«بيت الفنان حمانا» يطفئ شمعته الأولى ضمن برنامج موسيقي منوع

جبران خليل جبران سيكون حاضراً فيه

المطرب اللبناني عبد الكريم الشعار  -  مغنية الكونترالتو فاديا طنب
المطرب اللبناني عبد الكريم الشعار - مغنية الكونترالتو فاديا طنب
TT

«بيت الفنان حمانا» يطفئ شمعته الأولى ضمن برنامج موسيقي منوع

المطرب اللبناني عبد الكريم الشعار  -  مغنية الكونترالتو فاديا طنب
المطرب اللبناني عبد الكريم الشعار - مغنية الكونترالتو فاديا طنب

يطفئ «بيت الفنان حمانا» شمعته الأولى بعد مرور عام على تأسيسه، وذلك ضمن برنامج فني غني بحفلات موسيقية وغنائية في 3 و4 أغسطس (آب) الحالي. ويشارك في العيد الأول له كل من فاديا طنب، والفنانة البرتغالية لورا، إضافة إلى عبد الكريم الشعار الذي سيصدح صوته بأغانٍ لناظم الغزالي.
«برنامجنا غني، حيث يلبي أذواق محبي الفنون على أنواعها»، تقول جوليانا عرب إحدى المسؤولات في هذا المركز الفني الذي تم تأسيسه بدعم من دكتور روبير عيد في عام 2017. وتضيف «لدينا نشاطات كثيرة تصب في خانة الفنون تغطي طيلة أيام السنة، وتتميز بفتح أبوابها مجاناً أمام الجميع في مبادرة لتشجيع اللبنانيين على المشاركة بها والتعرف إلى نجومها».
وتفتتح مغنية الكونترالتو فاديا طنب هذه المناسبة بحفل غنائي تكرّم فيه جبران خليل جبران، ويرافقها 30 موسيقياً بمشاركة جوقة جامعة سيدة اللويزة بإدارة الأب خليل رحمة. وتؤدي طنب في هذا العرض الغنائي، الذي سبق وقدمته في مدينة مونتريال الكندية، قطعاً موسيقية كلاسيكية لنصوص جبرانية معروفة كـ«يا بني أمي» و«المحبة»، إضافة إلى أخرى سبق وقدمت في عمل مسرحي يحكي عن جبران بعنوان «لوحة عمر». واختارت منها نصوصاً كتبها الشاعر والنحات رودي رحمة بالعامية بعد أن استوحاها من أدب جبران خليل جبران ولوحاته التشكيلية، وهي من ألحان إياد كنعان.
وتقدم أيضاً أغنية «أعطني الناي وغني» التي لحنها الراحل نجيب حنكش لفيروز. ومن النصوص الأخرى التي ستؤديها غنائياً في هذا الحفل كتابات للشاعر هنري زغيب استوحاها من كتاب «يسوع ابن الإنسان» لجبران بعد أن حوّل بعضاً من مقاطعه إلى العامية تحكي عن «المجدلية». وتقول طنب في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «سأقدم بالإيطالية أغنية من نص لجبران يحمل عنوان (نشيد الحرية)، وهو من تلحين سالفاتوري شينالدي، في حين اخترت (قطعة موسيقى)، وهي كناية عن نص أدبي لجبران خليل جبران لحنه جوزف خليفة». ويستغرق حفل طنب نحو 90 دقيقة تتخلله استراحة قصيرة، وهو كما غيره مفتوح أمام الجميع مجاناً.
وفي الأمسية الثانية الخاصة باحتفالات الذكرى الأولى لتأسيس «بيت الفنان حمانا» تطل الفنانة البرتغالية لورا لتقدم مجموعة من أغانيها الشهيرة والمعروفة في بلدها الأم. فتقدم لوحات بإيقاعاتها وألحانها المستوحاة من أنغام ورقصات الباتوا والكوكان التقليدية الذائعة الصيت في البرتغال. وتضفي لورا على هذا الغناء التراثي طابعاً معاصراً وعالمياً، وتعبر من خلال كلماتها عن تاريخ الموسيقى الشعبية في الأرخبيل وعن حضارة وشعب جزر الرأس الأخضر الذي تنتمي إليه.
«لقد اخترنا هذه المغنية بالذات في إطار تطوير وتنمية العلاقات الثقافية بين لبنان والبرتغال. فمركزنا الفني هذا يعتمد على تبادل العلاقات الفنية مع عدد من دول العالم، وبينها سويسرا، وإسبانيا، وباريس، وبلجيكا وغيرها» توضح جوليان عرب في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط». وتؤكد من ناحية ثانية أن «بيت الفنان حمانا» استقبل طيلة أيام عامه الأول فنانين أجانب من تشكيليين وراقصين وشعراء وغيرهم فأقاموا فيه. فاستضافة فنانين أجانب وعرب وإقامتهم في هذا البيت تأتي من ضمن أهدافه الأولية لتبادل الحضارات وترسيخها بين لبنان والبلد الضيف. وكذلك، شهد نشاطات ثقافية كثيرة من معارض وحفلات موسيقية وعروض فنية.
«لقد استضفنا 15 فناناً ضمن برنامج (فنانين في المنفى) الذي نقيمه بالشراكة مع إسطنبول وباريس وبلجيكا بدعم من وزارة الخارجية الفرنسية. كما استضفنا الكاتب المغربي طه عدنان فأنهى عملاً مسرحياً كان بصدد تأليفه. وكذلك الأديبة رشا الأمين، والفنانة دانيا نعوس، والروسي ألكسندر بوليكوفيتش، والفنان الوثائقي كريم هارون الذي تمكن من كتابة نص سينمائي وثائقي خلال إقامته عندنا. فأجواء بلدة حمانا تساعد على الابتكار، ولا سيما أن البيت مجهز بشكل يستفيد منه الفنان، إن بورش عمل، أو بإقامة بروفات وتدريبات، وكذلك في كتابة نصوص مسرحية وسينمائية». وفي برنامج «مر» يخصص هذا المركز مساحات لفنانين سوريين موجودين حالياً في لبنان.
ومن بين الفنانين الذي يستقبلهم هذا المركز الثقافي الواقع في قلب بلدة حمانا اللبنانية، دانيا حمود (اختصاصية رقص وأداء) وفنان آخر من جنوب أفريقيا. وتأتي استضافتهما من ضمن التعاون الحاصل ما بين البيت المذكور ومجلس الفنون السويسري. في حين سيفتح أبوابه أيضاً ولمدة 6 أسابيع متتالية وضمن تبادل الثقافات بين لبنان وإسبانيا لـ4 فنانين من هناك يقابلهم فنانون لبنانيون سيقيمون في إسبانيا ضمن مبادرة يقدمها مركز «ماتاديرو» الإسباني للثقافة والفن. كما يستضيف أيضاً فنانين غرافيكيين أمثال جنى طرابلسي، وديفيد حبشي، ورامي مكرزل المعروف بفن رسم الخط العربي. ويتعاون «بيت الفنان حمانا» مع السفارة الإسبانية في بيروت ووزارة الخارجية الفرنسية بحيث يدعمان ويمولان مشروعاته بشكل عام.
وفي 11 أغسطس الحالي سيكون اللبنانيون على موعد مع المطرب عبد الكريم الشعار الذي يحيي حفلة غنائية يكرم فيها الفنان العراقي ناظم الغزالي، مؤدياً أجمل أغانيه من قدود حلبية ومواويل عراقية، وغيرها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».