إيزابيل أدجاني لصّة وغشاشة وكذابة في آخر أفلامها

قرأت على المسرح رسائل الحب المستحيل بين ألبير كامو وماريا كازاريس

إيزابيل في دور الأم المخادعة
إيزابيل في دور الأم المخادعة
TT

إيزابيل أدجاني لصّة وغشاشة وكذابة في آخر أفلامها

إيزابيل في دور الأم المخادعة
إيزابيل في دور الأم المخادعة

بلغت الممثلة إيزابيل أدجاني من المكانة والخبرة ما بات يسمح لها باختيار أدوار تغامر فيها وتمارس متعتها الشخصية. وفي فيلمها الأخير «العالم لك» مع المخرج رومان غافراس (نجل المخرج اليوناني كوستا غافراس)، تقدم النجمة الفرنسية، الجزائرية الأصل، دوراً جديداً عليها، هو دور «داني»، الأم التي لا تتورع عن القيام بأفعال خارجة على الأعراف والقوانين. و«داني» امرأة تعيش للحظتها الراهنة، هاربة من ماضيها وذكرياتها وأحلامها السابقة، مثلما تتغاضى عن المستقبل وما يمكن أن يحمله لها. ولهذا فإنها تفعل كل ما يرضيها ويخطر لها على بال دون حساب للنتائج: تلعب وتكذب وتغش وتسرق وتخون وليكن ما يكون.
غير أن لـ«داني» ولداً في سن الشباب (يقوم بالدور الممثل كريم ليكلو) وهو لا يفهم تصرفاتها، فهي تعامله حيناً وكأنه عبء عليها أن تتحمله، أو كأنه لعبة تتسلى بها، في أحيان أخرى. وهي تتحكم به وتستخدمه في سعيها المستمر لأن تبقى امرأة عصية على النضج، وبالتالي على المحاسبة. لكن الابن، رغم سيطرة والدته عليه وإحباطاته منها، يستمر في حبها والإعجاب بها حتى تأتي اللحظة التي يجد فيها نفسه مضطراً للتخلي عنها. إنه يتركها ليقع في براثن شابة يحبها، لها شخصية «داني» نفسها.
جرى عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان «كان» الأخير. وفيه لاحظ النقاد جرأة أدجاني في الموافقة على دور مثل هذا. فهي قد قدمت من قبل الكثير من الأدوار لشخصيات غير منضبطة، بل وشريرة، لكنها هنا تمزج صورة الأم، وهي صورة مقدسة، مع ملامح المرأة عديمة الذوق التي لا تقيم وزنا لشيء، تنفق أكثر مما تملك وتلبس الثياب البراقة وتتصرف وكأنها ملكة في حين أن مملكتها لا تتعدى حدود العمارة المتواضعة التي تقيم فيها في الضواحي. ورغم ما يبدو في الفيلم من مشاهد تتخطى الواقع، فإن المخرج أراد أن يلفت النظر من خلاله إلى حقيقة النماذج المأزومة التي تقيم على هوامش المدن الفرنسية الكبرى، وما تعانيه من توترات بسبب البطالة والعنصرية والطائفية وانتشار المخدرات وتمزق للنسيج الاجتماعي. كل ذلك في إطار مغلق من اليأس بتغيير الأحوال ومجيء أيام أفضل.
منذ سنوات والنجمة الفرنسية التي انحسرت عنها الأدوار الكبيرة، تحاول أن توجه طاقاتها الفنية في اتجاه المشكلات التي تعاني منها الفئات المهاجرة، وبالذات الشباب المتحدرين من الهجرة. وهي بهذا تقوم بواجب الممثلة الملتزمة والمثقفة والواعية لدورها الإنساني. ولا تخفي أنها تأثرت بقراءتها كتاب «من الذي قتل أبي» للمؤلف إدوار لوي، وهي الرواية التي استند عليها سيناريو الفيلم، . وفيه ترد العبارة التي استعارها المخرج في العنوان: «خذ ما يلزمك، لا تهتم للقواعد ولا القوانين، إن العالم لك». ومن ضمن مساعيها لأن تكون نجمة غير منفصلة عن أرض الواقع، وافقت أدجاني مرة جديدة على العمل مع مخرج شاب وغير معروف بشكل واسع. وهي ترى أن الشباب مسألة تتعلق بالعمر فحسب، لا بالموهبة. كما أن الشباب هو زاوية جديدة للنظر إلى العالم الذي يحيط بنا.
هذا الصيف، اشتركت أدجاني مع الممثل لامبير ويلسون في قراءة مسرحية لمراسلات الأديب الفرنسي ألبير كامو، حائز «نوبل»، مع الممثلة الإسبانية المولد ماريا كازاريس. وهي ترى أن كلاً من الشخصيتين قد طبعت عصرها بطابعها، كما أن الرسائل المتبادلة بينهما تعكس رواية حب رائع ومعذب. فقد كانت كاريا امرأة حرة مستعدة للتضحية وكان كامو رجلاً متزوجاً وغير قادر على مجاراتها. ومما زاد في تأثر أدجاني بتلك العلاقة المستحيلة هو أنها استمرت متوهجة حتى اللحظة التي فقد فيها الأديب الكبير حياته في حادث سيارة، عام 1960. ونظراً لأن الوقوف على المسرح يشكل تجربة مختلفة وحقيقية في مواجهة الجمهور، تستعد إيزابيل أدجاني لأداء دور في مسرحية من إعداد سيريل تيست، يمزج فيها بين شخصيات فيلم «ليلة الافتتاح» لجون كازافيتز، وأبطال مسرحية «النورس» لتشيخوف. وتدور المسرحية حول مفهوم التمثيل وموقع الممثلة إزاء المخرج والنص.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.