقرأ الشعر؟

من يقرأ الشعر؟

«كم من الناس ما زالوا يقرأون القصائد، ومن هم هؤلاء؟»، تساؤل طرحه الشاعر المكسيكي أوكتافيو باث، الفائز بجائزة نوبل للآداب 1990 وأحد أبرز الشعراء في القرن العشرين، في كتابه «الصوت الآخر - مقالات في الشعر الحديث»، حسب الترجمة الإنجليزية، وترجمه إلى العربية الشاعر السوري الراحل ممدوح عدوان بعنوان «الشعر ونهاية القرن». وهي ترجمة موفقة، فالقضية المركزية التي يشبعها باث بحثاً هي مصير الشعر في زمننا المعاصر.
ولكن باث يستخدم كلمة «قصائد» بدل «الشعر»، لأن الإنسان يستطيع أن يجادل إلى ما لا نهاية حول «ما هو الشعر؟»، لكن ليس من الصعب التفاهم حول معنى كلمة «قصيدة»، فهي شيء مصنوع من كلمات بغرض احتواء مادة ما وإخفائها في الوقت ذاته.
وهو تمييز حاسم في تقديرنا، فنحن غالباً ما نتحدث عن قصائد معينة عند هذا الشاعر أو ذاك، تختزل تجربته الشعرية، وتسمه بسمتها، وغالباً ما تصير عنواناً لكل شعره. يكاد الأمر ينطبق على كل الشعراء منذ فجر الشعر.
ولكن من يقرأ هذا القصائد؟
طرح باث هذا التساؤل قبل نحو عشرين عاماً والبشرية تودع قرناً كاملاً بدأت في مطلعه الحداثة الشعرية الكبرى، خصوصاً مع ازرا باوند، وتي. إس. أليوت، وبشكل محدد قصيدته «الأرض اليباب»، التي نشرت عام 1922، والتي قسمت التاريخ الشعري، وضمنه تاريخنا العربي الشعري، إلى ما قبلها، وبعدها، تماماً كما فعلت «يوليسيس» لجيمس جويس، التي نشرت في تاريخ مقارب، بالنسبة للتاريخ الروائي.
هل أغلق الشعر دائرته على نفسه منذ بداية الحداثة؟ بعبارة أخرى، هل تغرب القارئ عن القصيدة الحديثة، بعدما اكتنزت بالمعرفة، والأسئلة الفلسفية الكونية ولم تعد تلك القصيدة الغنائية، بسيطة التركيب والمعنى، التي اعتاد عليها القارئ قروناً طويلة؟ «الأرض اليباب»، على سبيل المثال، وبعد مرور نحو قرن على كتابتها، وعلى الرغم من التقدم الهائل في ثقافة القارئ، لا تزال محدودة القراءة، ولا يزال الخلق يسهر جرّاها ويختصم. إنها قد تحتاج إلى قارئ لا يقل مستوى معرفياً وفلسفياً عن الشاعر نفسه.
هنا تنغلق الدائرة تماماً. فمثل هذا القارئ قليل جداً، وفي كل مكان. ولكن هذه القلة، هي «قلة هائلة»، حسب تعبير الشاعر الإسباني خوان رامون غيمينيز، الذي يستشهد به باث. ولكن ماذا تعني هذه العبارة، وممن تتكون هذه القلة، ولماذا هي «هائلة»؟
يسوق لنا باث عدداً من الحجج التي لا تبدو مقنعة، ومنها أن «الهائل»، هو «ذاك الذي لا قياس له، أو هو ما يستحيل قياسه، والكثرة/ القلة التي تقرأ القصائد تشق طريقها عبر وقائع غير قابلة للقياس، وفي مرايا الكلمات يكتشفون لا نهائيتهم ولا محدوديتهم. إن قراء قصيدة توصل القارئ إلى عالم غير شخصي (يتجاوز الشخصي) ولذا فإنه، وبالمعنى الدقيق للكلمة، هائل».
إذن، قراء الشعر قلة، وكانوا دائماً كذلك. لكن هذه القلة تتقلص كلما تقدمنا في الزمن، وبشكل يكاد يكون طردياً مع التطور الجمالي والتقني للقصيدة الحديثة، ونعني كما هي في الغرب، في مقابل «تسطيح هائل» في الحياة المعاصرة. هناك غربة حقيقية بين القصيدة والقارئ. ادخل إلى أي مكتبة كبرى في لندن، ستجد أن دواوين الشعر محصورة في ركن صغير لا يكاد يرى، بينما تحتل الرواية، وقسم كبير منها هزيل، عدة رفوف، بالإضافة إلى عرض بعضها في واجهات المكتبات.
نعتقد أن تساؤلنا عن السبب في اختلال المعادلة بين القارئ والقصيدة لم يعد مجدياً، إذ لا جواب محدداً هناك.
لم يعد الشاعر بقادر على الكتابة كما كان، ولم يعد القارئ هو نفسه.
إنها طبيعة العصر الذي نعيش.



احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
TT

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من جامعة توركو الفنلندية، إلى أنّ الوقوف لفترات طويلة في العمل له تأثير سلبي في قياسات ضغط الدم على مدى 24 ساعة.

وتكشف النتائج عن أنّ الوقوف لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم، إذ يعزّز الجسم مسارات الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية عن طريق تضييق الأوعية الدموية وزيادة قوة ضخّ القلب. وعلى النقيض من ذلك، ارتبط قضاء مزيد من الوقت في وضعية الجلوس في العمل بتحسُّن ضغط الدم.

وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ميديسين آند ساينس إن سبورتس آند إكسيرسيس»، إلى أنّ السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

تقول الباحثة في الدراسة، الدكتورة جووا نورها، من جامعة «توركو» الفنلندية: «بدلاً من القياس الواحد، فإن قياس ضغط الدم على مدار 24 ساعة هو مؤشر أفضل لكيفية معرفة تأثير ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية طوال اليوم والليل».

وتوضِّح في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «إذا كان ضغط الدم مرتفعاً قليلاً طوال اليوم ولم ينخفض ​​بشكل كافٍ حتى في الليل، فتبدأ الأوعية الدموية في التصلُّب؛ وعلى القلب أن يبذل جهداً أكبر للتعامل مع هذا الضغط المتزايد. وعلى مرّ السنوات، يمكن أن يؤدّي هذا إلى تطوّر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأظهرت دراسات سابقة أنّ ممارسة الرياضة في وقت الفراغ أكثر فائدة للجهاز القلبي الوعائي من النشاط البدني الناتج عن العمل، الذي ربما يكون ضاراً بالصحّة، مشدّدة على أنّ التمارين الرياضية المنتظمة مهمة للسيطرة على ضغط الدم.

وعلى وجه الخصوص، تعدّ التمارين الهوائية الأكثر قوة فعالةً في خفض ضغط الدم، ولكن وفق نتائج الدراسة الجديدة، فإنّ النشاط البدني اليومي يمكن أن يكون له أيضاً تأثير مفيد.

في الدراسة الفنلندية، تم قياس النشاط البدني لموظفي البلدية الذين يقتربون من سنّ التقاعد باستخدام أجهزة قياس التسارع التي يجري ارتداؤها على الفخذ خلال ساعات العمل، وأوقات الفراغ، وأيام الإجازة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم المشاركون في البحث جهاز مراقبة ضغط الدم المحمول الذي يقيس ضغط الدم تلقائياً كل 30 دقيقة لمدّة 24 ساعة.

وتؤكد النتائج أنّ طبيعة النشاط البدني الذي نمارسه في العمل يمكن أن يكون ضاراً بالقلب والجهاز الدوري. وبشكل خاص، يمكن للوقوف لفترات طويلة أن يرفع ضغط الدم.

وتوصي نورها بأنه «يمكن أن يوفر الوقوف أحياناً تغييراً لطيفاً عن وضعية الجلوس المستمر على المكتب، ولكن الوقوف كثيراً يمكن أن يكون ضاراً. من الجيد أن تأخذ استراحة من الوقوف خلال العمل، إما بالمشي كل نصف ساعة أو الجلوس لبعض أجزاء من اليوم».

ويؤكد الباحثون أهمية النشاط البدني الترفيهي لكل من العاملين في المكاتب وفي أعمال البناء، وتشدّد نورها على أنه «جيد أن نتذكّر أنّ النشاط البدني في العمل ليس كافياً بذاته. وأنّ الانخراط في تمارين بدنية متنوّعة خلال وقت الفراغ يساعد على الحفاظ على اللياقة البدنية، مما يجعل الإجهاد المرتبط بالعمل أكثر قابلية للإدارة».