مساري لـ«الشرق الأوسط»: أتمسّك بأحلامي... وأنا من دون والدي طير بلا أجنحة

المغني العالمي يحيي حفل ملكة جمال لبنان في سبتمبر 2018

مساري غادر لبنان وهو في العاشرة من عمره متمسكا بأحلامه الفنية
مساري غادر لبنان وهو في العاشرة من عمره متمسكا بأحلامه الفنية
TT

مساري لـ«الشرق الأوسط»: أتمسّك بأحلامي... وأنا من دون والدي طير بلا أجنحة

مساري غادر لبنان وهو في العاشرة من عمره متمسكا بأحلامه الفنية
مساري غادر لبنان وهو في العاشرة من عمره متمسكا بأحلامه الفنية

إذا ما بحثت عن المغنّي العالمي اللبناني الأصل مساري، في مرجع ويكيبيديا العالمي أو في أي موقع إلكتروني آخر، ستكتشف أخباره ونبذة عن حياته بكل لغات العالم. فهذا الطّفل الذي هاجر إلى كندا مع أهله وهو في العاشرة من عمره، غب من الشهرة ما جعله اليوم على كل شفة ولسان. فأخباره يتّبعها الملايين في كافة أنحاء العالم، مهما اختلفت جنسياتهم ولغاتهم.
«أكن الاحترام لجميع النّاس ولا يسعني أن أفرّق بين فقير ومحتاج وطبيب غني أو رجل أعمال ثري. فجميعهم بنظري متساوون بالإنسانية، كما أحبّ إعطاء الفرص لمن يحتاجني، فالذّكاء لا يفرّق بين فقير وغني فأسانده من دون تردد». بهذه الكلمات الموجزة يعبّر مغني الـ«بوب» و«آر أند بي» مساري عن مبادئه في الحياة. فهو كما ذكر لنا ذاق الأمرين خلال هجرته إلى كندا عندما ترك بلده الأم لبنان بسبب الحرب الدائرة على أرضه. وهذه المرحلة التي حورب فيها وتلقّى الضربات خلالها من أقرب الناس إليه، زادته صلابة فتعلّم منها الكثير وجعلت منه شخصاً يحقّق أحلامه مهما كانت صعبة. «أتمسك دائما بأحلامي. وعندما تركت لبنان كان الفن والغناء هاجسي. جاهدت مع أصدقاء لي لإيصال الفن الذي أجيده. وفي كل مرّة كنت أواجه أو أحارب من قبل أحدهم، أتشبث أكثر بحلمي إلى أن فتحت الأبواب بوجهي ووصلت إلى ما أنا عليه اليوم». ما هي الصّعوبات التي واجهتك في بداياتك؟ «واجهتني صعوبات كثيرة من بينها وضع العصي في طريقي من قبل لبنانيين أمثالي انزعجوا من موهبتي فأرادوا تحجيمي وقطع الطريق علي للوصول إلى أي شركة إنتاج. كما أنّ النّظرة التي كان يكنها لنا الغرب بصفتنا عربا تطلبت مني الجهد، فاستخدمت لغة الموسيقى لأقول إنّنا على لائحة الإنسانية ولدينا حضارتنا. ولذلك كان هدفي منذ البداية تعريفهم إلى الموسيقى الشّرقية التي لوّنت بها أعمالي الغنائية فأعجبوا بها وصاروا يتبعونها هم أيضا في أعمالهم الموسيقية».
وماذا يعني لك لبنان؟ يرد بحماس: «لبنان هو بلدي الأم الذي يشعرني بالحب في كل مرة أزوره، فهو يسكنني ويسري حبه في دمي فلم أحاول يوما نسيانه أو التنصل منه بأي لحظة وأي ظرف، فأنا أفتخر بلبنانيتي وعلى «رأس السطح». يتحدث مساري اللبنانية بطلاقة رغم إقامته منذ صغره في كندا ومن بعدها في أميركا. وأحيانا كثيرة عندما يفلت منه مصطلح ما بالعربية لا يتوانى عن التوقف عن الكلام ليتذكره ويعود ليكمل حديثه بكل ثقة بالنفس. «لدي مشاريع كثيرة أحلم في تحقيقها على أرض لبنان وبمشاركة نجوم من بلادي والعالم العربي. فلطالما واكبت الساحة الفنية اللبنانية والعربية وتابعت أعمال فنانين شباب أكنّ إعجابا كبيراً لهم أمثال جوزيف عطية وناصيف زيتون وأدهم نابلسي، إضافة إلى جيل آخر من الفنانين الذين أضاءوا بأعمالهم الفنية على لبنان السّلام والثقافة. فهناك راغب علامة الذي تربطني به علاقة قرابة من ناحية والدتي واعتبره أسطورة غناء من لبنان. وكذلك عاصي الحلاني ونوال الزغبي وإليسا التي أبارك لتعافيها من المرض إضافة إلى وائل كفوري فهو شخص محترم وأنا معجب كثيراً بأغانيه وبصوته». ولكن ماذا يربطك بمايا دياب؟ فهل تحضّران لعمل فنّي سويا؟ «لم يحن الوقت لأتحدث عن هذا الموضوع حالياً، ولكن انتظروا مني مفاجآت كثيرة على الساحة الفنية في لبنان».
لا تقتصر أحلام مساري الذي أطلق مؤخرا ألبومه الغنائي الثالث «تيون إن» ويحقق نجاحاً كبيراً في العالم على المجال الفني. فهو عندما يحدثك عن لبنان تشعر وكأنّه انتقل إلى عالم ساحر وجميل لا يتعب من التكلم عنه والتباهي والتفاخر به. «ما أن أصل لبنان ألهث وراء منقوشة الصعتر فألتهمها بنهم لأنّها تذكرني بطفولتي وكذلك طبق حلوى الكنافة بالجبن. فخلال هجرتي إلى الخارج كنت أحلم برائحتهما تتسلل إلى أنفي».
وماذا عن أحلامك غير الفنية التي ترغب في تحقيقها في لبنان؟ «هي كثيرة ولكنّني سأسر لك بواحد منها ألا وهو إنشاء دار أيتام يكون بمثابة مساحة أمل لأطفال عانوا من فقدان أهاليهم وقد يطال بلدانا عربية أخرى. فأتولاه شخصيا وأقف على تعليمهم وتأمين سقف لهم يوفر عليهم التشرد والعذاب».
جميع من يعرف مساري والمقربون منه يحدثونك عن شخصيته القوية وحبه لمساعدة الغير واحترامه للجميع، ولا بدّ أن تلمس تواضعه وشفافيته عندما تتحدث معه. «لقد سرت بين الأشواك وشققت طريقي بصعوبة حتى أنّني مررت بمرحلة الفقر وعانينا كعائلة الأمرين ماديا. وكانت مناسبات الأعياد الأصعب علي لافتقادي الهدايا كغيري من الأولاد. فوالدي مهندس معماري كان يزاول مهنته في لبنان حيث كنا نعيش بمستوى اجتماعي جيد. ولكن عندما غادرنا إلى كندا هربا من الحرب لم يعترفوا هناك بشهادته اللبنانية، فعاكستنا الأيام وكانت فرحتنا الوحيدة في تلك الآونة هو أنّنا نعيش بعيدا عن الحرب ووابل الرصاص والقذائف».
في ألبومه الجديد (تيون إن) يطلّ علينا مساري كعادته في أعمال من ألحانه وتأليفه، يشاركه في غنائها نجوم غناء عالميين أمثال أفروجاك وبيني مان وشاغي. «منذ بداياتي اتبعت غنائي الثنائي مع نجوم عالميين فأنا أحترمهم جميعا وأشكرهم على تعاونهم معي. فمع أشخاص أمثال النجوم الذين ذكرتهم أوصلت النغمة الشرقية إلى أكبر عدد من الناس في كندا وأميركا وجامايكا وغيرها من البلدان. فالتعاون مع نجم آخر هو برأيي إضافة للفنان حتى لو أنّ المساحة المتاحة لي للغناء معهم هي قصيرة فالأمر لا يزعجني. فزئير الأسد لا يمكن أن يتحوّل إلى سليل غزال إذا ما تشارك الغناء مع أسد آخر. فأنا أجتهد دائما لتقديم الجديد واستطعت مع اللون الغنائي الخاص بي ابتكار أسلوب فني جمع ما بين الشرق والغرب. وهو الأمر الذي أحدث ضجة في بلاد الغرب ولفت أنظار أكبر شركات الإنتاج فبدأنا معاً صفحة فنية جديدة لا تشبه قبلها».
مساري الذي اختار محمد عساف الحائز على لقب «محبوب العرب» (أراب أيدول) ليقدم معه ثنائيا غنائيا بعنوان «roll with it» يؤكد أنّه تعلم من الصواب والخطأ اللذين مرّ بهما، ويقول في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أتعلم من أخطائي دائما ولا أحاول تبريرها فأنا من يقوم بصناعة أغنياتي من الألف إلى الياء وإذا ما وقعت بخطأ ما فأنا وحدي من سيكون المسؤول عنه وأتّخذ منه درساً لي. ولكن حتى اليوم والحمد الله لم أقع في المحظور أو في فشل ما وهو ما أعتبره نعمة تفضل بها علي رب العالمين».
ولكن برأيك لماذا سياسة الديو بين فنانينا في لبنان نادرة؟ «لا أعلم ربما هم بحاجة إلى الجرأة والتمتع بحب التعاون، فبرأيي في الاتحاد قوة. وربما يتغير الوضع مع الوقت وقد أنجح في كسره قريبا من خلال مشروع كبير أعمل على إنجازه. فعندما غنيت مع الآخرين لم أفكر ما إذا كنت الأفضل أو العكس كل ما أردته هو التعاون مع الآخر ليس أكثر وتغيير الفكرة السيئة التي كان يكونها الغرب عن العرب».
رغم أنّ مساري عبود (الاسم الحقيقي لمساري) يعيش اليوم في عين الغرب (يقيم في أميركا)، بعد أن تأقلم مع عاداته وتقاليده إلّا أنّه يرفض رفضاً تاماً الانزلاق إلى سيئات المهنة ويقول: «لدي خطوط حمراء لا أقبل تجاوزها مهما كلفني الأمر. فأنا لبناني أبا عن جد وأفتخر بمبادئي فأبتعد عن الشّر وأغني له، ومن لا يريد أن يشاركني في هذا النوع من الحياة يمكنه أن يتحاشاني. فهناك أشياء لا أتقبّلها في هذا المجال وأنا بعيد عنها بحيث أرفض أن أوضع في موقف ما قد يحرج عائلتي وبلدي لبنان فلدي مسؤوليتي في هذا الموضوع أمام جمهوري. ومن يريد بينهم أن يقلّدني يوما ما، فهو سيكون على الطريق الصحيح وليس العكس».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».