النمور والثعابين... صيحة هذا الموسم

تاريخ طويل بين الأناقة والوحشية

من عرض «مايكل كورس» لخريف 2018 - من عرض «ماكس مارا» - من مجموعة «توم فورد»
من عرض «مايكل كورس» لخريف 2018 - من عرض «ماكس مارا» - من مجموعة «توم فورد»
TT

النمور والثعابين... صيحة هذا الموسم

من عرض «مايكل كورس» لخريف 2018 - من عرض «ماكس مارا» - من مجموعة «توم فورد»
من عرض «مايكل كورس» لخريف 2018 - من عرض «ماكس مارا» - من مجموعة «توم فورد»

عندما تستمد الموضة قوتها من الطبيعة تضمن البقاء. تطل حيناً بإشعاع وتخبو وتتراجع حينا آخر في انتظار فرصة ثانية. أكبر دليل على هذا عودة نقشات النمر والفهد والثعابين.
والحقيقة أن لهذه النقشة تاريخاً، مرت خلاله بمراحل من الصعود والهبوط. تغيرت دلالاتها على مر العصور لتعكس القوة، السلطة، الجرأة وربما الابتذال في بعض الأحيان، ثم تعود من جديد لتأخذ مكانها ضمن الأزياء الراقية. ورغم التحولات الصادمة، فإنها ظلت عنصراً مهماً في خزانة المرأة الأنيقة من جاكلين كينيدي وإليزابيث تايلور إلى سيلين ديون وبيونسيه وغيرهما.
الطريف أن هناك اعتقاداً بأن خصائص الحيوانات وأشكالها تنتقل إلى من يرتديها؛ ليتحول الأمر من مجرد قطعة ملابس هدفها الأناقة، إلى رسالة صامتة ربما أقوى من أي كلمات.
المهم في كل هذا، أن كل الدلائل تشير إلى انتعاش هذه النقشات في هذا الموسم. وليس ببعيد أن تبقى معنا مواسم أخرى كثيرة بالنظر إلى أناقة التصاميم والألوان. فعندما قدمت دور الأزياء هذه الصيحة خلال أسابيع الموضة العالمية، كشفت عن تصاميم معاصرة خففت من قوتها وصراخ ألوانها. رأينا مثلاً المعطف الفضفاض بنقشة النمر الذي قدمته دار «كالفن كلاين»، والمعطف المحدد بحزام من «فيكتوريا بيكهام» والمفصل من «ماكس مارا»، وملونة بالأحمر والأخضر من «توم فورد» وهكذا. وحتى الاختيارات الكلاسيكية من «جيفنشي» أو «بالنسياغا» ظهرت فيها نقشة جلد الثعبان تماماً كما هو الحال أيضاً في عروض كل من «كلوي» و«فندي». اختيارات تبدو ناعمة، لكنها تمزج القوة بالأنوثة لترتقي بالمظهر إلى مصاف الأناقة الراقية.
ترى منسقة الموضة المصرية، ليلى يوسف، أن ما قدمته دار «فيرساتشي» خلال عروض أسبوع ميلانو الأخيرة، يعد الأقوى في هذا المجال، حيث كانت الإطلالة جريئة بنقشة جلد الثعبان من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين. لكن الحقيقة أن الدار الإيطالية لم تكن الوحيدة في هذا؛ فقد قدمت دار «ماكس مارا» أيضاً الإطلالة نفسها مع فارق أنها بألوان طبيعية خففت من صراخها. ثم جاءت مباركة النجمات ليرسخن هذه الموضة أكثر. فقد ظهرت المغنية سيلين ديون بمعطف وحذاء عالي الرقبة «بوت» بجلد الثعبان من دار بالمان، كما ظهرت بها المغنية بيونسيه في أكثر من مناسبة وبإطلالات جريئة كانت حديث صحافة الموضة.
ورغم أن هذه الموجة قد تبدو لبعض صغيرات السن ممن وُلدن في الثمانينات جديدة، فإنها ظهرت موضةً عصرية في منتصف القرن الماضي وزاد زئيرها عبر العقود.
البداية
يُرجعها البعض إلى العصر الفرعوني، حيث ظهرت رسوم على الجدران صورة لـ«سشات»، وهي إلهة الحكمة والمعرفة والكتابة في مصر القديمة، مرتدية ثياباُ مرقطة بجلد النمر أو الفهد، حسب ما ذكرته الكاتبة جو ويلدون، مؤلفة كتاب بعنوان Fierce: The History of Leopard Print
بعد ذلك ارتبطت جلود الحيوانات بملابس الملوك والمحاربين، وبخاصة في أفريقيا؛ لما لها من دلالات ترمز إلى القوة والسيطرة.
وظلت نقشة النمر مرتبطة بهذه الرموز، حتى بدأت تتسرب إلى ملابس النساء في بداية القرن الثامن عشر، عندما تمت طباعة أقمشة من الحرير مُنقطة بجلد النمر. وهنا بدأت تكتسب دلالات جديدة من القوة إلى الأناقة ومن السلطة إلى الإغراء، ولا سيما بعد أن ارتدت الممثلة الأميركية ماريان نيكسون في أواسط عشرينات القرن الماضي معطفاً من جلد النمر.
وسرعان ما انتقلت النقشة إلى هوليوود. استخدمها المصمم الأميركي جيلبرت أدريان، وأحبتها كل من مارلين مونرو وإليزابيث تايلور، وطبعاً روّجت لها بطريقة غير مباشرة.
ومع ذلك لم تظهر نقوش الحيوانات على منصات عروض الأزياء إلا عام 1947 عندما قدم المصمم كريستيان ديور في تشكيلته لربيع- صيف عام 1947 فستاناً مسائياً من الحرير مرقطاً. وسرعان ما تبعه المصممان نورمان نوريل وروجيه فيفييه في الخمسينات من القرن الماضي، من خلال تقديم تصاميم فاخرة لأحذية وحقائب.
منذ ذلك التاريخ بدأت نقشة النمر تدخل عالم الموضة والأناقة. في كتابه «القاموس الصغير للموضة» الصادر في عام 1954 كتب كريستيان ديور «نقشة النمر تناسب النساء اللاتي لديهن القليل من الأناقة والأنوثة، أما إذا كنتِ بالفعل جميلة فلستِ في حاجة إليها». كان يشير إلى قوة جاذبيتها التي ارتبطت في فترة لاحقة بمفهوم الإثارة الحسية، حتى أنها استخدمت في تصميم الملابس الداخلية لترمز إلى الثقة بالنفس.
في الخمسينات والستينات، أصبح ارتداء هذه النقشات مرادفاً للتطور والأناقة، ولا سيما بعد أن ظهرت بها نجمات مثل أورسولا أندرسون وبريجيت باردو وكاثرين دونوف. ومن صيحة المعاطف في الخمسينات، تم ابتكار سترات صغيرة مزدوجة الصدر لتميز حقبة الستينات التي شهدت رواجاً أكبر لهذه الصيحة، خصوصاً بعد ظهور جاكي كينيدي بمعطف بتوقيع المصمم الأميركي أوليغ كاسيني في عام 1962. في السبعينات، اعتمدها المصمم روبرتو كافالي، إلى حد أنها أصبحت لصيقة به لحد الآن. في السبعينات أيضاً تبنتها الموضة للتعبير عن التمرد الاجتماعي والسياسي.
وظلت نقوش الحيوانات، وبخاصة النمر، جزءاً من لعبة الموضة تم استخدامها في الجلود، وفي أقمشة خفيفة وناعمة مثل الموسلين والمخمل والحرير. في الثمانينات أخذت نقشة النمر دلالة مغايرة ورمزية بعيدة عن الأناقة، ربما لارتباطها في ذلك الوقت بثقافة موسيقيي البوب، من أمثال مادونا. رغم رواجها وتفنن بعض المصممين فيها، فإنها بدأت ترتبط أيضاً بنوع من الابتذال، خصوصاً تلك التي تم طرحها بخامات رديئة الأمر الذي جعلها تتحول من موضة راقية إلى موضة مبتذلة ورخيصة نوعاً ما. ومع ذلك لم تتخل عنها كل من داري «دولتشي أند غابانا» و«روبرتو كافالي». بل توسعت شعبيتها لدى البعض إلى الستائر والسجادات والأغطية. في التسعينات كان للمصمم التونسي الأصل عز الدين علايا فضل كبير في انتعاشها وعودتها إلى عالم الأناقة. وقد تكون نقشة النمر أو الفهد، هي الأكثر استعمالاً، وبالتالي الأقوى في الساحة، إلا أنها لا تنتقص من سحر نقشات أخرى مثل الثعبان. هو الآخر له دلالات متضاربة جعلته يتأرجح عبر السنين. فللثعابين معانٍ عدة. البعض يرى فيها شفاءً، والبعض يرى فيها شراً وخطراً ويربطها بالمكر. وأياً كانت النظرة، فإنها تجسدت هذا الموسم في حقائب يد بأسعار ملتهبة وأحذية كما في تنورات ومعاطف وفساتين طويلة، بل وحتى بنطلونات مفصلة، مثل التصميم الذي اختارته نجمة تلفزيون الواقع كيم كاردشيان ونسقته مع قطعة فوقية بنقشة الثعبان أيضاَ تماشياً مع صيحة الإطلالة الكاملة التي انتقلت من اللون الواحد إلى النقوش.
تُعلق منسقة الموضة المصرية، سارة عفيفي، لـ«الشرق الأوسط» بأن «الموضة اعتادت أن تختفي وتعود، وهذا أمر طبيعي، وفي كل مرة تكتسب معاني جديدة». وتتابع «ربما لا يعرف الجيل الصاعد أن هذه الموضة كانت قبل الثمانينات، لكن ما يمكن أن نقوله إنها بصورتها الجديدة في 2018 تسجل لبداية جديدة، بفضل جهود دور الأزياء للارتقاء بها بعيداً عن الإثارة أو الابتذال».
وتتفق معها ليلى يوسف، وهي تُرجع رواجها الحالي إلى سببين: الأول هو أن موضة 2018 ترفع راية الجرأة وكسر القواعد التقليدية حتى وإن كانت بألوان متضاربة ونقشات متناقضة. والآخر أن نقوش الحيوانات تعد الخيار الأخلاقي الأمثل للموضة بعد تعالي الأصوات التي تنادي بالحفاظ على البيئة وكائناتها الحية، بدليل إعلان دور أزياء عدة رفضها استعمال جلود الحيوانات بمقاطعة استعمال الفرو وكل ما يمت له بصلة».
ورغم تنوع اختيارات صيحة نقوش الحيوانات، فإن سارة عفيفي، تحذر من المبالغة أو الاصطناع، وتقول «لا داعي من اختيار نقشة النمر أو الثعبان من الرأس إلى القدم، حتى وإن كانت تتماشى مع الموضة، ولا داعي للمبالغة والاصطناع بمزج الفرو مع نقوش حيوانات لا تناسبها».
كل خبيرات الموضة يتفقن أن هذه الصيحة جريئة ومحفوفة بكثير من المحاذير. تقول ليلي يوسف، إنها لا تفضل اختيار هذه النقوش في الأجزاء الممتلئة من الجسم؛ لأنها ستجذب العين نحو عيوب القوام، وتنصح «من الأفضل أن تمزج المرأة بين لون واحد، مثل الأسود أو البيج، مع قطعة أخرى منقوشة بعيدة عن الجزء الممتلئ من الجسم». أما إذا كانت هذه الصيحة غير مناسبة لكِ أو لا تزالين غير متأكدة منها، فإن الاكتفاء بحذاء أو حقيبة يد قد يكون الحل الأمثل لمواكبة الموضة.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.