«إنفو تايمز» المصري و«انتفاضة» التونسي يخترقان عالم «صحافة البيانات» على خطى وثائق بنما

«إنفو تايمز» أول موقع عربي يحصل على جائزة أفضل فريق صحافي في غرف الأخبار الصغيرة  من شبكة المحررين العالمية (جين)
«إنفو تايمز» أول موقع عربي يحصل على جائزة أفضل فريق صحافي في غرف الأخبار الصغيرة من شبكة المحررين العالمية (جين)
TT

«إنفو تايمز» المصري و«انتفاضة» التونسي يخترقان عالم «صحافة البيانات» على خطى وثائق بنما

«إنفو تايمز» أول موقع عربي يحصل على جائزة أفضل فريق صحافي في غرف الأخبار الصغيرة  من شبكة المحررين العالمية (جين)
«إنفو تايمز» أول موقع عربي يحصل على جائزة أفضل فريق صحافي في غرف الأخبار الصغيرة من شبكة المحررين العالمية (جين)

في ظل الأزمات التي تواجه الصحافة التقليدية المعتمدة على البيانات الصحافية والقصص الخبرية، أصبح تطوير الأدوات والمهارات والقوالب الصحافية أمراً حتمياً للحفاظ على المهنة، وعلى القارئ الذي جذبته مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي محاولة للوصول إلى العالمية، تسعى «صحافة البيانات» في الوطن العربي إلى الوصول لمكانة دولية، رغم ضعف الإمكانات، وعدم وجود إلا موقعين فقط هما «إنفو تايمز» بمصر و«انتفاضة» في تونس يعملان في هذا الصدد. وظهرت «صحافة البيانات» قالباً صحافياً يقدم موضوعات متعمقة بأسلوب جذاب وشيق، ورغم انتشار هذا النوع بشكل كبير في العالم؛ فإنه ما زال جديداً في مصر والمنطقة العربية، وما زالت التجارب في هذا الصدد محدودة، وإن حقق بعضها هامشاً من النجاح.
واستطاع «إنفو تايمز»، وهو موقع مصري متخصص في صحافة البيانات، الفوز بجائزة شبكة المحررين العالمية «Gen» لأفضل فريق صحافي لفئة غرف الأخبار الصغيرة، وهي الجائزة الأولى من نوعها لموقع عربي.
ويشرح الصحافي المصري عمرو العراقي، الرئيس التنفيذي لموقع «إنفو تايمز»، لـ«الشرق الأوسط»، مفهوم «صحافة البيانات»، ويقول إن «اعتماد الصحافي على سجلات البيانات في سرد قصته ليس جديداً، ولا تختلف صحافة البيانات عن العمل الصحافي، فهي تتطلب وجود قصة صحافية يتم العمل عليها وسردها بطريقة جذابة؛ لكن الفرق أن القصة في صحافة البيانات تكون من واقع السجلات والبيانات؛ ولأن هذه السجلات تكون في شكل جداول مملة، فلا بد للصحافي من سردها بطريقة تفاعلية وجذابة، عبر تقنيات الكروس ميديا والفيديو».
مضيفاً أن «هذا النمط ليس جديداً، لكن يتطلب من الصحافي مهارات أخرى، أهمها، فهم طبيعة البيانات وكيفية التعامل معها، والقوانين التي تسمح له بالحصول على البيانات، وتقنيات البحث على الإنترنت، والتحقق من دقة وسلامة البيانات، وصحة المعادلات الحسابية والنتائج، فالمصدر الرئيسي للمعلومة هو البيانات، وبعد تحليلها يمكن إضافة حوارات صحافية مع مصادر تقليدية».
وتعد قصة وثائق بنما أحد الأمثلة الشهيرة على «صحافة البيانات»، حيث قام الصحافيون بمساعدة المبرمجين بفك شفرة آلاف الملفات ورسائل البريد الإلكتروني، وإيجاد روابط بينها، وقدموا قصصاً صحافية مدعومة بصور ورسوم جذابة، واعتمدت «ويكيليكس» على 391 ألف سجل في حملتها عن العراق.
ويفرق العراقي بين الصحافة الاستقصائية وبين «صحافة البيانات»، قائلاً إن «الصحافة الاستقصائية تقوم على فرضية يعمل الصحافي على إثباتها، بينما يبدأ صحافي البيانات التنقيب في البيانات دون فرضية مسبقة، فكل ما لديه هو مجموعة من السجلات والملفات والجداول، يعمل من خلال تحليلها على إيجاد روابط وعلاقات يمكن من خلالها بناء قصة صحافية، لكن من الممكن أن تتقاطع الصحافة الاستقصائية مع (صحافة البيانات)، عندما يعمل الصحافي الاستقصائي على استقصاء قصته من خلال سجلات وأرقام، فكلاهما يندرج وفقاً للعراقي تحت مسمى (الصحافة العميقة)».
ومع انتشار صحافة البيانات، أجرى مختبر «غوغل» دراسة حول التحديات التي تواجه هذا النوع من الصحافة، انتهت إلى أن 42 في المائة من الصحافيين يستخدمون البيانات في سرد قصصهم مرتين أو أكثر في الأسبوع، وأن 51 في المائة من المؤسسات الصحافية في الولايات المتحدة وأوروبا، لديها صحافيو بيانات، وتزيد النسبة إلى 60 في المائة في المواقع الإلكترونية.
صحافي البيانات مطالَب بإتقان العمل على بعض الأدوات الأساسية، وأهمها برنامج «إكسل» أو النسخة المبسطة منه وهي «غوغل شيت»، ويقول العراقي: هذه البرامج هي الأداة الأساسية لصحافي البيانات، ولا بد أن يكون قادراً على التعامل معها، إضافة إلى قدرته على البحث على الإنترنت، ومعرفته بعلم الإحصاء، ولغات البرمجة.
وصحافة البيانات أو الصحافة العميقة بشكل عام أصبحت مخرجاً لكثير من المؤسسات الصحافية في العالم، في ظل الأزمات المالية التي تعصف بالكثير منها، مع ارتفاع أسعار الورق وعزوف القراء عن الصحافة التقليدية.
ويقول الرئيس التنفيذي لموقع «إنفو تايمز»، إن «الصحافة العميقة هي المخرج، فجودة المحتوى وعمق القصة يجذب زواراً أكثر للمواقع الإلكترونية، ويزيد من اشتراكاتها»، ضارباً المثل بمواقع مثل «ناشيونال جيوغرافيك، وإيكونميست وفوربس».
ورغم ذلك ما زال التجارب في الوطن العربي محدودة، وهناك لبس بين «صحافة البيانات» وبين المعلومات التي يتم تقديمها في صورة «إنفوغراف»، ويقول عمرو العراقي، إنه «لا يوجد في العالم العربي سوى موقعين فقط متخصصين في (صحافة البيانات) وهما (إنفو تايمز) في مصر، و(انتفاضة) بتونس، وما زال البعض يعتبر عرض المعلومات في صورة (إنفوغراف) نوعاً من (صحافة البيانات) وهذا غير صحيحاً».
ويضم موقع «إنفو تايمز» 12 شخصاً، من صحافيين وعلماء بيانات ومصمم معلومات، وإداريين، وتأسس الموقع عام 2012، لكن فكرته أصبحت أكثر وضوحاً في 2015، وهو أول موقع عربي يحصل على جائزة أفضل فريق صحافي في غرف الأخبار الصغيرة من شبكة المحررين العالمية (جين)، منذ إنشاء الجائزة قبل 10 سنوات.
ومن أهم الموضوعات الصحافية التي نشرها موقع «إنفو تايمز»، وكانت سبباً في حصوله على الجائزة، الموضوع الخاص بقرارات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 4 سنوات، ويقول العراقي «اعتمدنا على أرشيف 4 سنوات من إعداد الجريدة الرسمية، وقمنا بالتعامل معها يدوياً؛ لأنها كانت في صيغة (بي دي إف)، وهذا أحد المعوقات التي تواجهنا، حيث تكون البيانات في صور رقمية محصنة يصعب التعامل معها حاسوبياً»، مشيراً إلى أن «العمل على الموضوع استغرق 6 شهور، وتم تقديمه في صورة جذابة مصحوباً برسوم توضيحية، دون أي تدخلات أو آراء سياسية».
ويرى العراقي أن «واقع صحافة البيانات في مصر يحبو»، ويقول «نحن متأخرون 10 سنوات عن دول أخرى، مثل الهند وكوستاريكا وباكستان، والمشكلة تكمن في عدم رغبة المؤسسات الصحافية المصرية في التطوير» – على حد قوله - .


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.