النرجيلة وأغانٍ عربية في العاصمة الإندونيسية

بمناسبة دورة الألعاب الآسيوية

النرجيلة وأغانٍ عربية في العاصمة الإندونيسية
TT

النرجيلة وأغانٍ عربية في العاصمة الإندونيسية

النرجيلة وأغانٍ عربية في العاصمة الإندونيسية

«انزل يا جميل ع الساحة»... الأغنية الشهيرة للمغني اللبناني وليد توفيق، تتردد أكثر من مرة خلال ليلة واحدة في أحد مقاهي جاكرتا، بوصفها واحدة من وسائل عدة تلجأ إليها أماكن السهر في العاصمة الإندونيسية، لجذب السياح العرب والمشجعين الآتين لمتابعة دورة الألعاب الآسيوية.
داخل هذا المقهى الواقع على بعد كيلومترات قليلة من المركز المزدحم للعاصمة، يحمل العاملون الإندونيسيون فيه، الطبلة والدف، ويبدأون العزف في محاولة لإضفاء أجواء شرقية وعربية على المكان، تختتم عادة بوصلتين من الرقص الشرقي.
وتكتسب هذه المحاولات زخما إضافيا على هامش دورة الألعاب الآسيوية التي انطلقت رسميا في 18 أغسطس (آب) وتختتم اليوم، حيث يزور العاصمة الإندونيسية كثيرا من السياح العرب الآتين لتشجيع رياضيي بلادهم المشاركين في الدورة الثانية من حيث الحجم بعد الألعاب الأولمبية.
من هؤلاء، المحامي الكويتي حمد بن حجي (28 عاما)، الذي كان يمضي عطلة سياحية في جزيرة بالي الإندونيسية، وقرر أن يعرج على العاصمة لتزامن إجازته مع «آسياد 2018» التي شهدت مشاركة رياضيي الكويت في منافسة رياضية عالمية تحت راية بلادهم، في أعقاب الرفع المشروط للإيقاف المفروض من اللجنة الأولمبية الدولية منذ عام 2015.
ويقول بن حجي وهو ينتظر النادل ليضع له الجمر على نرجيلته لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذه المرة الأولى لي في جاكرتا».
يضيف: «بمجرد أن وصلت، كتبت على (تطبيق) خرائط غوغل كلمة +شيشة+، فوصلت إلى هذا المكان».
يتفنن الإندونيسيون بالنرجيلة التقليدية، فيستبدلون مثلا بالرأس الفخاري المعتاد الفاكهة كالتفاح أو الشمام، كما يستبدلون بزجاجة المياه التقليدية أخرى مضيئة مع بعض الليمون في داخلها.
ويشدد بن حجي على أنه يبحث عن الأماكن ذات الطابع العربي أينما ذهب، مثله مثل صديقه علي الخياط الذي يرافقه.
ويلفت الخياط (26 عاما) الموظف في شركة نفط الكويت إلى أن هذه هي زيارته الخامسة إلى العاصمة الإندونيسية. ويقول: «الموسيقى في هذه المقاهي تريحني نفسيا. مثلا الآن اسمع... هذه أغنية لنوال الكويتية، أنا (أشعر) الآن كأنني في الكويت».
لدى دخول أحد المقاهي المخصصة للنرجيلة، يستنتج العاملون غالبية الوقت سريعا أن الزائر ليس إندونيسيا، ويتوجهون إليه مباشرة بالترحيب بالعربية، على غرار «السلام عليكم، كيف حالك؟ من أين أنت؟».
حول بركة ماء صغيرة تشبه عمارة المنازل القديمة في الشرق، مزينة بالورود الحمراء والأضواء المختلفة الألوان، يتجمع العشرات حول طاولات صغيرة، كثير منهم من السياح، أو حتى العرب الذين يمضون فترات طويلة في إندونيسيا، أكبر الدول الإسلامية عالميا من حيث التعداد السكاني، حيث يقدر عددهم بنحو 250 مليون نسمة.
ولا يشكل الحضور العربي في إندونيسيا ظاهرة جديدة. فقد شهدت البلاد هجرات تاريخية من الجزيرة العربية، وبات سكانها ذوو الأصول العربية يعرفون باسم «عرب إندونيسيا»، وشكلوا قوة يعتد بها في التجارة والاستثمار.
وهناك أسماء عدة من أصول عربية عرفت في السياسة في إندونيسيا، كوزير الخارجية علي العطاس (1988 - 1999).
في المقهى، يجلس هاني ناصر، اليمني المقيم في السعودية، وهو ينفخ دخان نرجيلته قبل أن يحتسي كوبا من شراب الزنجبيل.
ويقول: «هذه البلاد استقطبتني حتى تزوجت منها».
ويضيف الأربعيني الذي يملك مركزا للتجميل في الرياض «تأقلمت مع البلد سريعا، حتى صرت أقيم نصف السنة فيه».
توسع الحضور العربي في جاكرتا حتى بات حي شونديت في وسط المدينة يعرف باسم «حي العرب». على جنباته، تتوزع متاجر لبيع العود العربي والعطور ومختلف أنواع البخور المنتشرة بكثرة، لا سيما في دول الخليج.
وبين متجر وآخر، تنتشر مطاعم صغيرة تقدم الأرز المعد على الطريقة الخليجية، إضافة إلى طبق المندي، أحد أشهر الأطباق اليمنية.
وفي دلالة إضافية على هذا الحضور، كتبت غالبية اللافتات بالعربية والباهاسا الإندونيسية مثل «مطعم الليالي العربية» أو «أهلا وسهلا» عند مدخل المتاجر.
ويشير ناصر المقيم في المنطقة إلى أن «العرب كثيرون هنا، وأعدادهم تتزايد. لكن المنطقة شعبية جدا هنا، فلا تشكل عامل جذب للسياح».
يتجه العرب عموما والخليجيون خصوصا إلى المراكز التجارية الضخمة في العاصمة، التي تقارن بفخامتها تلك المنتشرة بشكل كبير في بلادهم.
وإذ يلفت الخياط إلى الكلفة المنخفضة التي «تجعلنا نحب هذه البلاد ونصرف فيها»، يؤكد أن هناك من لا يزال يستغل هذه النقطة.
ويضيف الشاب ذو اللحية الحليقة والشاربين الكثين أنه «رغم كل ما ذكرته، فإن العربي وخصوصا الخليجي مكشوف. بمجرد أن تقول +السلام عليكم+ تأكد أنك ستدفع السعر الحقيقي أربعة أضعاف».


مقالات ذات صلة

موريشيوس تفوز بلقب أفضل وجهة لقضاء شهر العسل

سفر وسياحة موريشيوس وجهة رومانسية (الشرق الأوسط)

موريشيوس تفوز بلقب أفضل وجهة لقضاء شهر العسل

فازت دولة جزيرة موريشيوس بلقب أفضل وجهة في العالم لقضاء شهر العسل ضمن جوائز خيار المسافرين المرموقة لعام 2025 التي يمنحها موقع Trip Advisor

سفر وسياحة ينصح بوضع المتعلقات الثمينة في مكان آمن على الطائرة (أدوبي ستوك)

كيف تحمي نفسك من السرقة على متن الطائرة؟

في خبر تناولته الوسائل الإعلامية العربية جاء فيه أن الإعلامي اللبناني نيشان، تعرض لسرقة أغراضه الخاصة والثمينة من حقيبته التي كانت في المقصورة العلوية للطائرة

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة سياح من مختلف  انحاء العالم يتجهون إلى حيث أحد أقدم منتزهات مدينة كيوتو(الشرق الأوسط)

«كيوتو»... مدينة السياحة والتاريخ والثقافة والطعام

يزول الاندهاش بحجم الإقبال الكبير من المسافرين بالقطار السريع، من العاصمة اليابانية طوكيو إلى كيوتو مدينة السياحة والتاريخ والثقافة والإبداع والتعليم والطعام.

فتح الرحمن يوسف (كيوتو)
سفر وسياحة تقدم المتاحف في إيطاليا يوماً مجانياً لرعاية الكلاب لجذب مزيد من الإيطاليين إلى أبوابها على مدار العام المقبل (أ.ب)

المتاحف الإيطالية تقدم خدمة مرافقة الكلاب مجاناً لتشجيع الزوار

تقدم المتاحف في إيطاليا يوماً مجانياً لرعاية الكلاب لجذب مزيد من الإيطاليين إلى أبوابها على مدار العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد شعار الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) (الشرق الأوسط)

«إياتا»: ارتفاع الطلب على السفر الجوي 8.1 % في نوفمبر

أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) ارتفاع إجمالي الطلب على السفر خلال نوفمبر الماضي بنسبة 8.1 % مقارنةً مع الشهر ذاته من عام 2023

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».