فايزة أحمد تعود إلى أحضان مدينتها الأم ضمن «مهرجانات صيدا الدولية»

في الذكرى الـ35 على رحيل «كروان الشرق»

الفنانة فايزة أحمد
الفنانة فايزة أحمد
TT

فايزة أحمد تعود إلى أحضان مدينتها الأم ضمن «مهرجانات صيدا الدولية»

الفنانة فايزة أحمد
الفنانة فايزة أحمد

بعد مرور 35 سنة على رحيلها، تعود الفنانة فايزة أحمد إلى أحضان مدينتها صيدا بحفل تكريمي يعرض التراث الغنائي لصاحبة لقب «كروان الشرق». ويأتي هذا التكريم الذي ترعاه وزارتا الثّقافة في لبنان ومصر، بتنظيم من «مهرجانات صيدا الدولية». بالمناسبة ستحيي فنانة دار الأوبرا المصرية رضوى سعيد ليلة 2 سبتمبر (أيلول) المقبل، حفلا غنائيا، بعد أن اختارتها وزارة الثّقافة المصرية لهذه المهمة.
وتقف النائب بهية الحريري وراء هذه المبادرة بعد أن أعلنت العام الماضي أن سنة 2018، ستُخصّص لتكريم الفنانة الراحلة التي عاشت طفولتها بين أزقة صيدا القديمة قبيل هجرتها إلى مصر. وستؤدي مجموعة من أغاني فايزة أحمد المعروفة برفقة الأوركسترا الوطنية اللبنانية بقيادة المايسترو أندريه الحاج. فتنشد ولنحو 90 دقيقة أشهرها ومن بينها «أنا قلبي إليك ميّال» و«بيت العز يا بيتنا» و«يما القمر عالباب» و«يا تمر حنة» إضافة إلى غيرها وفي مقدمتها «ست الحبايب» التي تعدّ أشهر أنشودة غنائية يردّدها العالم العربي بمناسبة عيد الأم بصوتها.
وكان الوفد المشترك للجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية والمعهد الوطني للموسيقى الذي يضمّ رئيسة لجنة المهرجانات المذكورة نادين كاعين وقائد الأوركسترا الوطنية أندريه الحاج وغيرهما، قد زاروا العاصمة المصرية تحضيراً لهذا الحفل، فالتقوا وزيرة الثّقافة إيناس عبد الدّايم ومدير عام الموسيقى العربية في دار الأوبرا المصرية الدكتورة جيهان مرسي وكذلك زوج الفنانة الرّاحلة محمد سلطان.
«لقد اقترحت علينا الوزيرة المصرية اسم فنانة دار الأوبرا المصرية رضوى سعيد للقيام بهذه المهمة، ورحبنا بالفكرة كون سعيد تتمتع بصوت رخيم وهي معروفة في أدائها الطّرب الشّعبي الأصيل». يوضح المايسترو أندريه الحاج خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هي مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا اليوم لتكريم هذه الفنانة في ذكرى مرور 35 سنة على غيابها. ولأنّ قلة من الناس تعرف بأصولها اللبنانية، اخترت برنامجا غنائيا غنيا يذكرنا بـ«كروان الشرق» وبمرحلة غنائية ذهبية شهدتها السّاحة العربية أيامها، فيتعرف إليها اللبنانيون عن كثب». ويشير الحاج إلى أنّ برنامج الحفل سيُستهل بالنّشيدين المصري واللبناني على أن يفتتح بأغنية «أنا قلبي إليك ميال» وهي من ألحان محمد الموجي. كما سيتخلّل هذه الأمسية التكريمية عرض ريبورتاج مصور عن الفنانة الرّاحلة وإلقاء كلمة وجيزة للنائب بهية الحريري.
«ستقدم الأغاني في قالب توزيعي موسيقي جديد من دون إجراء أي تغيير في النّسخات الأصلية للأغاني، إذ أحرص دائما على التمسك بها. وستقام البروفات المطلوبة لهذا العمل على مدى يومي 29 و30 الجاري في بيروت».
يقول المايسترو أندريه الحاج الذي أبدى تأثره بلقاء زوج الفنانة الرّاحلة في مصر ويضيف معلّقاً: «ما لفتنا عندما زرنا زوجها محمد سلطان، هو تأثّره الشّديد على غيابها، بحيث لا يفارق منزلهما الزوجي منذ رحيلها ليبقى محاطا بروحها وبعطرها كما ذكر لنا». ويتابع: «لقد كان في كل مرّة يتحدث عنها تدمع عيناه ويشعر بالاختناق ويردّد عبارة لقد كانت إنسانة من الدرجة الأولى».
المعروف أنّ فايزة أحمد مولودة من أب سوري في مدينة صيدا في عام 1930 وتزوجت أكثر من مرة وكان ارتباطها بمحمد سلطان الأشهر في حياتها الشّخصية ودام زواجهما لنحو 17 سنة. فارقت الحياة عن عمر 53 سنة بعد أن أصيبت بمرض سرطان الثدي. كما عرفت بنحالة جسمها (كان يبلغ وزنها 50 كيلوغراماً)، مما كان يدفعها إلى ربط قطعة كبيرة من القماش حول خصرها لتبدو أكثر وزنا أمام الكاميرا. تميّزت بصوت ناعم وقوي واشتهرت في بدايتها الفنية في مدينة حلب السورية من ثمّ انتقلت إلى القاهرة في عام 1954. وتقدّمت للإذاعة المصرية التي اعترفت بها كمطربة.
قدمت فايزة أحمد أغنيتي «ابشر غيرك»، و«دموع الحب» كما اشتهرت في أغنية «بيت العز» من خلال أحداث فيلم «أنا وبناتي» عام 1961. كما شاركت في أفلام سينمائية أخرى في «تمر حنة» و«امسك حرامي» و«المليونير الفقير» و«ليلى بنت الشاطئ» و«عريس مراتي» و«منتهى الفرح».
ولفايزة أحمد رصيد كبير في العالم الفني إذ لديها ما يزيد عن 320 أغنية في الإذاعة و80 أغنية في التلفزيون، وحصلت في مسيرتها الفنية على عدد كبير من الجوائز التكريمية.
جدير ذكره، أنّ «مهرجانات صيدا الدولية» ستفتتح برنامجها للعام الحالي بحفل مع الفنانة كارول سماحة في 30 الجاري، يتبعه في اليوم التالي سهرة موسيقية مع عازف البيانو غي مانوكيان يشاركه فيها المغني جوزف عطية. فيما يحلّ الفنان ناصيف زيتون ضيفاً على مسرحها في 1 سبتمبر لتُختتم بسهرة خاصة تحتفي بالراحلة فايزة أحمد في 2 منه.


مقالات ذات صلة

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لوحة ألوان زاهية (أ.ف.ب)

مناطيد الهواء الساخن تُزيِّن سماء النيبال

أطلقت بوخارا أول مهرجان لمناطيد الهواء الساخن يُقام في النيبال، إذ تحوّلت سماء المدينة لوحةً من الألوان الزاهية ضمن مشهد شكّلت ثلوج قمم «هملايا» خلفيته.

«الشرق الأوسط» (بوخارا (النيبال))
يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

عُرض «شرق 12» في السعودية والبرازيل وأستراليا والهند وشاهده جمهور واسع، ما تراه هالة القوصي غاية السينما، كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».