واشنطن تدرس إرسال «دواعش» محتجزين في العراق ولدى الأكراد في سوريا إلى غوانتانامو

بعد رفض كثير من الدول تسلم مواطنيها الإرهابيين

TT

واشنطن تدرس إرسال «دواعش» محتجزين في العراق ولدى الأكراد في سوريا إلى غوانتانامو

بعد أن رفضت كثير من الدول والبلدان العربية والغربية تسلم المقاتلين الإرهابيين المحتجزين في العراق ولدى الأكراد في سوريا، وعودتهم إلى بلدانهم الأصلية، خلصت الولايات المتحدة الأميركية إلى فكرة إرسال البعض منهم، ممن تم احتجازهم في السجون العراقية بسبب هجومهم على القوات الأميركية في العراق، إلى سجون غوانتانامو، ومحاكمتهم هناك وفقاً للأنظمة والقوانين الأميركية.
تلك الفكرة التي تعمل على تطبيقها الإدارة الأميركية لاقت استحساناً لدى فريق من المشرعين في الكونغرس، فيما عارض فريق آخر تلك الفكرة، بحجة عدم توفر الموارد المالية للصرف على المحتجزين فترة سجنهم، وتعرضهم لانتهاكات حقوق الإنسان في سجون غوانتانامو.
وبحسب شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية، التي نشرت تقريراً صحافياً أمس، بينت فيه أن عدد المقاتلين الإرهابيين المنتمين إلى تنظيم داعش، الذين ترغب أميركا في نقلهم إلى غوانتانامو، يبلغ 600 مقاتل، بعد أن حاولت أميركا التواصل مع عدد من الدول التي ينتمي إليها المحتجزون أصلاً، إلا أنها قوبلت بالرفض من معظم تلك الدول.
وأشار التقرير إلى أن المعتقلين الذين سيتم إرسالهم إلى غوانتانامو سيُحجزون في السجون العراقية مع حراس عراقيين، لكن الولايات المتحدة قد تحتفظ بحقها في مقاضاتهم، إذا لم يكن بالإمكان إرسالهم إلى بلدانهم الأصلية، موضحاً أن من بين المعتقلين مقاتلي «داعش» الذين شاركوا في قتل الأميركيين والرهائن الغربيين الآخرين بالعراق وسوريا، خصوصاً 4 متطرفين أطلق عليها اسم «البيتلز» من قبل المراقبين بسبب لهجتهم البريطانية.
ولفت التقرير إلى أن تلك الخطوة التي تدرسها إدارة الرئيس ترمب تلقى معارضة الديمقراطيين في الكونغرس، وعدد من جماعات حقوق الإنسان، في إرسال معتقلين جدد إلى غوانتانامو، مبررين رفضهم بأن مقاتلي «داعش» المشتبه في قيامهم بقتل الأميركيين يجب محاكمتهم أمام محاكم فيدرالية، حيث يمكن محاسبتهم بدلاً من احتجازهم إلى أجل غير مسمى دون توجيه تهم إليهم.
وقال عدد من المسؤولين الأميركيين في التقرير إن السجناء الذين قد يكونون متوجهين إلى سجون العراق أو كوبا غوانتانامو سيتم اختيارهم من مجموعة تضم نحو 600 محتجز حالياً لدى القوات السورية الديمقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة، في منطقة يسيطر عليها المتمردون في سوريا، لافتين إلى أن كثيراً من المعتقلين هم من المقاتلين الأجانب، ليسوا عراقيين، ويتراوحون بين جنود مشاة تم اقتيادهم من ساحة المعركة إلى معتقلين ذوي قيمة أعلى، وهم الذين تم تعقبهم وأسرهم بمساعدة الجيش الأميركي. وأضاف التقرير: «قد جمعت قوات سوريا الديمقراطية الأسرى على مدى شهور من القتال، مما أوجد حالة تتسم بالتحدي المتزايد في استيعاب أكبر عدد، بالمقابل تواصل قوات سوريا الديمقراطية خوض حرب معقدة، ولا تملك الموارد اللازمة لاحتجاز أو محاكمة أو حماية مئات السجناء».
ورفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي التعليق على خيارات نقل المقاتلين الأجانب المحتجزين، وقال: «إن شركاءنا في سوريا يحتجزون إرهابيين تم القبض عليهم أو استسلامهم، بما في ذلك كثير من المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وسيتم النظر في جميع الخيارات، وسيتابع الرئيس وفريقه للأمن القومي الخيار الأفضل لحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة».
بدورها، لم تؤكد وزارة الخارجية أو تنفي أن مثل هذه الخطوة هي من بين الخيارات التي تدرسها الإدارة، موضحة على لسان المتحدثة الرسمية هيذر ناورت، لشبكة «إن بي سي نيوز»، أن أميركا «تشجع جميع شركائها على تحمل المسؤولية عن مواطنيهم، بما في ذلك مقاضاتهم عن أي جرائم ارتكبوها، وضمان عدم قدرتهم على العودة إلى ساحة المعركة.. سنواصل متابعة جميع السبل الدبلوماسية».
وفي وقت سابق من هذا العام، أرسلت الولايات المتحدة رسائل إلى عدد من الدول، بما في ذلك المملكة المتحدة البريطانية وفرنسا وألمانيا ودول الخليج، وغيرها ما يقرب من 24 دولة، لإبلاغهم بأن قوات سوريا الديمقراطية تحتجز عدداً من مواطنيها الإرهابيين، وتضمنت الرسائل أسماء ومعلومات هويات شخصية بقدر الإمكان لكل شخص. وقالت الرسائل إن قوات الدفاع الديمقراطية لا يمكنها أن تحتجز هؤلاء المقاتلين على المدى الطويل، وإن هناك حاجة إلى اتخاذ ترتيبات لنقلهم، واستمرار احتجازهم ومحاكماتهم.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، أقنعت الولايات المتحدة عدداً من الدول بإعادة مواطنيها المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية إلى وطنهم الأصل، إذ تسلمت مقدونيا 7 مقاتلين، واحتجز لبنان 8، ووفقاً لاثنين من كبار مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية، كما يؤكدان في التقرير، فإن كلاً من تونس وقازاخستان قد أعربتا عن بعض الاستعداد لقبول المقاتلين المحتجزين في سوريا؛ في حالة تونس قد يكونون مستعدين لأخذ أكثر من 150 سجيناً، لكنهم يريدون التعويض عن ذلك أيضاً.
وقالت الإدارة، في بيان يوم الاثنين الماضي، إن ناثان سيل منسقة وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة الإرهاب من المقرر أن تتوجه إلى الجزائر وتونس والمغرب هذا الأسبوع، لمناقشة ملف «المقاتلين الأجانب الإرهابيين»، من بين قضايا أخرى في تلك الدول. لكن عدداً من الدول الأخرى واصلت رفض طلبات الولايات المتحدة، كما أن هناك قضية أخرى، هي ما يقرب من ألفي امرأة وطفل من زوجات وأطفال مسلحي «داعش»، الذين سُجنوا أو قُتلوا في القتال، والمحتجزين الآن في مخيمات اللاجئين، لا تريد بلدانهم الأصلية إعادتهم، خشية أن يتمكنوا من جلب آيديولوجية متطرفة راديكالية معهم.
وبررت كثير من الدول رفضها بأنها تخشى أن «التطرف قد يتمكن في وقت لاحق من الأطفال، خصوصاً المراهقين، والقلق من أن النساء قد يكن متطرفات كمقاتلات»، وفقاً لأحد المسؤولين الأميركيين المطلعين على المناقشات، فيما ناشدت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي تتبع حالة المعتقلين في شمال سوريا، الولايات المتحدة وحلفاءها لضمان تقديم مقاتلي «داعش» إلى العدالة، ولكن بطريقة تتماشى مع القانون الدولي.


مقالات ذات صلة

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
أفريقيا وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة.

كمال بن يونس (تونس)
الولايات المتحدة​ وقع الهجوم بعد الساعة الثالثة صباحاً بقليل في أحد أكثر الأحياء ازدحاماً في نيو أورليانز (نيويورك تايمز)

كيف يعكس هجوم نيو أورليانز نمطاً عالمياً لاستخدام السيارات أسلحةً إرهابيةً؟

قال خبراء لموقع «أكسيوس» إن الهجوم الذي شهدته مدينة نيو أورليانز الأميركية في ليلة رأس السنة الجديدة يعد جزءاً من اتجاه عالمي لاستخدام السيارات أسلحةً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي بايدن في البيت الأبيض يتحدث عن هجوم نيو أورليانز الإرهابي الخميس (د.ب.أ)

بايدن: منفّذ هجوم نيو أورليانز كان يحمل جهاز تفجير عن بُعد

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، إن المهاجم في حادثة دهس السيارات في نيو أورليانز كان يحمل جهاز تفجير عن بعد في سيارته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.