الحوثيون يدفعون بمجنديهم إلى محارق الموت... بسبعين دولاراً شهرياً للفرد

الميليشيات غمرت المحافظات بمقابر جديدة وملأت جدران البيوت بصور القتلى

طفل في صفوف الحوثيين يستعرض سلاحه مع مجموعة من المقاتلين في صنعاء في نوفمبر الماضي (غيتي)
طفل في صفوف الحوثيين يستعرض سلاحه مع مجموعة من المقاتلين في صنعاء في نوفمبر الماضي (غيتي)
TT

الحوثيون يدفعون بمجنديهم إلى محارق الموت... بسبعين دولاراً شهرياً للفرد

طفل في صفوف الحوثيين يستعرض سلاحه مع مجموعة من المقاتلين في صنعاء في نوفمبر الماضي (غيتي)
طفل في صفوف الحوثيين يستعرض سلاحه مع مجموعة من المقاتلين في صنعاء في نوفمبر الماضي (غيتي)

لم تدخر الميليشيات الحوثية أي وسيلة لاستقطاب أتباعها والدفع بهم إلى محارق الموت، صغارا كانوا أم كبارا. لا فرق، المهم بالنسبة للجماعة أن تجد وقودا لحربها المجنونة القائمة على أساس طائفي يمجد زعيمها وعناصر سلالته، باعتبارهم الصفوة المزعوم اختيارها إلهيا، والمقابل مبلغ طفيف لا يتجاوز 70 دولارا في الشهر الواحد تدفع للحي، وأحيانا للأموات، ولا يعودون لأهاليهم إلا صورا على الجدران.
بإمكان المهتم يوميا إحصاء مزيد من الحكايات والقصص التي يدمى لها القلب. بمجرد أن تتنقل عبر وسائل المواصلات المتاحة في صنعاء وأحيائها، وتفتح الأحاديث مع سائقي الأجرة أو مع مرتادي الأماكن العامة، ستستمع إلى فصول جديدة كل يوم عن نزيف الدم اليمني الذي تزهقه الميليشيات، في سياق بحثها عن تدعيم حكمها الجنوني، وتثبيت سلطاتها الخارجة عن العرف والتقاليد وأخلاق المجتمع اليمني.
«الشرق الأوسط» تحدثت مع مجموعة من السكان ومرتادي الأماكن العامة، وتحفظوا جميعا على ذكر أسمائهم، واكتفوا بالترميز الحرفي للتعريف عن أنفسهم، أو بالأسماء الأولى.
في حجة (أقصى شمال غربي اليمن والمحاذية للسعودية)، نالت المحافظة نصيبها الأوفر من جرائم الميليشيات: «لم تترك الجماعة منزلا إلا وأدخلت إليه الأحزان» طبقا لما يقوله (محمد. ح) وهو أحد أبناء منطقة بني موهب التابعة لمديرية كحلان عفار.
يؤكد محمد (42 عاما) ويعمل سائق أجرة، أن الميليشيات الحوثية عملت على استقطاب العشرات من أبناء المنطقة للزج بهم في صفوفها، ويضيف: «في أغلب المنازل لا تخلو الجدران من صورة قتيل أو قتيلين، ممن دفعت بهم الجماعة إلى محارق الموت».
وحينما سألته «الشرق الأوسط» عن عدد الضحايا الذين سقطوا من أبناء منطقته، يرد محمد بالقول: «لا أستطيع أن أحصي عدد القتلى؛ لكني أؤكد لك مقتل نحو سبعة أشخاص على الأقل من كل قرية من قرى عزلة بني موهب (في محافظة حجة)، إذ لا تكاد تجد مقيلا إلا وصور القتلى تعتلي جدرانه ممن دفعتهم الميليشيات إلى الموت العبثي في صفوفها»، مضيفا: «استغلت الجماعة حالة البطالة لدى الشباب، ودفعت بهم في البداية إلى دوراتها الطائفية؛ حيث تخفيهم في أماكن مجهولة لمدد تتراوح بين أسبوع وأسبوعين، وفي بعض الحالات قد تمتد لمدة شهر، وهناك تخضعهم لعملية غسيل للأفكار، وعملية تعبئة طائفية جديدة، تجعل منهم أتباعها لا يرون شيئا غير زعيم الجماعة وسلالته».
ولم يكن محمد في معزل عن الجائحة الحوثية وخطرها على أقاربه وأبنائه، لذلك فضل الهرب من منطقته إلى صنعاء؛ خشية أن يتم استقطاب نجله الأكبر المتخرج حديثا من الثانوية العامة. ويقول: «ابني الأكبر هو كل ما لدي في هذه الدنيا مع إخوانه، ولا يمكن أن أراه وقد عاد إليّ جثة هامدة وهو يقاتل في صفوف الجماعة، لذلك بحثت له عن عمل مع أحد أصدقائي في بقالة، في أحد أحياء صنعاء لكي أبعده عن شبح الاستقطاب الحوثي».
أما في مديرية الشاهل بمحافظة حجة نفسها، فإن الحصيلة على صعيد أعداد القتلى أكبر بكثير، طبقا لما يؤكده «سليم. ش» وهو أحد أبناء المديرية الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في إطار تتبعها لقصص التجنيد الحوثية وعمليات الاستقطاب.
منذ أن أطلقت الجماعة الحوثية شرارة الحرب المجنونة في كل الاتجاهات، كان نصيب مديرية الشاهل وافرا من شبابها الذين قضوا في خنادق الموت وجبهات القتال، سواء من المنتمين إلى العائلات التي تزعم انتماءها إلى السلالة الحوثية، ومن بقية فئات المجتمع، وفي مقدمهم أبناء القبائل والطبقات المهمشة.
قتل شقيق سليم في جبهة ميدي، منذ عامين، وتلاه شقيقه الآخر، بعد شهر فقط من انضمامه إلى أحد معسكرات الجماعة في منطقة «عبس»، بينما لا يزال شقيقه الثالث على قيد الحياة؛ لكنه - كما يقول سليم - مهدد في أي لحظة ليلقى المصير ذاته الذي لقيه شقيقاه.
ثلاث مقابر جديدة هي إجمالي الهدايا والهبات التي منحتها الجماعة الحوثية لأبناء مديرية الشاهل منذ بداية الانقلاب وحتى الآن - بحسب ما يؤكده سليم - وهذا يعني سقوط نحو ألفي شخص في معارك الجماعة العبثية من أبناء المديرية فقط، ممن استطاعت استقطابهم تحت شعاراتها الطائفية أو ممن دفعتهم ظروف الحياة ليكونوا ضحية لجنون الجماعة ونزواتها الرامية إلى إزهاق مزيد من أرواح اليمنيين، في سبيل أهدافها الطائفية في الحكم.
يحكي سليم عن قصة أخيه الثالث، الذي رفض الانصياع لتوسلات أمه بالبقاء إلى جوارها وعدم الانخراط في صفوف الجماعة، وعن مدى التأثير الذي تعرض له خلال الدروس الطائفية التي تعرض لها من التحاقه بالجماعة قبل نحو سبعة أشهر.
يقول سليم: «عاد قبل أيام من الجبهة ليشهد تشييع عدد من رفاقه الذين سقطوا في جبهة الساحل الغربي، بعد أيام كنا في المسجد لأداء صلاة الجمعة، لكني لم أجده عقب الصلاة، بحثت عنه في كل مكان دون جدوى، وأخيرا فكرت أنه يمكن أن يكون ذهب إلى المقبرة الحوثية التي أنشأتها الجماعة لقتلاها في حي الجراف شمال صنعاء، وبالفعل كان هناك، في حالة استغراق ورغبة شديدة تدفعه نحو الموت متأثرا بالأفكار التي تم تعبئته بها».
في مديرية مناخة الواقعة إلى الغرب من صنعاء، يؤكد أحد أعيان المنطقة الذين صادفتهم «الشرق الأوسط» في أحد مقاهي صنعاء، أن أكثر من 5 آلاف قتيل سقطوا في صفوف الجماعة من أبناء هذه المديرية منذ بداية الانقلاب.
(محمد. ن) قاض متقاعد يعتقد أن «عامل الجهل وانحسار رقعة التعليم، إضافة إلى عامل الفقر والبطالة، هي الأسباب الرئيسية التي أتاحت للجماعة الحوثية السيطرة على عقول كثير من الشبان والمراهقين، بعد أن أوهمتهم بأنها تقودهم إلى معركة وطنية مشروعة».
30 ألف ريال يمني - بحسب ما يؤكده محمد - هو المبلغ الشهري الذي تدفعه الجماعة للمقاتلين في صفوفها، (أقل من 70 دولار) وهو المبلغ ذاته الذي تدفعه الجماعة لأسرة القتيل لاحقا، عبر ما تسميه «مؤسسة الشهداء» التابعة لها، غير أنها في أغلب الأشهر تتنصل عن الدفع لهم بحجة عدم توفر الأموال لديها.
كثير أيضا من المنخرطين في صفوف الجماعة يؤوبون إلى رشدهم، إما بدافع الصدمة ومشاهدة مظاهر الثراء على قادة الجماعة، أو لجهة اكتشاف الدوافع الحقيقية للجماعة ذات البعد الطائفي والمذهبي، كما حدث مع «س. و» الذي فضل الانسحاب من جبهة نهم، شرق صنعاء، والعودة إلى العاصمة صنعاء ليعمل سائق أجرة على متن دراجة نارية.
بعد انسحابه من الجبهة، مكث - على حد روايته - ثلاثة أشهر، لا يعود إلى منزله خشية أن يداهمه عناصر الأمن الوقائي التابع للجماعة، من أجل اعتقاله وإجباره على تسليم السلاح الشخصي الذي منحته الجماعة له أثناء انضمامه إلى جبهات القتال.
ويجزم «س. و» في حديثه بأنه لم يتأثر بالأفكار الطائفية التي خضع لها خلال الدورة التثقيفية التي سبقت التحاقه بالجبهة؛ لأنه كان في الأساس غير مقتنع بسلوك الجماعة وفكرها؛ لكنه - كما يقول - كان يراهن على الراتب الذي سيحصل عليه نظير القتال معها.
وفي مطلع السنة الحالية، كانت الجماعة الحوثية - طبقا لمصادر أمنية وعسكرية – قد استقبلت أكثر من 10 آلاف شاب من خريجي الثانوية العامة في صنعاء وبقية المحافظات، ممن أوهمتهم بأنها ستلحقهم بالكليات العسكرية والأمنية الخاضعة لها، غير أنها لم تمهلهم سوى ثلاثة أشهر فقط قبل أن تدفع بهم إلى جبهات القتال، بحسب تأكيدات المصادر.
وفي هذا السياق يروي «ث. ع» لـ«الشرق الأوسط»، وهو أحد سكان العاصمة صنعاء، أن أحد أقاربه الذين التحقوا بالكلية الحربية، أملا في الحصول على الرتبة العسكرية والراتب الحوثي، لقي حتفه بعد أربعة أشهر فقط من تاريخ الالتحاق. ويقول: «كانت الجماعة الحوثية قد استحدثت معسكرات تدريب لها في الأرياف الغربية للعاصمة صنعاء، في مديريات مناخة وبني مطر والحيمة، في مناطق ذات تضاريس جبلية وفي بطون الأودية، خشية استهداف هذه المعسكرات من قبل طيران التحالف الداعم للشرعية، غير أن إحدى الضربات الجوية كانت أصابت أحد هذه المعسكرات، وأدت إلى مقتل عشرات من المجندين، ومن ضمنهم قريبه ونجل أحد جيرانه».
وفي الوقت الذي تتعدد فيه الحكايات والقصص عن عمليات الاستقطاب والتجنيد، تتشابه النهايات المأساوية مع اختلاف التفاصيل التي تسبق مقتل كثير من عناصر الجماعة، الذين يساقون إلى مصيرهم المحتوم، بناء على دافع الحصول على راتب أو لجهة التأثر بالأفكار الطائفية.
غير أن بعض العائلات والمناطق كانت هي الأكثر في دفع الضريبة من دماء أبنائها لمصلحة مشروع الجماعة، وفي سبيل تحقيق طموح زعيمها وقادة ميليشياته، كما هو الحال مع سكان بعض القرى في محافظة عمران، أو أتباع الجماعة في مديرية بني حشيش، أو في أوساط الأسر التي تدعي أنها تنتمي إلى سلالة الحوثي.
وبحسب بعض التقارير الحقوقية والشهادات التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، لقي أكثر من ثلثي الرجال في مديرية بني حشيش حتفهم، خلال معارك الجماعة في مختلف الجبهات، في حين لقي أكثر من 267 شخصا مصرعهم من عائلة السراجي، وسقط عدد قريب من هذا من عائلة الكبسي على سبيل المثال.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غروندبرغ يغادر صنعاء ويحض الحوثيين على خفض التصعيد وإطلاق المعتقلين

غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)
غروندبرغ لحظة وصوله إلى مطار صنعاء (أ.ف.ب)

حض المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قادة الجماعة الحوثية على خفض التصعيد المحلي والإقليمي وإطلاق المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً تصميمه على حماية التقدم المحرز في خريطة الطريق اليمنية التي تجمدت بعد تصعيد الجماعة البحري منذ نهاية 2023.

وجاءت تصريحات المبعوث غروندبرغ، الخميس، عقب اختتام زيارة إلى صنعاء هي الأولى له منذ منتصف 2023، وسط آمال أممية بأن تقود مساعيه إلى التوصل إلى إحلال السلام وطي صفحة الصراع المستمر منذ انقلاب الجماعة الحوثية على التوافق الوطني في سبتمبر (أيلول) 2014.

وقال غروندبرغ في بيان إنه أجرى مناقشات مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين لتجديد المشاركة في العملية السياسية، مع التركيز على معالجة التحديات واستكشاف إمكانيات تعزيز السلام في سياق المنطقة المعقد.

وأكد المبعوث الخاص غروندبرغ خلال اجتماعاتهِ مع قادة الحوثيين على أهمية خفض التصعيد الوطني والإقليمي لتعزيز بيئة مواتية للحوار. وحث -بحسب البيان- على ضرورة الاتفاق على إجراءات ملموسة لدفع الحوار إلى الأمام بعملية سياسية لتحقيق السلام والاستقرار المستدامين في جميع أنحاء اليمن.

المبعوث الأممي إلى اليمن بعد وصوله إلى صنعاء يستعد لاستقلال السيارة (رويترز)

كما سلطت المناقشات الضوء على أهمية اتخاذ تدابير لمعالجة التحديات الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية، وفي الوقت نفسه تعزيز الاستعدادات لوقف إطلاق النار، وهي مكونات أساسية لخريطة الطريق والتوصل إلى حل سياسي يلبي تطلعات اليمنيين.

وقال غروندبرغ: «أنا مصمِّم على حماية التقدم المحرز حتى الآن على خريطة الطريق والتركيز على آفاق السلام في اليمن».

وأوضح البيان أن المناقشات حول ملف المعتقلين المرتبطين بالصراع استندت إلى التقدم المحرز خلال المفاوضات التي عقدت في سلطنة عُمان في يوليو (تموز) 2024، حيث أكد المبعوث الخاص أن الملف حيوي لبناء الثقة بين الأطراف والمضي قدماً في تنفيذ الالتزامات السابقة.

وشدد على أهمية إعطاء الأولوية لهذه القضية الإنسانية كخطوة نحو تعزيز الثقة التي يمكن أن تساعد في تمكين اتفاقات أوسع نطاقاً وتظهر الالتزام بجهود السلام.

حماية المجتمع المدني

أفاد البيان الصادر عن مكتب غروندبرغ بأنه استهل زيارته إلى صنعاء بزيارة منزل عائلة أحد الموظفين في مكتبه كان الحوثيون اعتقلوه تعسفياً في يونيو (حزيران) 2024.

وأعرب المبعوث عن خالص تعاطفه ومواساته لما تكبدته عائلة الموظف في هذه الفترة العصيبة، عارضاً دعمه لهم. وأطلع غروندبرغ العائلة -بحسب البيان- على جهود الأمم المتحدة لإطلاق سراح جميع الموظفين المعتقلين تعسفياً. كما أعرب عن تضامنه مع عائلات المعتقلين الآخرين، مدركاً لمعاناتهم المشتركة والحاجة الملحة للإفراج عن أحبائهم.

سيارة أممية ضمن موكب المبعوث الأممي غروندبرغ في صنعاء (إ.ب.أ)

وفي جميع مناقشاته، أكد غروندبرغ أنه حث الحوثيين بشدة على إطلاق سراح الأفراد المعتقلين من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية فوراً ودون قيد أو شرط. وأكد أن الاعتقالات التعسفية غير مقبولة وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي.

وشدد غروندبرغ بالقول «يتعين علينا حماية دور المجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني. فهم يقدمون مساهمات حيوية لتحقيق السلام وإعادة بناء اليمن».

وقبل زيارة صنعاء كان المبعوث اختتم نقاشات في مسقط مع مسؤولين عمانيين، ومع محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

أجندة الزيارة

في بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (إ.ب.أ)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحمّل مجلس القيادة الرئاسي اليمني الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».