ترمب محذراً روحاني: لا تهدد الولايات المتحدة ثانية أبداً

بومبيو شبه النظام الإيراني بـ{عصابة مافيا» وتوعد بملاحقة قادة «الحرس الثوري»

بومبيو يلقي خطاباً حول إيران في مكتبة رونالد ريغان  بلوس أنجليس مساء أول من أمس (موقع الخارجية الأميركية)
بومبيو يلقي خطاباً حول إيران في مكتبة رونالد ريغان بلوس أنجليس مساء أول من أمس (موقع الخارجية الأميركية)
TT

ترمب محذراً روحاني: لا تهدد الولايات المتحدة ثانية أبداً

بومبيو يلقي خطاباً حول إيران في مكتبة رونالد ريغان  بلوس أنجليس مساء أول من أمس (موقع الخارجية الأميركية)
بومبيو يلقي خطاباً حول إيران في مكتبة رونالد ريغان بلوس أنجليس مساء أول من أمس (موقع الخارجية الأميركية)

وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، تحذيرا شديد اللهجة إلى نظيره الإيراني حسن روحاني وطالبه بألا يعود لتهديد الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا واجه عواقب وخيمة. فيما اعتبر وزير الخارجية مايكل بومبيو النظام الإيراني «فاسداً ويتعامل كالعصابات تحديداً»، مشبهاً إياه بـ«عصابة المافيا» وتوعد بتشديد الخناق على طهران وقادة «الحرس الثوري» وعلى رأسهم قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني منتقدا طهران على إنفاق إيرادات النفط على حروب بالوكالة بينما يواجه ضغوطا معيشية بسبب تدهور الوضع الاقتصادي.
وجاء تحذير ترمب عبر تغريدة في شبكة «تويتر» ردا على تهديد الرئيس الإيراني حسن روحاني أول من أمس وقال فيها بأنه على الولايات المتحدة أن تتجنب تحريض الإيرانيين كما لوح بغلق المضايق البحرية من بينها مضيق هرمز ضد خطوة واشنطن لتصفير صادرات النفط الإيرانية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل مشير إلى أن «الحرب مع إيران ستكون أم المعارك». وقال في تغريدته كتبها بأحرف كبيرة «إلى الرئيس الإيراني روحاني: لا تهدد أبدا الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا ستتكبد عواقب لم يشهد مثيلها سوى قلة عبر التاريخ، نحن لم نعد البلد الذي سيقف أمام كلماتك التي تتوعد بالعنف والموت كن حذرا».
قبل ترمب بساعات قليلة، وقف وزير الخارجية مايك بومبيو بمكتبة رونالد ريجان بكاليفورنيا وألقى خطابا تحت عنوان «دعم الأصوات الشعبية الإيرانية المناهضة للنظام».
وقد اختبار بومبيو ولاية كاليفورنيا لأنها تضم أكبر جالية إيرانية في الولايات المتحدة حيث يوجد بها ربع مليون أميركي من أصل إيراني. على مدى نصف ساعة وجه انتقادات إلى النظام الإيراني وقال بأن المسؤولين الإيرانيين يتعاملون كعصابات المافيا وقال بأن النظام الحالي «كابوس على الشعب الإيراني الذي يواصل الاحتجاجات والمظاهرات في المدن الإيرانية، بسبب سوء الحالة الاقتصادية في البلاد، وقمع النظام». وقال أيضاً إن الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف «مجرد واجهتين براقتين على الصعيد الدولي لنظام الملالي الخداع»، لافتا إلى أن «الأمر يعود للإيرانيين لتحديد مسار بلادهم وأميركا ستدعم صوت الشعب الإيراني الذي تم تجاهله لفترة طويلة».
وقال بومبيو بأن الولايات المتحدة ليست خائفة من أن تفرض عقوبات تستهدف النظام الإيراني على أعلى مستوى، معتبراً أن النظام الإيراني «كابوس للشعب الإيراني»، وأقرب لـ«عصابة المافيا» منه للحكومة.
وهدد بومبيو من أن الولايات المتحدة لن تتردد في فرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي أعلنت عنها سابقاً بحق الشركات أو الدول المخالفة، متأملاً أن تخفّض كل دول العالم وارداتها من النفط الإيراني إلى أقرب نقطة ممكنة من الصفر، وذلك بحلول الرابع من نوفمبر، وإلا فإن سيناريو العقوبة سيفرض عليهم. وأضاف: تدين الولايات المتحدة القمع المفروض على الشعب الإيراني من قبل أولئك الذين يحكمون ظلماً، وعلى رأسهم «الحرس الثوري» و«فیلق القدس» وشخص قاسم سلیماني، «العواقب المؤلمة لأفعالهم» مطالبا جميع الدول المستاءة من سلوك إيران المخرب بالانضمام إلى حملة الإدارة الأميركية.
وانتقد بومبيو النظام الإيراني على عدم إنفاق إيرادات النفط لتحسين الوضع المعيشي للإيرانيين بعد التوصل للاتفاق النووي لافتا إلى أن طهران «منحت الإيرادات للإرهابيين والطغاة وعناصر الميليشيات في حروب الوكالة».
وأشار بومبيو إلى أنه في الوقت نفسه يحاول نظام إيران إقناع أوروبا بالبقاء في الاتفاق النووي، فهم يخططون سراً لشن هجمات إرهابية في قلب أوروبا، لافتاً إلى أن آيديولوجية النظام الإيراني دفعت بالكثير من الإيرانيين إلى الغضب، «لأنهم لا يستطيعون وصف وطنهم بأنه بلد طبيعي».
وأعرب بومبيو عن ثقته بأن الشعب الإيراني سيأخذ مقاليد الأمور في إيران في المستقبل القريب، وأضاف «نحن لا نعرف اللحظة المناسبة ولا اليوم الذي سيتغير فيه سلوك النظام لكننا نعرف الأشياء التي يتعين على العالم القيام بها حينما يأتي الوقت المناسب وحينما تأتي اللحظة المناسبة وتزداد فرصة تحقيق هذه الفرصة».
ورغم أن بومبيو أعلن استعداد إدارة ترمب إجراء محادثات مباشرة مع الحكومة الإيرانية إذا توقفت عن قمع المعارضين والأقليات الدينية وتوقفت عن دعم الجماعات المتطرفة والإرهابية في المنطقة إلا أن مجمل خطابه ورؤيته التي طرحها تشير إلى أن بومبيو يرى أن فرص تغير السلوك الإيراني غير واردة على الإطلاق.
وشدد بومبيو على أن «واشنطن لن تخشى فضح انتهاكات حقوق الإنسان ودعم الإيرانيين». وتعهد بمواصلة واشنطن الإعراب عن قلقها حيال «انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان الإيراني، في الأمم المتحدة وحلفائنا الذين تربطنا معهم علاقات دبلوماسية».
وبين بومبيو أن رفع الضغوط على النظام الإيراني مرتهن بتغيير النظام، وانعكاس ذلك عملياً على سياساته في الواقع، إذ أنه نظام عازم على تصدير الثورة حتى لو كان ذلك بالقوة، متهماً النظام بتعمد إساءة معاملة الأقليات الدينية وتعامل النظام الإيراني مع المظاهرات على أراضيه مؤخرا يعكس عقيدته المبنية على عدم التسامح، التي تدينها الولايات المتحدة الأميركية.
وتطرق بومبيو في أجزاء من خطابه إلى الأوضاع الاقتصادية للمواطن الإيراني وقال في هذا الشأن إنه «بفضل الدعم المالي للنظام، الدخل الشهري لمقاتل في حزب الله ضعفان أو ثلاثة أضعاف رجل الإطفاء في طهران. سوء الإدارة تسبب في انهيار قيمة الريال. ثلث الشباب الإيراني عاطل عن العمل وثلث الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر في حين يحرص قادة النظام إلى زيادة ثرواتهم، فقد وصلت ثروة آية الله علي خامنئي إلى 95 مليار دولار»... كما سخر من انتشار الفساد في إيران قائلا «الاقتصاد الإيراني ممتاز لكن فقط عندما تكونون من الخواص السياسيين».
وأعلنت الخارجية الأميركية عن زيادة بث موادها وبياناتها باللغة الفارسية في خطوة تهدف إلى دعم الشعب الإيراني في مواجهة الرقابة التي تفرضها الحكومة الإيرانية على الإنترنت إضافة إلى إنشاء قناة تلفزيونية على مدار الساعة ومحطة راديو ومواقع رقمية واجتماعية حتى يعرف الإيرانيون داخل إيران وحول العالم أن الولايات المتحدة تقف معهم. ورجح المحللون أن هذه الخطوة من المرجح أن تثير المزيد من الاضطرابات ضد الحكومة الإيرانية.


مقالات ذات صلة

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ رسم توضيحي لجلسة محاكمة ترمب، في نيويورك 7 مايو 2024 (رويترز)

المحكمة العليا ترفض طلب ترمب تعليق نطق الحكم بحقه في نيويورك

رفضت المحكمة العليا الأميركية الخميس محاولة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في اللحظة الأخيرة وقف نطق الحكم بحقه في قضية شراء سكوت ممثلة الأفلام الإباحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (حساب كوستا عبر منصة «إكس»)

الاتحاد الأوروبي رداً على ترمب: «نحن أقوى معاً»

شدّد رئيس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على أنّ الولايات المتحدة وأوروبا «هما أقوى معاً».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال جنازة الرئيس الراحل جيمي كارتر (أ.ب)

المحكمة العليا الأميركية تنظر طلب ترمب تأجيل الحكم في قضية «شراء الصمت»

رفضت محكمة الاستئناف في نيويورك طلب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تأجيل النطق بالحكم بشأن إدانته بتهم جنائية تتعلق بدفع أموال لشراء صمت ممثلة إباحية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الولايات المتحدة​ ترمب يتحدث وبجانبه السيناتور الجمهوري جون باراسو بعد اجتماع مع المشرعين الجمهوريين بمبنى الكابيتول في 8 يناير (رويترز)

ترمب بـ«الكابيتول» منفتحاً على خيارات جمهورية لتحقيق أولوياته

عبّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عن انفتاحه على استراتيجيات مختلفة لإقرار أولوياته التشريعية، داعياً الجمهوريين إلى تجاوز خلافاتهم حول الحدود والطاقة.

علي بردى (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟