تجددت أزمة التحرش الجنسي في مصر، بعد تفاعل رواد التواصل الاجتماعي مع بيان الأزهر، الذي أصدره مساء أول من أمس، إضافة إلى انتشار أخبار تتعلق بتقديم دعاوى قضائية ضد «فتاة التجمع» التي قامت بنشر مقطع فيديو يظهر رجلا حاول التحرش بها في منطقة راقية شرق القاهرة. وهو ما انتقده كثير من رواد مواقع التواصل، وتخوفوا من تحول «الضحية إلى مجرمة في نهاية المطاف».
وقوبل بيان الأزهر بخصوص التحرش بردود فعل داعمة ومساندة في الأغلب على مواقع التواصل الاجتماعي. وشدد الأزهر على أن «التحرش تصرُّف محرَّم شرعاً وسلوك مدان بشكل مطلق ولا يجوز»، وذلك في معرض تعليقه على وقائع شهدتها مصر مؤخرا؛ ودعا إلى «تفعيل القوانين التي تجرم التحرش وتعاقبه على فعله».
وأعلن الأزهر، في بيانه «متابعته لـما تداولته وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة من حوادث تحرش، وصل الأمر في بعضها إلى حد اعتداء المتحرش على من يتصدى له أو يحاول حماية المرأة المتحرش بها، فيما سعى البعض لجعل ملابس الفتاة أو سلوكها مبررا يُسوغ للمتحرش جريمته النكراء، أو يجعل الفتاة شريكة له في الإثم».
وفي بيانه، شدد الأزهر على أن «التحرش، إشارة أو لفظًا أو فعلا، هو تصرف محرم وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعا، كما أنه فعلٌ تأنف منه النفوس السويّة وتترفع عنه، وتنبذ فاعله، وتجرمه كل القوانين والشرائع».
بدوره، ثمّن المجلس القومي للمرأة بيان الأزهر الشريف، معلنا «تضامنه الكامل مع منة جبران، ضحية واقعة التحرش، الشهيرة إعلاميا بواقعة (تحرش التجمع)»، التي استحوذت على اهتمام شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام المصري في الآونة الأخيرة.
كما وجهت مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة الشكر إلى المحامية والحقوقية نهاد أبو القمصان رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، والمستشار عصام شيحة المحامي بالنقض، لإعلانهم تضامنهم واستعدادهم الكامل لتولي قضية «منة جبران» ضحية واقعة التحرش - الشهيرة إعلاميا بواقعة «تحرش التجمع» - والدفاع عنها.
وعبرت «مرسي» عن «بالغ أسفها وإدانتها لما تتعرض له منة جبران من آثار نفسية ومجتمعية جراء هذه الواقعة النكراء». وطالبت جميع مؤسسات الدولة بـ«ضرورة التصدي لهذه الظواهر السلبية، وضرورة التنفيذ الفوري الرادع للقانون».
وتجددت أزمة فتاة التجمع مجددا بعد انتشار أخبار وتقارير تتعلق بإمكانية مقاضاة الفتاة، إضافة إلى عرض أعمال سينمائية وإعلانات على بطل الفيديو. وقال طارق جميل، محامي المهندس محمود سليمان المعروف بـ«بطل فيديو التجمع»، إنه سيقدم بلاغ سب وقذف للنائب العام ضد منة جبران.
وأضاف جميل في تصريحات صحافية أن «موكله لم يتحرش بالفتاة والموضوع أخذ أكبر من حجمه بسبب مواقع السوشيال ميديا»، متابعا: «لم يسأل أحد نفسه ما غرض البنت من تصوير الفيديو».
وأوضح جميل: «لم يسأل أحد نفسه ماذا كانت تلبس هذه البنت وما مظهرها العام الذي يدفع الشباب لمعاكستها، وعندما نقول تحرش، فهذه الكلمة تعني الكثير، تعني تحرشا لفظيا أو جسديا أو فعليا، لكن كل ما فعله الشاب هو أنه عرض عليها شرب قهوة لكي لا يضايقها أحد».
وتابع: «محمود قابلها في منطقة راقية، واعتقد أنها بحاجة إلى مساعدة بدلا من مضايقات الناس، وهي قامت بتصويره دون علمه فهي متهمة بتكدير السلم العام وإثارة الفتنة في المجتمع وتصفه بالمتحرش وتسجله دون إذن فكيف تكون بطلة».
يشار إلى أنه في عام 2014 أصدرت مصر قانونا يفضي بتعديلات في قانون العقوبات لتجريم التحرش، وذلك بعد اتساع ظاهرة التحرش خصوصا في شوارع القاهرة وتزايد الضغوط من أجل مكافحتها. ووفق التعديلات فإن «كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين».
من جهتها، علقت منة جبران، على تطورات الأزمة قائلة: «قررت الابتعاد تماما عن الإعلام ليس بدافع الخوف والقلق». وأضافت أن المؤسسة التي تعمل بها فصلتها عن العمل، وأرسلوا لها بريدا إلكترونيا يخبرونها فيه أن سبب فصلها عن العمل انقطاعها عن العمل يومين متواصلين دون إخطار. مشيرة إلى أنها متأكدة أن هذا ليس السبب الحقيقي، لكونه سببا غير منطقي.
وتابعت «منة»، خلال مداخلة هاتفية بأحد البرامج التلفزيونية أن «المجتمع المصري لا يشجع الفتاة على الحديث في مثل تلك القضايا والدفاع عن حقوقها ضد المتحرشين، على عكس ما ينادون به دائما، فهم ينادون طوال الوقت أن تأخذ الفتاة رد فعل وألا تسكت عن حقها، مبينة أنها بمجرد بالدفاع عن حقها تبرأ منها المجتمع».
وأشارت «منة» أنها إذا عادت بالزمن للخلف كانت ستكرر ما فعلته، موضحة أنها إذا تعرضت مستقبلا للتحرش فستكرر ما فعلته مسبقا. ولفتت إلى أنها تشعر بحالة من الإحباط بعد أن تم فصلها من عملها، مضيفة أنها تجلس في منزلها ولا تخرج كثيرا، وفي المقابل المتحرش يُعرض عليه تصوير إعلانات ويلتقط صورا مع فنانات ونجوم المجتمع.
جدير بالذكر أن نتائج مسح النشء والشباب، الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بالتنسيق مع مركز السكان الدولي في عام 2016، أفادت بأن 49 في المائة من الفتيات اللاتي يعشن في المناطق العشوائية تعرضن للتحرش، وأوضحت النسب أن الفتيات من 15 إلى 17 سنة تعرض 36 في المائة منهن للتحرش الجنسي.
جدل «التحرش» يتجدد في مصر
الأزهر يدخل على خط الأزمة ويعتبره محرماً
جدل «التحرش» يتجدد في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة